رحلة على ساحل قبرص

115 4 0
                                    

يقطن السيد غيث في دبي .يهوى السفر وهو الان يستعد للسياحة في مدينة ليماسول في قبرص .الجو هناك جميل جدا في فبراير .ملابس كاجول جينز فاتح وسترة عريضة زرقاء لطالما احب السيد غيث البساطة .اقلعت الطائرة في حدود الواحدة ظهرا ،اخذ جسم غيث الرشيق مكانه في المقعد ارتدى حزام الامان وبدأت الطائرة بالاقلاع اتت مضيفة الطيران تتأكد من سلامة الركاب .فتاة في مقتبل العشرينيات .معتدلة الطول مكتنزة الجسم
عيونها البنية واسعة تتخذ شكلا لوزيا .فتاة تتعامل بأحترام وثقة .:بينه وبين نفسه قال السيد غيث *يعجبني هذا* .لطالما احب السيد غيث المرأة القوية الواثقة الحالمة والذكية والتي لا تهتم بروايات الحب بمصطلح ادق (امرأة شرقية بقلب ذكي )
الله اكبر الله اكبر ..
اشهد ان لا اله الا الله ..
اذان المغرب يعلن من الجوامع المجاورة .لقد وصلنا مدينة ليماسول..الحمد لله
قال ذلك السيد غيث بامتعاض.
حجز في فندق من الطراز الفخم فالسيد غيث مالك لشركة كبيرة في مجال التنمية البشرية والتي يشكل على مبادئ وصحة التنمية البشرية الكثير ..الا ان السيد غيث ينطلق في عمله بكل ثقة ويلقى نجاحات باهرة جعلت حياته مرفهة ما عدا زوجته الثرثارة والمملة ..
الماء الدافئ جدا يملئ الحمام بالبخار تسترخي عظلات السيد غيث المرهقة يلف المنشفة على خصره ويخرج ليتناول تفاحة باردة ..لطالما احب تناول الفاكهة الباردة.افكاره والاشياء التي يحبها تجعله مميزا عن الجميع  .حتى في طعامه هو لا يحب تناول الطعام التقليدي ..يحب الطعم اللاذع .الطعم الحار .لا يتناول الخبز الا محمصا .لا يتناول البيض الا مع الفلفل ملفوفا بالجبنة .له ذوق خاص ونكهة خاصة في كل شئ لكن الحياة جعلت فرص الاناث اللاتي عليهن اكتشاف كل هذا في السيد غيث ضئيلة جدا .لم يكتشفه احد .لقد ابتلى بليلى وهي لا تحب الاكتشاف تكتفي بممارسة حياتها برتابة وملل وحزن
.جلس على الاريكة بهدوء ظل يقلب القنوات وهو لا يرغب في البقاء بهذه الغرفة .شعر بالملل .
ارتدى سترته الزيتوني وقميص
off white
وبنطرون قماش غامق  ..اخذت هذه الملابس موضعها في التكسي وذهب لساحل هذه المدينة .غير ملابسه وجلس على كرسي متحرك وبيده عصير التوت البارد *تذكر حزنه وحياته التي لم يتوقع ان تكون بهذا الشكل . لف شريطا اسودا الى الوراء فبدأ فيديو حياته الحزين يبدأ  بعمر الواحد والعشرين :لم يرغب ان يتزوج السيدة ليلى لكن اباه علم بحبه لفتاة مسيحية فكبر ذلك عليه ولم يقتنع قط على الرغم من محاولات غيث معه ..انتهى بغيث في المشفى .لقد قسى عليه والده ولم يقتنع بتزويجه تلك الفتاة الى ان اتى ذلك اليوم  وفي وقت الغداء دخلت ام غيث لغرفة ولدها فصرخت : .ابو غيث تعال وانظر لذلك كان غيث يشد حبلا على رقبته ويقف على كرسي ينوي الانتحار.
"جن ابنك رسمي"قال والد غيث لامه التي بدأت بالبكاء والصياح ثم التفتت الى زوجها ..
بارد الاعصاب وانا اكاد اجن ؟!
ابني سيموت منتحرا بسببك !!
قالت ذلك والدة غيث ..
بؤبؤ عيونهم يتوسع تدريجيا مع استعياب حقيقة ان ابنهم لن يتخلى عن فكرته الجنونية فأما ان يلتقي ب ندى في الدنيا
او في الاخرة لطالما كان غيث شخصا وفيا ومخلصا اتخذ من حبه قضية يدافع عنها فأما ان يكون او لا يكون
.اضافت ام غيث بهدوء وخوف كبير..
ابني غيث ارجوك لا تفعل هذا بنا انت رجل عاقل يستحيل ان تفكر بهذا الشئ لن تلتقي بندى حتى في الاخرة ستذهب الى الجحيم يا بني وتخسر كل شئ ارجوك بحق الله انزل ..اضاف الاب "بني سأزوجك اياها سنذهب لخطبتها اعدك فقط انزل ..
صمت مطبق على شفتي  غيث
ضحية الطوائف ،ضحية المجتمع السئ .
يا الهي لم لا تحبونني ؟!
لما انتم هكذا دوما نطلب كل شئ منكم بأدب ،،نرعى مشاعركم ،ونحترم وجودكم ويشهد الجميع اننا بمنتهى الاحترام بالمجتمع . ثم تجعلونا نجن ويخرج الوحش من دواخلنا،، حتى ذلك الوقت حين نخسر انفسنا وعقولنا وندمر كل شئ ..تخضعوا كثعلب ماكر وتستسلموا ..فما بال اللحظة التي طلبنا منكم بكل ادب .مال بالكم يوم قلت لكم احبها والله اني اجن بها ولن استطيع اكمال حياتي دونها ..اعرضتم ولعب الشيطان بعقولكم ولم تقدروا رغبتي ..ايسعدكم الان انني امارس اشياء كنت انتقدها وافقد عقلي بين هذه الحبال الغبية امارس الحزن والغضب في آن واحد  كما قال درويش في قصيدته ..امارس لعنة الهة الحب .. نزل السيد غيث يركبه الحزن مركب الحمل من البعير  .في اليوم التالي ذهبت والدة غيث ووالده لمنزل الفتاة لكن والد الفتاة لم يرغب ان يزوج ابنته من مسلم واستمر الرفض وتتابعت الخيبات حتى استسلم غيث وخضع لقرار والده بتزويجه ليلى وهي ابنة صديق ابيه ..
قاطع ذلك الشريط الاسود صوت ناعم .سيدي من فظلك هل هذا الكرسي محجوز لشخص ما ..نظر الى صاحب الصوت وصاح في دواخله يا الهي انها مضيفة الطيران نفسها  التي اعجبت بها ..قال لها تفظلي بالجلوس ..جلست الى جانبه وبدأت تحدثه عن حياتها وكأنها تعرفه منذ زمن بعيد ..كانت لديها قصة مأساوية ولا تزال تعاني منها ..كانت تتكلم وتنظر بعمق الى البخر وعيونها تلمع ..لقد اثر ذلك المنظر في السيد غيث واثار حزنا عميقا كان يحاول كبته واخفاؤه عن الجميع الا انه الان لم يستطع الاستمرار وهو يرى ذاته تتكلم عن نفس الاحزان حيث القصص متقاربة والعقد الاجتماعية واضحة وضوح الشمس ..بعد ان اكملت قصتها قال لها عذرا لقد تكلمنا كثيرا وراقبنا غروب الشمس معا ..شعرت اني اعرفك ..ونسيت ان اسألك عن اسمك؟!
"تولاي" هذا هو اسمي انا فتاة مسيحية لكني اتيت الى دبي للعمل ..اندهش السيد غيث واعجب بها اكثر وقال بنشوة انا احب المرأة التي تعمل ..المرأة الحرة اشجعك على ذلك ..اضافت ولدي سيارة خاصة بي ،،انا اعتمد على نفسي في كل شئ اسكن مع عائلتي الذين كلمتك عنهم الان ..
غيث:اه نعم فليحفظهم الله لك ..

علينا الاقترابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن