6- أين تذهبين؟

1K 28 2
                                    

6- أين تذهبين؟

فور وصولها الى البيت من تلك الرحلة الرائعة ، كانت بإنتظار كيت برقية من السيد بارت بنسون ، رئيس إحدى المؤسسات الكبرى في لندن ،وهي شركة مشهورة بإتصالاتها الواسعة مع أرباب العمل وطلاب الوظيفة في مختلف مجالات العمل ، لا سيما عالم الأزياء ، ورسالة من عمتها رينا في لندن حيث تقيم والدتها منذ سفرها لإجراء عملية جراحية حساسة في عينها اليمنى.

برقية السيد بنسون تضمّنت ثلاثة عروض مغرية للغاية ، وتترك لها الحرية المطلقة لأختيار العرض الذي يناسبها ، وتطلب منها الإجابة برقيا ، مع توضيح العرض المختار وتحديد تاريخ عودتها الى لندن.أما رسالة عمتها رينا فإنها تضمنت خبر نجاح عملية والدتها ، وسرعة تماثلها للشفاء لدرجة أدهشت الأطباء ، وعودتها القريبة الى البيت لا تتعدى الأسبوع ، في حال ظلت حالتها الصحية تميل الى التحسن الذي سجلته مباشرة بعد العملية.

وكان من الطبيعي ان تطغى الأخبار السارة عن والدتها على كل ما عداها من اخبار بما فيها خبر تلك العروض المغرية الذي ورد في برقية السيد بنسون ، وتشعل كيت عن الإجابة على تلك البرقية ، وعدم الإلتزام بموعد محدد ، ريثما تعود والدتها من لندن ، وتتماثل تماما للشفاء.

ما ان إنتهت من قراءة رسالة عمتها حتى كادت تطير من الفرح ، وهرولت مسرعة نحو والدها ، لتغمره بذراعيها وهي تقول:

" والدتي عائدة ، يا ابتي ، ستعود بعد أسبوع ، يا له من خبر مفرح .... والدتي ستعود بعد أسبوع ، هل هناك ما هو اروع من هذا الخبر؟".

" كلا ، يا كيتي ليس هناك خبر أروع منه".

أجابها بجدية حسبتها كيت لا تعبر عن رغبة صادقة برؤيتها تعود الى البيت بمثل تلك السرعة ، وسالته:

" كان يخيّل الي انك اكثر مني شوقا ولهفة لعودتها".

" كيتي ، لا تذهبي بعيدا في تفسير الأمور ! كل ما في الأمر انني لا اريد منها إستعجال الأمور أو الإعتماد على الخط."

لا مجال هناك لإستعجال الأمور أوالإعتماد على الحظ ، طالما ان الطبيب هو الذي سيقرر ما إذا كانت حالتها تسمح لها بالسفر جوا أم لا".

وتنهدت وهي تشعر بفتور نشوتها المفاجئة بسبب الملامح غير المشجعة التي إنعكست على وجه والدها وهو يذكرها بان عودة الوالدة ستاتي متزامنة مع معرض الأزياء ، كأنه يعيدها الى اجواء الفرح والمتعة من حيث يدري أو لا يدري ، تعانقا بحرارة وإتفقا على إقامة وليمة ترحيب بعودتها الميمونة الى بيتها وكنف زوجها.

هذا وكلما كانت كيت لا تتوقع من والدها تلقي خبر عودة زوجته بفتور ، كذلك فإنها كانت قلقة عليه وهي تراه يقبل على الشيخوخة قبل الأوان من خلال ملامح تجعيدات وجهه البارزة ، وضعف جسمه وما حفرته الهموم من أخاديد حول فمه ، عضّت شفتيها من اللوعة على إصراره لعدم البوح لها بما كان يشغل باله ويكاد يودي بحياته ، وهي تضرب كفا بكف ، وتندب حظها لعجزها عن إقناع والدها باهمية إشتراك جميع افراد العائلة في السراء والضراء ، وحظ والدها لأنه يقود نفسه الى الهلاك والموت في سبيل تمسكه بالوفاء لمبادئه نحو الآخرين ، بغض النظر عن مدى إخلاصهم نحوه ،وهنا تكمن الطامة الكبرى.

 قبل أن ترحل { روايات عبير }  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن