علينا الاقتراب

انتهى الصيف وبدأت الافاعي بالاختفاء ..كرؤساء الدول عديمي الانسانية او كالمجرمين الهاربين!صوت المذياع يشير الى تغير الانواء الجوية لهذا العام .سيكون عاما مثاليا لانخفاض الحرارة في تلك المنطقة ..الفراشات لا تمل من الركض ومداعبة الهواء لاجنحتها الهلالية الملونة .
المزيد من الثلج !يثير  الفوضى وعلى سنارة من الاستيل الرخيص نسجت انزعاجها السيدة ليلى .زوجة السيد غيث مضى على زواجهما اثنى وعشرين سنة ..عمرا لم يكن سعيدا تماما لان زواجهما كان تقليديا (اجباريا)بعبارة اصح.
قال السيد غيث متفائلا كعادته في اصبوحات حياته المعتادة :
صوت العصافير يملأ الزوايا ويمتد حتى النوافذ القديمة والمملة فيجعل لها بريقا مميزا بالسعادة كما يفعل بالارواح المتعبة والحزينة ..
ما اجمل هذا الصباح..
فتح النافذة فانصاع نور الشمس تحت قديمه كأنه يقول خلقني الله لانير لك الطريق سيدي البشر..
  هذا هو مبدأ السيد غيث يصف الحياة بوصفين متضادين الجمال والخشونة ..
انه انسان مسالم واثق بنفسه يلقي الاطراء على اصدقاؤه يحب ان يكون كريما متسامحا ويؤمن بقانون الجذب العام على غرار السيدة ليلى زوجته كثيرة التذمر ..انهما متناقضان لكن السيد غيث لطالما استمر باستيعاب زوجته .ما عدا الاوقات التي لا يحتمل فيها الحاحها فيغادر البيت بصمت ويعود بوقت متأخر..السيد غيث يهوى الموسيقى والغناء ،صوته الشجي يثير حزن وذكريات الطيور النائمة ..صوته لا يسمع سوى في الظلام حيث الحزن والسهادة تختفي وتتجمد الارواح ..
لا يعلم احدا بغنائه حتى زوجته
لثقل نومها فأنها لا تسمع اي شئ بالاضافة لكونها تاتي متاخرة من العمل فأنها تغط بنومها كالميتين ..
بدأت نوتات الكيتار تغطي منحنيات الجذوع والاوراق المحمرة والمصفرة تنبأ باقتراب الخريف  ..ويغني
(روحي الله وياج بس منفوسة
رايحة وروحج عشك متروسة*)
تثائبت الشمس مدت يدها تستعيد نشاطها لتبدأ احتراقها وحزنها الذي يمدنا بالحياة ويجعلها تموت ..
المزيد من التذمر كالعادة ..
هيا يا غيث استيقظ لن اعد لك الفطور فلقد تأخرت على عملي ..الوداع ..
تمشي على عجلة كأمرأة فرت لتوها من مشغى المجانين ..شعرها المنكوش وعيونها الجاحضة تنبأ بامراة لا مثيل لها بالتذمر واليأس ..الحزن يستنقع في تلك المرأة تصل لمكان عملها ..تنزع سترتها بشراسة كأنها تمثل فيلم
(Dumb and Dumber)