الفصل الاول

7.6K 169 1
                                    

(( الفصل الأول ))
كانت تجلس بمكانها المعتاد متوارية عن العيون التي تحاصرها كالعادة
بالسؤال .. لِمَ هي هكذا ؟؟
وهي لا تملك الجواب على سؤالهم ..
أم أنها تملك الجواب ولا تريد الرد ؟!
زفرت بحنق .. لا تلبث أن تعود لنقطة البداية كلما سألها أحدهم ذلك
السؤال الذي تبغضه ..
لِمَ تخفين نفسك بتلك الطريقة ؟؟ لِمَ تتعاملين هكذا ؟؟
ها هي في عامها قبل الأخير بالجامعة ولازالت تُسأَل نفس السؤال
البغيض إلى نفسها..
لِمَ لا يتركونها وشأنها ؟؟
هل اشتكت لهم ؟؟ هل أخبرتهم أن هيأتها تضايقها بشيء ؟
كل ذلك بالإضافة إلى إلحاح والدتها عليها بمقابلة أحد العرسان
الذين يتقدمون لخطبتها..
كادت أن تضحك ساخرة وتخبرها لو شاهدها أحد العرسان سيهرب
دون أي تدخل منها ولكنها تجنبهم ونفسها الإحراج فقط لا غير
نهضت من مكانها لتذهب لمكان المحاضرة التالية فلم يبق عليها سوى
نصف ساعة وبالتأكيد المكان سيمتلئ عن بكرة أبيه كما هي العادة
فالأستاذ وسيم وصغير بالسن وكل الفتيات تسعى للفت نظره
ولكن بالحقيقة هو جيد بل ممتاز بمادته وشرحه مبسط ولا يتعمد
أن يعقد الشرح كما يحدث مع أغلب الأساتذة ..
كما أنه قريب لهم في العمر لذا يتعامل مع الشباب على أنهم زملاء له
فيحبه الجميع على السواء ..
وأخلاقه لا يعلى عليها .. عقدت حاجبيها ساخرة من تفكيرها ..
لقد أصبحت تتحدث مثل والدتها كما لو كانت تدلي بمواصفات عريس
محتمل !!
ابتسمت بمرح سرعان ما اختفى وهي تسمع صوت تأوهات غريبة
يصدر من مكان المحاضرة يصاحبها أصوات مكتومة مريبة ..
ماذا يحدث بالداخل ؟؟
اندفعت لتدلف إلى المكان لتجده مغلقا على غير العادة ..
عقدت حاجبيها بدهشة وهي تسأل نفسها .. لماذا المكان مغلق ؟؟
وما تلك الأصوات الصادرة من الداخل ؟؟
حاولت النظر من خلال الزجاج ولكنها لم تر شيئا فذهبت إلى الباب
الآخر للمكان ونظرت بالداخل لترى ما جعلها تتجمد بمكانها وقلبها
يهوي بعنف ودموعها تسيل بغزارة وهي غير قادرة على
الإشاحة ببصرها عما يحدث بالداخل تحشرجت أنفاسها بداخل رئتيها
حتى قاربت على الاختناق لولا صدور صوت مرتفع من مكان ما
جعلها تشهق وهي تنجح أخيرا في الابتعاد عن الباب الذي كانت
ملتصقة به تقريبا وتفاصيل مشابهة تعود إليها ..
تفاصيل لم تفهمها بوقتها لصغر سنها ولكنها فهمتها فيما بعد
ويال هول ما فهمته !!
انطلقت تعدو بكل قوتها خارج المكان وهي تحاول عدم تذكر تلك
التفاصيل المقيتة حتى اصطدمت بشخص ما فاعتذرت بارتباك
دون حتى أن تنظر بمن اصطدمت وتابعت طريقها غير آبهة بتقبل
الشخص لاعتذارها أم لا..
وصلت لسيارتها فصعدت إليها وأغلقت عليها الأبواب وظلت تبكي
لوقت طويل وشريط حياتها يمر أمام عينيها ببطء وتستعيد كل ما حدث
بالماضي الذي لا يفتأ يعاود الظهور ليجبرها على الغوص فيه رغما
عنها ..
.. فلاش باك ..

همهمات خفيفة وتحركات غريبة جعلتها تصحو من نومها الثقيل لترى
تقى وشخصا آخر يخرجان من الغرفة ..
استغرقت في النوم مرة أخرى دون أن تلقي بالا لما شاهدت ولكنها
استيقظت بعد فترة لشعورها بالعطش مدت أناملها إلى المنضدة
المجاورة وهي مغمضة العينين فلم تجد كوب الماء الذي تضعه تقى
بجانبها لعلمها أنها تستيقظ خلال الليل عطشى ففتحت عينيها مجبرة
وهي تتلفت حولها فلم تجد تقى بفراشها ..
تقى ابنة خالتها التي أصرت على اصطحابها معهم لتقضي الليل لديهم
عقدت حاجبيها بدهشة وهي تتساءل أين ذهبت تقى ؟؟
هل ذهبت لتشرب ؟؟ أم لتحضر لها الماء الذي نسيت وضعه ؟؟
انتظرتها للحظات ولكنها لم تعد فانتابها القلق عليها وتذكرت أنها شاهدتها
تخرج من الغرفة عندما فتحت عينيها فى المرة الأولى أم أنها كانت تحلم ؟
نهضت من الفراش وخرجت من الغرفة لتبحث عنها ليتناهى إلى مسامعها
أصوات مكتومة صادرة من داخل الغرفة الإضافية التي تتركها خالتها
شاغرة حتى إذا حضر أحدهم للمبيت لديهم يجد مكانا يبيت فيه ..
توجهت إليهاوهي تشعر بالخوف .. فكرت أن تطرق باب خالتها أولا
لتخبرها أن هناك شخصا في الغرفة الخالية ولكنها شعرت بالخجل لوجود
زوج خالتها وهي أيضا ليست متأكدة أن الأصوات من داخل تلك الغرفة
اقتربت من الغرفة حتى وقفت أمام بابها لتصل إليها الأصوات بوضوح
أكبر ..
- أهذا صوت تقى ؟؟
همست بها نور بتردد وهي تعقد حاجبيها وتتساءل ما الذي سيحضر
تقى لهذه الغرفة بهذا الوقت المتأخر ؟؟ ولماذا تتأوه بتلك الطريقة ؟
هل تتألم ؟؟ هل حدث لها شيء ولم تستطع مناداة أحد ؟؟ أم أنه لص ؟؟
شعرت بالخوف وأصابها الارتباك .. طفلة في الثامنة لا تفهم ما عليها
أن تفعل بموقف كهذا ؟!
حاولت فتح الباب قليلا حتى ترى فوجدت أنه كان مفتوحا من البداية
تجمدت مكانها عندما شاهدت ما يحدث ..
تقى مستلقية على الفراش وثيابها مكشوفة عنها وفوقها يجثم زوج
خالتها ويديه تمران على جسدها بطريقة غريبة لم تفهمها ولكنها أثارت
غثيانها بقوة ..
ماذا يفعل ؟؟ لا تفهم !!
ولكنهت شعرت بأنه يفعل شيئا بغيضا يؤذي به تقى صديقتها الحبيبة
ولكن كيف يؤذيها وهي ابنته ؟؟
فوضى بمشاعرها وهي تنظرإليهما ولا تستطيع إشاحة بصرها أو
حتى التحرك والعودة من حيث جاءت لتتقابل عيونها مع عيون تقى
التي تكب أنهارا من الدموع بصمت ,اقشعر بدنها مما شاهدت بعيون
صديقتها ..
كانت عيناها تطلقان استغاثة فهمتها نور على الفور رغم أنها لا تفهم
سببها إلا أنها ركضت لخالتها توقظها لترى ماذا يفعل زوجها بابنته
حاولت إيقاظ خالتها كثيرا ولكنها لم تستجب لها ..
لماذا لا تستيقظ خالتها وهي تعلم أن أقل شيء يقلقها ؟!
ماذا تفعل ؟؟ هل تصمت أم تتابع محاولة إيقاظها ؟
تذكرت النظرة المستغيثة بعيون تقى لتصر على إيقاظ خالتها ولو
ظلت طوال الليل تحاول ..
ظلت تحاول إيقاظ خالتها حتى استجابت لها أخيرا بعد فترة ليست
بالقصيرة لتمسك بيدها وهي بعد غير مستوعبة لماذا توقظها نور
وإلى أين تصطحبها ؟!

طرقات قوية على زجاج نافذة السيارة أخرجتها من ذكرياتها المؤلمة
لتجده عصام ابن عمها ففتحت السيارة سريعا واندفعت تختفي بين
أحضانه حتى كادت أن تسقطه من قوة اندفاعها وهي ترتجف وتبكي
ليفاجأ عصام بحالتها ويضمها إليه أكثر يحاول أن يمنحها الأمان
والراحة التي تنشدها وهو يتساءل عن السبب الذي جعلها بتلك الحالة
المزرية !!

واقفا بشرفة مكتبه يحاول الاسترخاء قبل موعد محاضرته الأخيرة
لهذا اليوم ليرى مشهد أشعر بالغثيان منه وهو يتساءل إلى أي درجة
تتساهل الفتيات بعلاقاتها مع الفتيان من أجل الحصول على متعة ظرفية
أو وعد بالزواج في القريب والذي ليس بعاجل بكل تأكيد ..
كيف تسمح الفتاة لنفسها أن تجعل رجلا لا يحل لها يتلسمها بتلك
الطريقة المقززة ؟؟
كيف تخون ربها وأهلها بتلك الطريقة وفي العلن ؟؟
كيف تسول لها نفسها أن تتخلى عن كرامتها بتلك الطريقة المثيرة
للغثيان ؟؟
مجرد متعة لحظية .. شهوة وقتية ما إن تنقضي حتى تتحول لخرقة
بالية يلقيها بعدها نفس الشاب الذي سلمت له نفسها ..
هل تتخيل أن شابا سمحت له فتاة أن يلمسها سيفكر بالزواج بها ؟؟
لا والله لن يفكر مرتين حتى بها بعد أن يأخذ متعته منها ويتركها
كشيء رخيص حصل عليه بكل سهولة ..
ووقتها ستذهب لإلقاء بلواها على أحمق واقع بحبها أو قريب ساذج
حتى يخفي ما فعله سواه
وما أكثر الساذجين في حياة المنحلات !!
شعر بالدموع تحرق عينيه وهو يتذكر أنه كان أحد أولئك السذج البلهاء
من قبل ولم يتخلص من سذاجته إلا بعد فوات الأوان ..
لفتت نظره تحركات الشاب والفتاة واللذان لم يكن يرى سوى
جانبهما فقط فوجدهما يهمان بالصعود لسيارة قريبة ..
غلى الدم بعروقه أكثر وهو يرى الشاب يصطحب الفتاة معه بالسيارة
وآخر يقودها حتى يتركهما يكملان ما بدآه بحرية في الخلف
أم أنه ينتظر دوره في الصف ؟؟
وجد نفسه يقذف بكل شيء على مكتبه وهو يكاد يصرخ من القهر
يلعن نفسه تارة ويلعن ضعفه وقتها تارة أخرى ..
يتوعدهما بشديد العقاب تارة ويدعو لهما بالهداية تارة أخرى ..
كاد يجن والماضي يعود إليه بقوة ليحطمه مرة أخرى ولكن أنقذته
طرقات على باب غرفته وصوت صديقه يعلو من الخارج وهو ينبهه
لموعد محاضرته التي حان وقتها ..
فعَلَ اصوته يخبره أنه سيخرج بعد قليل ..
وعدّل من ملابسه وهيئته قبل الخروج وهو يتوعدهما بداخله
لاعنا كل بنات حواء اللاتي لا يحافظن على أنفسهن
ولا يتمسكن بدينهن ..

نهاية الفصل

قطرات أنثوية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن