4- لا اصدق

1.1K 29 2
                                    

4- لا اصدق

الانسة كيت لم تنم تلك الليلة ، كان بودها ان تنام كي ترتاح اثر يوم حافل بالمفاجآت غير السارة ، فلم تستطع ، فالهواجس المقلقة والحشرات المزعجة التي تكثر في المناطق الإستوائية اثناء الليل ، والجو الساخن والمشبع بالرطوبة ، تآلفت فيما بينها وتكتلت ضدها لتجعل ليلتها جحيما لا يطاق ، وهكذا امضت الليل وكأنها تخوض معركة ضارية ضد الأرق والقلق دون ان تلوح في الأفق اية بادرة أمل في الإنتصار ،وهي تتلوى ، وتتاوه ، وتتقلب في سريرها من ضراوة المعركة الجارية ، ولم يغمض لها جفن إلا بعدما أعياها التعب والإرهاق مع إقتراب بزوغ الفجر.

والجدير بالذكر انه لم يسبق للانسة كيت ان شعرت بمثل ما تشعر به الآن من حزن وأسى وقلق ورعب ، رغم التجارب القاسية ، وما أكثرها ، التي مرت بها حتى الان ، ولعل ذلك يعود الى خطورة القضيةالتي كشف لها معظم ملابساتها وخيوطها السيد ولت ، وما ادراك ما يجوز أن تجره على العائلة بأسرها من ويلات ومصائب إذا صحت رواية السيد والت عنها ، ومع ذلك كانت تميل الى الإعتقاد بأن القصة لفّقها والت ونسج خيوطها من وحي خياله بقصد الإبتزاز.عندما إستيقظت كانت تشعر نفسها رازحة تحت وطأة الهموم ، وفكرت بأن الشخص الوحيد الذي يمكنه إراحة ضميرها من كافة الهموم التي تخامرها وتنغص حياتها هو والدها ، وحده والدها ، إذا وافق على إزاحة الستار عن خفايا وخبايا الحادث الذي أودى بحياة ليلي ، يؤكد أو يدحض صحة الرواية التي حكاها لها والت عن ذلك الحادث المشؤوم ، وقررت بالفعل مفاتحة والدها بالموضوع والإلحاح عليه حتى يعترف لها بالحقيقة ، إلا أنها غيّرت رأيها وأجّلت ذلك لمناسبة اخرى ، فقد كان والدها مسرورا عندما جاء يودعها ويطبع على جبينها قبلة حنونة قبل ذهابه الى العمل ، فعدلت عن مفاتحته بموضوع خطير كهذا لئلا تعكر عليه صفاء هذا النهار.

وما ان خرج والدها من المنزل حتى بدأت تفكر بما عساها تفعله اليوم لإلهاء نفسها عن الهموم والظنون التي تخامرها من مجرد التفكير بما جرى بينها وبين والت ليلة أمس ، وبعد قليل إستقر رأيها على الخروج من البيت والذهاب الى الشاطىء حيث يمكنها القيام برحلة بحرية على متن يخت العائلة.

إلا انها تريثت في الخروج وهي تفكر بالأسباب التي جعلت والدها ، في المدة الخيرة ، يلجأ الى تقتير نفقات المعيشة الى حد التقشف ، فتصورت ان والدها إنما الجأ الى تخفيض نفقات المعيشة كي يتمكن من دفع بعض المال للسيد والت ليشتري به سكوته عن تورطه في الحادث الذي تعرضت له ليلي ، وتساءلت : هل يحاول والت إبتزاز المال من والدي بطريق التهديد أوالتشهير به؟

ربما ، ولكن يجب معرفة الحقيقة قبل إتهامه بممارسة عملية الإبتزاز ، ومن ثم التصدي له لإيقافه عند حده.والحقيقة أن معرفة ما إذا كان السيد والت يمارس عملية إبتزاز المال من والدها بسيطة جدا ، إذ يكفي مراجعة دفاتر شيكاته لمعرفة الخبر اليقين ، وهكذا سارعت الى خزانته ففتحتها وبدأت تفتش عن تلك الدفاتر ، فلم تجدها هنا وإنما وجدتها موضوعة في احد أدراج مكتبه ن وراحت تقلب كل أرومة من ارومات تلك الشيكات المحررة والمسحوبة ، وتدقق في المبالغ المسحوبة وأسماء الأشخاص المدفوعة لأمرهم لغاية ان إنتهت .

 قبل أن ترحل { روايات عبير }  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن