لم يكن مجنونآ

64 5 4
                                    

هو لم يكن مجنونآ كل ما في الأمر بأنه ثَمِل بحب الوطن..
كان دائمآ ما يجلس على تلك الطاولة في ذلك المقهى بجانب تلك النافذة، أصابعه تعانق سيجارته بحنان، وعيناه مثبتة على شَيْءٍ ما، دعاهُ رجلٌ خمسيني للعب، في بادىء الأمر امتنع لكنه وافق بعد إلحاحٍ منه قائلاَ: من يراكَ يظن بأنك تعيسٌ ذبحهُ العشق،
- وأنا كذلك..
- ها ومن تعيسةُ الحظ هذه؟
- هي أجملُ مما قد تراه العين، وأبهى مما قد يتصوره العقل، العيون الخضراء كأرض يافا، والكُحلُ كسماء بغدادَ، والشعر بنيٌ كبيوت دمشق العتيقة، والشفاه حبةُ كرزٍ قطفت من غور الأردن، مستقلة وحرّة كالقدس الشريفة إنه الوطن وأنا للوطن عاشق..
قهقه الرجلُ إلى أن وصلت قهقهاته عنان السماء وبانت لوزتاه ويخيل إليك بأن فكه السفلي سيسقط خلال لحظات، وأهتز الكرسي لإهتزازه، قهقهَ هو وقهقه الجميع من بعده، حتى ذلك العجوز السبعيني بلا أسنان قهقه، وذلك الطفل مع أباه الذي لا يفقه من الذي قيل وقال قهقه، وكل من مرٌ بجانب المقهى قهقه، وبدأوا ينادونه بالمجنون، عاد لطاولته وشرع بالكتابة"أنا لم أكن مجنونآ...

خيمة ووردة في الحذاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن