الفصل الحادي عشر

2.6K 97 0
                                    

( الفصل الحادي عشر )
- نعم إيهاب ما هو الشيء الضروري الذي تريد محادثتي به ؟
- أحبك منال
- ماذا ؟؟
- لقد كنت أحضر فقط إلى القرية من أجل رؤيتك
وكم شعرت بالسعادة عندما علمت أنك ستحضرين إلى القاهرة للدراسة
بالجامعة .. أنتظرت كثيرا حتى أكون مستعدا ولائقا بك حتى أتقدم
بطلب يدك .. هل أتحدث مع والدك ؟؟
تظاهرت بالخجل وهي تومئ له برأسها وبداخلها تهتف ..
حسنا لقد جاء المغفل دون أي تدخل مني
ولكن لسوء حظها لم تكتمل الخدعة كما أرادت
فقد سقطت مغشيا عليها قبل أن يتقدم بطلب يدها ليعرف أهلها بعدما
نقلوها إلى المشفى للإطمئنان على صحتها أنها تحمل طفلا في أحشائها
لتشتعل النيران في المنزل وهم يسألونها من فعل بها ذلك ؟ فتجيبهم
- إنه إيهاب نصار قد خدعني بكلامه المعسول وأنه سوف يتزوجني
و ....
- أيتها الفاسقة تستحقين الموت لفعلتك
هتف بها شقيقها الأكبر وهو يصفعها بعنف وكاد يكمل ضربه
لها لولا أن منعه والده قائلا :
-اتركها بني لاتلوث يدك بها سنزوجها لهذا النذل فهي لا تستحق
سوى هذا
وبعدها كان جزءا من فيلما سنيمائيا قديما ..
فما إن علموا من فعل ذلك حتى أحضروه وهو موثقا بالحبال
ليضربوه ويجبروه على الزواج من منال ..
في البداية لم يفهم ما الذي أخطأ به حتى يفعلون به ذلك ثم فهم من
كلماتهم أنهم يظنون أنه قد خدع ابنتهم ووعدها بالزواج و ......
وأنها تحمل طفله !!
اشتعل غضبه وهو يستمع لادعائهم ويصرخ بهم أن يذهبوا لمعرفة
والد الطفل الحقيقي فهو لا يفعلها أبدا ولكنهم لم يستمعوا اليه
ظلوا يضربونه حتى كسروا له ذراعه ليتركوه غارقا بدمه ليلة كاملة
حتى أصيبت ذراعه بالغرغرينا واضطر الأطباء لبترها حين ولوجه
إلى المشفى بالنهاية بعدما نقلوه إلى المشفى إثر فقدانه وعيه
وبعدما أفاق وعلم ما حدث له وافق على الزواج منها بغية الانتقام
لما تسببت له فيه ..
ولكنها استطاعت الهرب قبل عقد القران ولم يعلم أحد عنها شيئا
أما أهلها فقد أذاعوا نبأ موتها والذي يعلم هو أنه ليس حقيقيا
وظل إيهاب ينتقم من كل فتاة يرى بها صفات حبيبته السابقة
التي تسببت في بتر ذراعه والإعتماد على طرف صناعي
الأمر الذي يشعره بالغضب العارم تجاه الحياة بشكل عام وتجاه النساء
بشكل خاص ..
وها هو وبعد مرور سنوات على تلك الواقعة لازال غاضبا وناقماعلى
النساء وينتقم ممن تقع تحت يديه ...
الوحيدة التي لم يستطع أن ينفذ انتقامه معها هي نور
لا يعلم لم توقف عن التقرب منها كما كان يفعل ..
ربما لأنه يشعر ببراءتها حقا !
وربما من أجل ألا يخسر مراد صديقه والذي حذره من التلاعب
بها وكسر قلبها ..
وربما لأنها استطاعت اقتحام أسواره العالية ببراءتها وعفويتها ..
أثارت لديه غريزة الحماية فأصبح يخشى عليها حتى من نفسه
فابتعد عنها حتى لا يتسبب بجرحها دون إرادته ..
فهو يشعر أنه لا يصلح لهذا النوع من المشاعر ..
ولكن ها هو قد عاد يقترب منها رغما عنه ولا يعلم ما نهاية ما يحدث
حقا !
----------------
- كنت وقتها بالثامنة من عمري ..كنت أقضي الليل بمنزل خالتي
والدة تقى .. كنت أتعجب كثيرا من طريقة تقى في الحديث عن
والدها فهي كانت تتمنى موته وأنا كنت أتمنى لو رأيت والدي ولو
مرة واحدة فقط .. ويومها علمت لماذا تتمنى تقى موت والدها
كان شعورا غريبا بالنسبة لطفلة بهذا العمر بالتأكيد أن تشاهد شيئا
كذاك .. شعرت وقتها بالارتباك فأنا لم أفهم ما كان يحدث سوى أن
والد تقى يؤذيها بطريقة ما خاصة بعدما تقابلت عيني مع تقى
وشاهدت نظرة الاستجداء تلك والتي تحثني على ايقاظ خالتي
وهذا ما فعلته ..
بعدها صمت الجميع وكأن شيئا لم يكن .. حصلت خالتي على الطلاق
ولا أعلم كيف وانعزلت تقى عن الجميع عداي فى البداية ثم ....
تحولت لفتاة عابثة وابتعدت عني كثيرا ..
تهربت من لقائي وكانت عندما تقابلني تتعمد التظاهر باللامبالاة
حتى أملّ وأبتعد عنها ..
أما أنا فقد شعرت بصدق مقولة والدي عندما استمعت لحديث
بين أمى وأبى عمران صدفة ذات يوم ..
" إنجاب الفتيات عار "
هكذا كان يردد كما فهمت من حديث أمي ..
وهكذا شعرت بعدما حدث مع تقى ..
شعرت أننا عار لذاعزمت على ألا أكون عار بعدها أبدا
فقصصت ضفيرتي وكادت أمي تصاب بنوبة قلبية عندما شاهدت
ما فعلت ولكنها لم توبخني ..
لقد فوجئ الجميع ولكنهم لم يجرحوني بكلمة بل على العكس تماما
أخبروني جميعا أنني مازلت جميلة كما كنت دائما ..
أخفيت كل أثر لأنوثتي لا أعلم لِمَ ؟؟
ربما خوفا من أن يحدث لي ما حدث مع تقى ..
وربما لأنني لم أشعر بالأمان سوى بمظهر الصبية !
وربما عندا لا أكثر بعدما شعرت بالخذلان في موقف خالتي وأمي
والذي عارضه أبي عمران بقوة دون جدوى ..
لا أعلم ما دفعني حقا للتحول ل صبي ولكني لم أشعر بالراحة
والأمان سوى بعدما فعلت ذلك
- ومتى شعرت أن ما تفعلينه لا يغير من الأمر شيئا ؟؟
متى شعرت أنك تريدين أن تظهري كما أنت حقا ؟؟
- عندما وجدت أن الاستمرار بهذا الطريق صعبا للغاية
فقد علقت في المنتصف فلم أعد أستطيع أن أظل شابا ولا أن أتحول
لفتاة تظل تتلفت حولها خشية من مباغته من أحد ما
عندما وجدت أن هناك نوعية من الإناث أمثال ناهد هي من تتسبب في
إهانة نفسها بل وإهانة جميع الإناث بأفعالها ..
عندما نبض قلبي بحب رجل فعلمت أنني سأظل امرأة رغما عني
عندما تحدثت ذات يوم مع علي لأجدنى أفرط في فرض من فروض
الدين ألا وهو الحجاب !
كيف أكون مسلمة ولا أرتدي الحجاب ؟؟
ولكني لم أستطع أن أتخذ هذه الخطوة حقا حتى الآن ..
لقد تغيرت كثيرا وتغير تفكيري كذلك ..
فلم أعد أفكر أن الأنوثة عار .. أو أن جميع الرجال متحرشين !!
بل على العكس تماما ..
فأنا أصبحت أرى أن المتحرش لا يحمل صفة من صفات الرجولة على
الإطلاق .. وأن الأنثى حقا هي التي تحمل مقومات الأنوثة وبنفس
الوقت تستطيع الدفاع عن نفسها ضد أي شخص تسول له نفسه أن
يؤذيها أو يهينها بأي طريقة كانت ..
- أنا سعيدة بكِ كثيرا نور .. فأنت ساعدت تقى حتى تحسنت تماما
بل ووافقت أيضا على الزواج من علي ..
وساعدت نادر أن يصل لحبيبته ويتزوج بها أيضا ..
تنشرين السعادة بكل مكان تطئينه ولكن ......
هناك سؤال أريد أن أسألك اياه .. هل تحبين إيهاب حقا ؟
صمتت نور للحظات قبل أن تقول :
- لا أعلم.. كل ما أعلمه أنني أشعر بالسعادة لرؤيته
أشعر أنني أريد أن أزيل نظرة الحزن التي تسكن عينيه
أريد أن أقترب منه وبنفس الوقت أبتعد عنه
حقا لا أعلم إذا كنت أحبه أم أنه كان وسيلة بالنسبة إلي حتى أعود
لطبيعتي ولكن ما أعمله حقا أنني سأحزن كثيرا لو كان اقترابه مني
مرة أخرى لأنه يرى بي وسيلة أخرى لانتقامه ..
وقتها حتى لو كنت أحبه فسأبتعد عنه للأبد
----------------
هناك دراسة تؤكد أن معظم ضحايا التحرش والاعتداءات يرون
أنهن مذنبات بطريقة ما ..
وهذا ما كانت تشعر به تقى ..
تشعر أنها مذنبة ولا تعلم السبب
تشعر أنها مدنسة ولا تعلم كيف تتطهر ..
تشعر أن والدتها قد فرطت بحقها ولا تستطيع مسامحتها !
حتى بدأت العلاج النفسي ووُضِعَ كل شيء بمكانه الصحيح
فعلمت أنها لم تكن أبدا مذنبة بل هي ضحية مرض والد حلل لنفسه
انتهاك عرضه ..
علمت أنها طاهرة وأنها لم تدنس سوى بأفعالها التي تلت ما حدث
علمت أن الطهارة كانت دائما موجودة ولكنها فقط لم تكن تعرف
الطريق الصحيح ..
وعلمت أن ما فعلته والدتها كان الطريقة الوحيدة المتاحة لحمايتها
فلو كان أي شخص علم بما فعله والدها لكان مستقبلها قد انتهى منذ
فترة طويلة ..
لم تكن لتستطيع أن ترفع رأسها أبدا ..
كان غثيانها يتصاعد في كل مرة تخبرها عنه وعما كان يفعله بها
كانت تكره نفسها وجسدها المدنس بكل مرة تتحدث عنه فيها
ولكنها أدركت أخيرا أنها كانت ضحية وأنها لم تعد مدنسة
وأدركت أن الراحة لن تجدها سوى بالقرب من الله سبحانه وتعالى
فما إن بدأت في الصلاة والانتظام بها حتى كانت السكينة تغمرها
وأصبحت ترى الدنيا من منظار مختلف ..
ترى والدتها وصمتها على أنه حماية لها من العالم حولها ..
ترى نفسها قوية لأنها استطاعت التخلص من شعورها بالذنب
وترى علي بحنانه الرائع وعشقه الذي تنطق به خلجاته أجمل
هدية من الله لها ودليلا على صدق توبتها وتقبل الله لها ..
وها هما يجهزان لزفافهما معا ونور تشاركهما الفرحة بمظهرها الجديد
*************

قطرات أنثوية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن