9

3.6K 97 0
                                    

الفصل التاسع
طبعاً لم يكن هناك موعد محدد مع ريتشارد لسهرة هذه الليلة وانتظرت منه ان يتصل بها عبر الهاتف ويطلب منها ان تخرج معه، لأنها ترفض ان تكون البادئة في الاتصال اولاً. وبالنسبة لادعائها لبرت أنها ستخرج معه غداً الى الجزيرة سان كروا فأنها متأكدة من أن ريتشارد لن يمانع ولكنه من المؤكد انه عرف برجوع برت وسوف يتساءل لماذا تريد ان تهرب من فندق رويال.
وبعدما فكرت مطولاً، وصلت الى احد الامرين اما ان تخبر ريتشارد بالذي حصل بينها وبين برت واما ان تدع الأمور تأخذ مجراها الطبيعي، وهذا يعني ان برت سيرى ريتشارد بمناسبة او بأخرى وسوف يعلم بأنها كانت تكذب عليه ليس فقط في هذا الامر ولكن في امور عديدة اخرى، لذا قررت في النهاية ان تبادر هي في الاتصال بريتشارد.
عندما سمع ريتشارد قصتها عبر الهاتف لم يطرح عليها اي سؤال، بل كل ماقاله لها، بأنه سيطلب سيارة اجرة لتنتظرهما بعد نصف من الآن، كما وانه لن يحدد المكان الذي سيقصدانه، لم تكترث ليزا لهذا الأمر ، لأنها كانت تفضل ان تكون في اي مكان عدا هذا المكان.
حاولت بجميع الطرق السيطرة على اعصابها كي لا تجعل مشاكلها العاطفية تؤثر بها، ثم التقت بسيلينا تهم بصعود الدرج بينما كانت هي تهم بالنزول.
سألتها سيلينا بلطف:
- هل أنت خارجة هذه الليلة، ام انك ستبقين في الفندق؟.
لم يفت عن ليزا الى ماكانت تلمح اليه سيلينا ، خاصة وخبر رجوع برت قد انتشر بين الجميع.
اجابت ليزا دون تكلف:
- انني خارجة مع ريتشارد.
بدت سيلينا حائرة وقالت :
-آه ، لقد اعتقدت انك ستجتمعين مع برت هذه الليلة، ولقد ذهبت اليه قبل قليل من الآن.
ثم تبدلت ملامح وجهها وتابعت قائلة:
- هل كان يريد ان يبلغك بأنه قد استغنى عن خدماتك ولم يعد يريدك في الفندق؟.
اجابت ليزا وهي تحاول ان تضغط على اعصابها كي لا تنفعل:
- لا، ابداً فأنا مازلت اخضع لتلك الفترة التجريبية والتي بقي منها ثلاثة اسابيع .
ثم ابتسمت مودعة:
- والآن عن اذنك واتمنى لك نهاية اسبوع ممتعة.
فكرت ليزا وقد شعرت بالاشمئزاز ، بأن سيلينا لن تضيع وقتها فسوف تنشر ماسمعته منها الى بقية الموظفين ، وسيعتقد الجميع ان برت قد مل منها ولم يعد يرغب في مرافقتها الى اي مكان ، فماذا بوسعها ان تفعل حيال ذلك ، لا شيء بالطبع، ولكنها طمأنت نفسها وقد تذكرت كلام والدتها التي كانت تقول دائماً، ان اي شيء ينطفئ مع الايام بسرعة كما اشتعل كذلك بسرعة.
كان ريتشارد بانتظارها كما وعدها امام الفندق حيث كانت توقفت ايضاً سيارة الأجرة التي طلبها ، رحب بها كعادته بحرارة ، ولم يأت على ذكر برت طوال الطريق المؤدي الى فندق آخر.
-----------------------------------
دخلا مطعم الفندق ، ثم بعد ان جلسا الى طاولة قالت ليزا بلطف:
- انك تدللني اكثر من اللازم، فأنا لم اتناول في حياتي كلها مثل هذه الكمية من الطعام التي تناولتها خلال الثلاثة اسابيع الماضية!.
اجابها ريتشارد بعطف الوالد الحنون:
- بامكانك ان تأكلي مثل هذا الطعام كل الأوقات اذا انت قبلت بعرضي الذي عرضته عليك سابقاً، فهل فكرت به؟.
نفت بحركة من رأسها وقالت:
- انني لست مهيأة نفسياً بعد لأتخذ مثل هذا القرار.
قال لها بنبرة لطيفة:
- وهل هناك امور اخرى تشغل رأسك؟ فإذا كان برت هو الذي تمنحينه كل تفكيرك ، لماذا لست برفقته الآن؟.
اجابت ليزا:
- لأنني افضل ان اكون برفقتك انت.
ابتسم قائلاً:
- اشكرك انني اعتبر ماقلته الآن مديحاً بي ولكنني اشك في انها الحقيقة بأكملها ، الم يتصل بك ابداً عند عودته؟.
قالت ليز بكآبة:
- نعم لقد اتصل بي، ولكن يجب ان تعلم يا ريتشارد، انه ليس بالرجل الذي كنت تتصوره ، انت وتصورته انا.
حثها على الكلام قائلاً:
- هيااذاً ، اخبريني ماذا حصل؟.
اخذ يصغي الى كلامها، وقد شعر بالسخط والغضب عليه، ثم قال بعد ان انهت ليزا كلامها:
- لقد سمعت قصصاً غريبة فيما يختص بالمرأة ومعاملته لها، ولكنني لم اتصوره بهذه الحقارة والنذالة! كما ان اندريا من هذا المستوى التي بينها وبين برت، انني على معرفة قديمة بجدها هاورد انه من الاشخاص المثاليين والمحافظين وقد يحرمها من الميراث فيما لو علم بأنها داست على كرامتها وشرفها.
سألته ليزا بسرعة:
- وهل ستخبره عن تصرفاتها؟.
تردد قليلاً قبل ان يقول:
- لا اعتقد بأنني سأفعل ذلك لأنني اكره ان اسبب له الألم والحزن، اما بالنسبة لبرت اعتقد انه من الأفضل ان اكلمه ليعلم بأن تصرفاته هذه غير مستحبة!
شعرت ليزا باضطراب شديد في داخلها وقالت:
- اطلب منك ان لا تعلمه بهذا الموضوع، ارجوك ياريتشارد!
سألها:
- ولم لا؟ فلو كان والدك موجوداً هنا لفعل مثلما سأفعل.
- لا، لم يكن ليقول له شيئاً ، ذلك لأنني لما كنت اخبرته منذ البداية بأمرنا نحن الاثنين.
- الا تأتمنينه على اسرارك؟.
- انه رجل دين ويعيش حياة استقامة وتعبد كما هو جد اندريا، وسيشعر هو والدتي بالخزي والعار فيما لو علما انني اخرج مع رجل لانية عنده بالزواج مني.
- قد يكونا على العكس ماتعتقدينه بهما وينظران طبيعياً الى مثل هذه الأمور.
اجابت ليزا بثقة:
- لا ابداً ولا بشكل من الأشكال فوالدي يرى ان في هذا الشيء خطيئة.
- ولكنني لا ارى ان ماتفعلينه يعتبر خطيئة.
اسرعت ليزا تقول:
- هذا من وجهة نظرك انت، وعلى اية حال أنا لا اتذمر منه او من والدتي لأفكارهما تلك ولكنني احترم رأيهما ولا اعترض عليه.
----------------------------------
- وهل هما كذلك مع اشقائك؟.
- آه نعم فدايفيد متزوج الآن وينظرا اليه بكل احترام لأنهما يحترمان ويقدسان الزواج ، اما فيليب فهو مازال طالباً جامعياً.
جاء النادل بالطعام وقدمه لهما ولما ابتعد عنهما عاد ريتشارد الى الموضوع الأشد الماً على قلب ليزا.
- يجب ان ندرس الامور من جميع نواحيها، من المحتمل ان يجد برت نفسه مجبراً على ايقاف عملك في فندقه.
لقد فكرت ليزا بمثل هذا الامر ايضاً حتى انها توقعت بغريزتها ماقد يحصل بعد ذلك، ثم قالت:
- اذاً في هذه الحالة سأمضي العيد مع عائلتي ككل سنة.
- وماالذي ستقولينه لهما؟.
- مهما قدمت لهما من اعذار لعودتي المفاجئة ، فهما سيسعدان لرجوعي الى احضانهما.
اجاب ريتشارد بكآبة:
- ومتى عدت الى بلدك، فمن المؤكد انك لن تخرجي منها.
- وماذا عساني ان افعل غير ذلك، فنحن مهما حاولنا ان نعالج الأمور فالناس ستكون دائماً فكرة معكوسة للواقع.
- هل هذا يهمك كثيراً، خاصة اننا نعرف الحقيقة في كل ذلك؟.
- نعم يهمني هذا الأمر واتصور ان ذلك قد يهم ابنك ايضاً.
ابتسم ريتشارد بوهن وقال:
- ولكنني ومن ناحية اخرى، لا افكر الا بنفسي، ربما كنت حق عندما قلت لي بأنه من المستحيل ان تحلي مكان ابنتي المرحومة لأنك تملكين الحق في ان تختاري طريقة حياتك.
كانت ليزا تعلم جيداً ان في العرض الذي يعرضه عليها اشياء مغرية ولكنها ليست مستعدة لتوافق على ذلك في الوقت الحاضر، لكنها في الوقت نفسه، تعلم انها لو عادت الى بريطانيا فليس من عمل لها لتعيل به نفسها والذي ادخرته من مال لن يكفيها الى ان تجد لها عملاً آخر وهذا يعني بأنها ستعود الى العيش مع اهلها، فكم سيكون الامر صعباً عليها من بعد سبع سنوات لاستقلالها كلياً عنهما.
ولكنها ادركت انها تنظر في الامر من ناحية واحدة، ويمكن القول، بأن برت قد استغنى عنها اكراماً لزبائنه الكرام، ، فإذا فعلاً حصل ذلك ، يجب عليها ان تعود نفسها من جديد على سير الأمور طبيعياً كما كانت الحالة قبل ان تتعرف على برت.
وافق ريتشارد بكل رغبة ان يصطحبها في يوم الغد الى جزيرة سان كروا عندما اقترحت عليه ذلك، بالرغم من كل ماقالته سابقاً بأنها تعير اهتماماً لما قد يقوله الناس عنها.
لكنها لم تلمح له في ان بيتنا في تلك الجزيرة، لأنه كان يخامرها شعور بأنها سترى برت يوم الأحد، الا اذا كان قد قرر طردها من حياته نهائياً وكذلك من العمل، ومثل هذا الطرد لن يصدر سوى عن لسان غاري كونواي المدير العام لفندق برت.
كانت مساحة جزيرة سان كروا ضعفي مساحة جزيرة سان توماس وفيها غابات من شجر الماهوغاني الضارب الى اللون الأحمر والذي يعتبر من الخشب الأهم والأجود لصنع اثاث المنازل، كما ان الأزهار البديعة الألوان تتفتح في كل جزء من اجزاء هذه الجزيرة.
---------------------------------------
قال لها ريتشارد وهما في طريق العودة الى الجزيرة سان توماس بالطائرة:
- يجب ان تشاهدي ايضاً الجزر البريطانية الغنية بأزهارها ، قد نتمكن بأن نقوم بمثل هذه الرحلة في عطلة العيد اذا...
اكملت ليزا ماكان يريد ان يقول:
- هذا اذا كنت مازالت هنا.
فقال بسرعة:
- لم اقصد شيئاً، انما اردت ان اقول اذا كنت ترغبين في ذلك ، اتدرين لقد غاب عن ذهني مشكلتك ولفترة قليلة.
تمنت ليزا لو ان ذلك يحصل معها ايضاً، وتنسى مشكلتها، وكأنها لم تكن ، كانت وقبل ان تخرج مع ريتشارد هذا الصباح ، قد اتصلت بمنزل والديها وتكلمت مع والدتها والتي اخبرتها ان الطقس مثلج في نورث وود، لاحظت بأن والدتها على غير عادتها تشعر بالقنوط واليأس ، مع انها نفت ذلك عندما سألتها ليزا ارادت ان تبلغها بأنها ستعود اليهما قريباً، لكن قوة داخلية منعتها من الكلام بهذا الشأن انها تدرك بأنها ستترك العمل في هذا الفندق فيما لو طلب منها ذلك، ولكن اذا لم يطلب منها ذلك فستتحمل العذاب الذي سببه هجر برت لها وستكون تعزيتها الوحيدة هي في ان تراه او تلمح طيفه من وقت لآخر.
افترقت عن ريشارد عند وصولهما الى فندق رويال على ان يعودا ويلتقيا مساء لتناول طعام العشاء معاً، فإذا كانت تشعر بأي ذنب لأنها كانت تستغله كمهدئ لاعصابها المضطربة والمتأججة، فأنه كان يزول بسرعة عنها عندما تتذكر سعادته وفرحته لمرافقتها ، وهي التي تذكره بابنته الوحيدة المتوفاة، انه ومهما سيجري بالنسبة لعملها هنا، فلسوف تودعه عاجلاً ام اجلا ، وكانت تعلم جيداً بأنها ستفتقده ، اما بالنسبة للعرض الذي قدمه لها ، فيستحيل عليها القبول به.
وجدت ليزا عند دخولها الى الفندق غاري كونواي يتحدث مع بعض نزلاء الفندق، وشعرت بانزعاج عندما اومأ اليها كي تنتظره لأنها كانت تعلم الأمر الوحيد الذي يريد ان يكلمها به، فأخذت تضغط على اعصابها لتتمكن من التكلم معه دون اي انفعال.
تقدم منها وقد اختفت الابتسامة عن وجهه.
ثم قال لها وبدون اية مقدمات:
- يبدو انك لن تتمكني من رؤية صديقك ريتشارد بعد الآن لأنه ولسوء الحظ لن نتمكن من تمديد اقامته في هذا الفندق في عطلة العيد وسوف يضطر الى المغادرة صباح الغد.
نظرت ليزا اليه مشدوهة في بداية الأمر ، قبل ان تستشيط غضباً، ثم هتفت قائلة:
- لايمكنك ان تفعل ذلك!.
رفع غاري حاجبيه وقال:
- بالتأكيد يمكنني ان افعل ذلك ، ان الجناح الذي يشغله سيخصص لزبائن آخرين.
- لقد قرر مسبقاً وقبل اسبوعين بأن يريد البقاء فكان عليك ان توفر له ذلك.
اجابها غاري:
- قديكون قرر ذلك مع نفسه ولكنه لم يكلف خاطره ويعلمني بذلك الا صباح هذه اليوم ، كأنه بوسعه ان يحقق مايريده في أي وقت يشاء.
-----------------------------------
- لكن زبوناً دائماً مثله قد تكون له الأفضلية وبعض الامتيازات على الأقل ، ولكن هل ذلك يعني ايضاً بأنك لا يمكنك ان تجد له حتى ولا غرفة في المبنى الاضافي للفندق؟.
- سبق وقلت لك بأنه لا يمكننا تمديد اقامته.
نظرت الى وجهه بحدة وقالت:
- هل هذا القرار قد نتج عنك ام عن برت؟.
لمعت عيناه وقال:
- لا تنسى ان هذا فندقه وله حق التصرف به.
- وانت الناطق الرسمي له .
قالت ليزا ذلك وهي تدرك تماماً بأن لا يحق لها ان تقول هذا الكلام، لكنه وكعادتها لم تستطع ان تسيطر على انفعالاتها وتابعت تقول:
- لقد كنت اعتقدك ياغاري بأنك ارفع واسمى من ذلك بكثير!
- ولكن لا تنسى بأنني موظف مأجور هنا وكل ماعلي ان افعله هو ان انفذ اوامر برت، على اية حال لو كان الأمر عائد الي لكنت امرت ان تغادري انت هذا الفندق في الحال لأنك لم تكوني سوى مثيرة للمشاكل منذ ان وطأت قدماك هذا الفندق!
- كل ذلك لأنني خيبت ظنك بي ورفضت الخروج برفقتك؟.
ثم تمالكت نفسها كي لا تتفوه بحماقات اخرى وتابعت تقول بطريقة تتعالى فيها عن مثل هذه الأمور:
- لقد جئت الى هذا الفندق لأعمل فقط وبعد ان لمست بنفسك مؤهلاتي وقدراتي وليس من العدل ابداً ان تقول لي بأنني خيبت املك في هذا المجال ايضاً.
هز كتفيه دون مبالاة وكأنه يريد ان ينهي الحديث بينهما وقال:
- ربما لكنني اصر واقول على انك باعثة حقيقية لخلق المشاكل وقد يكون برت غبياً لوسمح بتمديد اقامة رجل مثل ريتشارد في فندقه لأجل سواد عينيك، كما وانني متأكد بأنه سيدرك نواياك قريباً ولن يسمح لك بالإستمرار بالعمل هنا.
وقفت ليزا للحظات والغضب يشتعل في داخلها بسبب طريقة برت في ايصال هذه الرسالة عبر غاري وادركت ان التخلص من ريتشارد هو بداية الطريق وسيأتي دورها هي ايضاً بعد ذلك، ولكنها لن تقف صامتة تنتظر دون ان تفعل شيئاً.
استدارت لتبتعد عن غاري دون ان تعلق بكلمة واحدة على اقواله الأخيرة والغضب يغلي في داخلها لتتجه الى منزل صاحب الشأن والآمر الناهي لكافة الأمور، صعدت الدرج الذي يؤدي الى الحديقة ومن ثم الى الباب الزجاجي للمنزل ولمحت خياله في الداخل.
دخلت الى المنزل دون تردد ونظرت الى برت باستياء واحتقار لتقوله له بحدة:
- انك لا تستطيع ان تقبل هذه الأمور وترضاها على نفسك، اليس كذلك؟.
- اقبل ماذا؟.
- في ان تشعر بالهزيمة وانه لمن المؤكد بأنها المرة الأولى التي تشعر فيها بمثل هذا الشعور ، فعلا انا مخطئة في ذلك؟.
- ربما معك حق ، انني قد اخطأت ولأول مرة في حسن التدقيق والاختيار ، هل هذا كل ماجئت ساعية اليه؟.
اتقدت عيناها شرراً وقالت:
- انك تعرف جيداً سبب مجيئي اليك! ومن الواضح انك تدرك انه ليس من العقل والحكمة ان تطردني من العمل ولكنك اردت ان تحاربني بواسطة ريتشارد هانسون ولم تمدد له الاقامة في فندقك!.
--------------------------------------
اجابها بشيء من السخرية:
- نعم انه شيء من هذا القبيل، هل هناك اي شيء آخر؟.
اخذت تستشيط اكثر فأكثر غضباً وقالت:
- انت رجل واثق جداً من نفسه، اليس كذلك؟ لأنك برت ساندرسون الثري واللورد المالك على اراضيه وممتلكاته وحتى على الناس الذين من حوله! لأن لا احد في ايامنا هذه يهتم بمثل هذه الأمور، لذا فأنا اجد انك واندريا غوردان مناسبان لبعضكما البعض، لأنكما من نفس الطينة.
نظرا اليها ببرود وقال:
- وماعلاقة اندريا في هذا كله؟.
ادركت ليزا بكآبة بأنها اخطأت عندما ذكرت اسم اندريا، لأن ذلك سيجبرها الى ان تكشف الكثير من الأمور ، فأجابت تغير الموضوع:
- اسمع جيداً، اذا غادر ريتشارد هذا الفندق غداً فأنا سأغادره معه ايضاً!.
وعندما همت بالخروج ضغط برت على احد الأزرار في الحائط فأقفل الباب الزجاجي ليمنعها من الخروج .
ثم قال بغموض:
- انك لن تذهبي من هنا حتى تقولي لي ماعلاقة افتقاري للكمال وحسن البصيرة باندريا غوردان.
اوضحت له قائلة:
- ان من يوافق على مثل هذه المشاريع معها مفتقراً لما قالته سابقاً، حتى ولو ان الاتهامات التي وجهتها الي سابقاً حقيقية لا يحق لك ان تناقشني بها وانت على مثل الإفتقار.
قطب حاجبيه وقال:
- ماهي هذه المشاريع التي تتحدثين عنها؟.
اجابت وقد شعرت بالاشمئزاز من كل ذلك:
- آه لا تحاول ان تتجاهل ذلك وتحلى ببعض الصدق على الأقل.
قال بحنق وقد نفذ صبره:
- كيف اتجاهل شيئاً لا اعرف ماهو بعد ، سألتك ماهي تلك المشاريع؟.
نظرت اليه ليزا بحيرة للحظات قليلة وكأنها لا تصدق انه لم يفهم ماذا تقصد بتلك المشاريع، ثم قالت:
- كانت اندريا قد حجزت لجلسة معي لنهار البارحة، واخبرتني بكل شيء وفهمت ان كلاكما يسعد نفسه ويلهيها الى ان يحين تنفيذ مشاريعكما والتي لا ادري متى ستكون بالتحديد.
فسألها برت بطريقة آمرة:
- اريد ان اعرف ماالذي قالت بالتحديد وليس الذي اعتقدته انت.
- لم اعتقد شيئاً، لأنها كانت واضحة جداً في كلامها .
ثم اضافت بنبرة ساخرة:
- على اية حال ماالذي تنتظرانه؟ فأنا لا اعتقد ان زواجكما سيوقفكما عن التمتع واللهو متى اتيحت لكما الفرصة لذلك؟.
نظر اليها نظرة غريبة وقال:
- هل تصدقين بأنني اخطط للزواج منها؟.
لوت ليزا بفمها وقالت:
- هذا مافهمته منها، ربما قد تقول لي ان هذا ليس صحيحاً.
قال بطريقة لم يجهد نفسه بها كي يظهر لها الصدق بكلامه وتابع النظر اليها بثبات:
- انني لن اتباحث معها ولا مرة في قصة الزواج منها ولامع أية إمرأة اخرى.
نظرت اليه بتحد وقالت:
- هل تعني بأنها اختلقت هذه الرواية؟.
-------------------------------------------
- اذا كان الامر غير صحيح، فعندها تكونين انت قد فعلت ذلك.
- تقول اذا، ففي هذه الحالة يكون احد منكما هو الذي يكذب!
اجابها ببرود:
- وفي هذه الحالة ايضاً، عليك انت ان تقرري في هذا الأمر وحدك.
احتارت ليزا من تكذب ومن تصدق ، فإذا كان برت صادقاً بكلامه فهذا يدل بأن اندريا تريد ان تقطع علاقتهما وتبعدهما عن بعضهما.
وعندما لم تجب بأية كلمة تابع يقول:
- اعتقد انه يجب ان نسوي اموركثيرة فيما بيننا.
تكلمت عند ذلك ببرود قائلة:
- هذا لا يهم لأنه موضوع جانبي ولقد قصدتك من اجل التكلم بشأن ريتشارد، انه غير مسؤول عن كل ماقلته لك مساء البارحة.
اجابها بجفاف:
- كما وانني غير مسؤول ايضاً عن كلام اندريا لك.
فاعترضت ليزا قائلة:
- لكنك جعلتها وبطريقة واضحة تعتقد بأن لها حق عليك وإلا كيف تجرأت على ان تقول لي ذلك؟.
هز كتفيه دون مبالاة وقال:
- ربما لأنها معتادة ان تحصل على كل ماتريده في هذه الحياة.
- وهل انت من ضمن الاشياء التي تريدها؟.
- نعم ، لأنها تراني الأنسب لها.
- لا اعتقد بأنها وحدها تفكر كذلك.
ابتسم يسخرية وقال:
- ربما لا، ولكن لماذا لم تخبريني بكل هذه الأمور ليلة البارحة بدلاً من ان تمثلي ذلك الدور امامي.
رفعت ليزا رأسها بتعال وقالت:
- ومالذي يجعلك تتأكد بأنني كنت امثل عليك دوراً ما؟.
اجابها متعمداً:
- هذا.
تسمرت مكانها عندما رأته يقدم منها بسرعة ، وتسارعت نبضات قلبها عندما جذبها اليه ليضمها الى صدره وكأنه يمتنحها فيما لو توافقه على ذلك او ان تبعده عنها، ولكنها شعرت بالضعف ولم تبد اية ممانعة، وكيف تفعل ذلك وهي التي تحبه حباً لا يتصوره العقل البشري ، كما لو يعد يهمها فيما لو كان صادقاً معها ام لا.
ثم همس في اذنها:
- اما زلت تعتقدين بأنه يوجد بيني وبين اندريا اية مشاريع معينة؟.
اجابت:
- لا، لم اعد اعتقد ذلك الآن ، على اية حال فليس بيننا من عهود.
- هل افهم من كلامك انه بامكاننا الاستمرار في اللقاء معاً؟.
ضغطت ليزا على نفسها كي لا تظهر نبرة صوتها مايختلج في داخلها وقالت:
- ولم لا؟ طالما اننا متفقان في الوقت الحاضر؟
اجابها:
- بالطبع ولم لا؟ اذاً ، وفي هذه الحالة ، لم لا نستفيد من اتفاقنا الحالي؟.
تذكرت في هذا الوقت موعدها مع ريتشارد في الساعة الثامنة وقد مضى الوقت دون ان تشعر واصبحت الساعة التاسعة والنصف الآن، وقد يكون ايضاً قد علم بأنه لم تمدد له الاقامة في هذا الفندق كما كان ينتظر ، ترى بأية حيرة واقع هو الآن فيها؟.
-----------------------------------
وعندما حاولت الابتعاد عنه سألها:
- هل تريدين الذهاب؟.
اجابت:
- لم الحظ ان الوقت مر بهذه السرعه.
- بالفعل لقد مضى الوقت بسرعة ولكن لا ادري لماذا تريدين الهروب مني؟.
ترددت قائلة:
- انا لا اريد الهروب منك ولكنني مرتبطة بموعد على العشاء مع ريتشارد.
اجابها باقتضاب:
- لقد امضيت النهار بطوله معه، الايكيفيك ذلك؟.
- اذا كان حقاً سيسافر غداً فيجب علي ان اودعه على الاقل.
- هل تفضلين ان يبقى؟.
- نعم ومن المؤكد جداً ، وكما قلت لك بأن لا علاقة له بما جرى بيننا ليلة البارحة ،فإذا كنت تريد ان تضع الأمر عل عاتق احد ، فلما لا تضعه على اندريا؟
فقال لها برت:
- سيكون لأندريا حسابها معي في في وقت من الاوقات ولكن اذا سمحت ان يبقى ريتشارد هنا فهل يمكنك ان تبقي بعيدة عنه؟.
ترددت ليزا قائلة:
- لقد وضعتني في موقف حرج.
اجابها دون مبالاة:
- هذا هو شرطي وانت حرة في اختيارك.
قالت بحدة:
- لماذا؟ ان ريتشارد صديق لي ولاشيء اكثر من ذلك، ومن الخطأ ان تعتقد بأن مابيننا ...
لم تستطع ان تنهي ماارادت ان تقوله فتابع عنها وبوقاحة:
- علاقة عاطفية؟ لا لم اقصد ذلك ، انما لا ارى في علاقتكما تصرفات بنوية وابوية لأن هناك بعض الرجال يلهون انفسهم في الخروج مع فتيات جميلات دون ان يكون هناك اية علاقة عاطفية بينهم، فلا داعي لأن تعيدي على مسمعي بأنه يرى فيك ابنته المتوفاة، لأنني لا انخدع بمثل هذا الكلام.
- لايمكنك ان تحكم على الناس من خلال اعتقادك الخاص والذي تؤمن به.
- اعلمي جيداً بأنني ماكنت مرة مخطئاً في مااعتقد.
اجابت ليزا بغضب شديد:
- كما وانك رجل متغطرس وعنيد! و لاادري كيف سمحت لنفسي ان ارفق رجلاً مثلك في وقت من الاوقات.
- هل تقصدين بأنك نادمة على ذلك؟.
استشاطت غضباً اكثر من الاول وقالت:
-كما وانني لم اندم على شيء اكثر من هذا في حياتي كلها!
لمعت عيناه وقال:
- كاذبة والذي تقولينه عكس ما تشعرين به في داخلك.
- هذا ماتعتقده انت!
فما كان منه الا وجذبها الى صدره من جديد ليقبلها قبلة جعلتها تخسر معه المعركة ثم قال:
- اعترفي لي الان بأنك لست كاذبة بماكنت تدعين.
اجابت بضعف وبنبرة خافتة:
- انني مستاءة فقط من انك تفرض علي مايمكنني رؤيته وما لا يمكنني ، انك لا تملك اي حق في ذلك.
- لكن لي الحق في ان اختار نزلاء الفندق.
----------------------------------
- انني اوفقك في ذلك ، انما دوافعك من هذه المسألة بالذات لا ترضيني.
- انها من الدوافع التي اجد نفسي فيها مجبراً على تنفيذها وكما قلت لك سابقاً ، معك الحق في ان تختاري ماتشائينه.
نظرت اليه شذراً وقالت:
- الويل لك يابرت!
رفع حاجبيه بدهشة وقال:
- هل اعتبر ذلك موافقة على طلبي ام رفضاً له؟.
ولأنها كانت تحبه ذلك الحب الكبير اجابت برقى :
- انا موافقة.
وما ان اعلنت ليزا موافقتها على شرطه حتى توجه الى الهاتف دون ان يعلق بكلمة واحدة وطلب رقماً معيناً.
وسمعته يقول:
- اخبر السيد ريتشارد هانسون بأننا اخطأنا بحساباتنا وبأن اقامته في الجناح 113 ستمدد.
قالت ليزا بعد ان اعاد سماعة الهاتف الى مكانها:
- ربما يكون قد عزم على السفر بعد ان ابلغ قبل الآن بأن اقامته لن تمدد.
اجابها ببرود:
- سيكون له الخيار اذاً.
ثم ابتسم لها وتابع يقول:
- هل تشعرين بالجوع؟.
قالت ليزا:
- قليلاً، فأنا لم اذق شيئاً من الطعام منذ ظهر هذا اليوم.
- اذا يجب ان نفعل شيئاً حيال ذلك ، ففي الثلاجة الكثير من اصناف الطعام.
توجه الى المطبخ ولحقت به لتجده يخرج كمية من لبيض من الثلاجة ويبدأ يخفقها قائلاً:
- انني احضر طبقاً من العجه على الطريقة الاسبانية ومعها سلطة الخضار ، هل ترغبين بذلك؟.
وافقت على الفور:
- ارغب جداً ، هل يمكنني ان اساعدك بأي شيء؟.
اجابها :
- كل شيء معد ومحضر عدا البيض المخفوق ، فقط اجلسي وتحدثي معي.
لاحظت ان الطاولة في المطبخ مجهزة لشخصين وفي وسطها طبق من سلطة الخضار ، فجلست على الكرسي وقالت:
- بماذا تريدني ان احدثك؟.
نظر برت اليها وقال:
- بأي شيء يخطر على بالك فليس من عوائدك السكوت طويلاً.
- ذلك لأنني لست معتادة على جلسة من هذا النوع.
سكب البيض المخفوق في المقلاة وقال:
- انك تحبين ان يبقى الرجل محتاراً امامك، اليس كذلك؟.
ترددت قبل ان تقول :
- لا افهم ماذا تعني؟.
- اعني انك فتاة متقلبة المزاج احياناً ارى فيك النضج وحسن التفكير واحياناً اخرى اراك تمثلين البراءة وقلة الخبرة!.
اجابت بحدة:
- اني لا امثل شيئاً.
انتهى في تلك الاثناء من قلي البيض المخفوق فقسم الكمية بينهما وقال:
- ابدأي بأكلها وهي ماتزال ساخنة.
شعرت بفقدان شهيتها للطعام بعد الذي سمعته منه ، ولكن من المستحيل عليها ان ترفض تناول الطعام الآن ، ثم جلس قبالتها ببرود، فتساءلت بينها وبين نفسها، اذا كانت هي وكما يقول متقلبة المزاج، فماذا يكون هو اذاً؟
قال فجأة وهو يرفع رأسها:
- لا تقطبي وجهك.
- انني لا...
----------------------------------
وتوقفت عن الكلام وقد لاحظت البريق في عينيه الرماديتين ثم قالت:
- من الذي يحاول الآن ان يربك الآخر؟.
تجاهل كلامها وقال:
- اريد منك ان تمضي هذا الليل معي..
شعرت ليزا بقلبها يهوي بين ضلوعها، وارادت ان توافقه على ذلك ولكن الحذر والخوف منعاها من ذلك فقالت :
- لا اعتقد بأنها فكرة صائبة.
- تعنين بأنك ترفضين لي هذا الطلب؟.
- لم اقل ذلك.
- اذاً، هل ترغبين بذلك؟.
تنهدت ثم قالت :
- انت تعلم جيداً بأنني ارغب في ذلك.
تذكر لكلامها قائلاً:
- انني اعرف فقط ماتريدينني ان اعرفه ، فماهي المشكلة في بقاءك معي؟.
- ستكثر الهمسات حولنا لو شهدني احد ماخارجة من منزلك في الصباح.
- سأدعك تخرجين باكراً وقبل ان تدب الحركة في الفندق .
- لا تنسى موظفي الفترة الليلة.
- يمكنك ان تستعملي طريقاً آخر لتصلي الى غرفتك تعلمين ذلك جيداً، والآن ، ماذا قلت؟ هل توافقين ام لا؟.
لم تعد تأبه لأخذ الحيطة والحذر امام هذا العرض فاجابت:
- اوافق.
ضحك وقال:
- هذا ماكنت اود ان اسمعه منك.
سألته بخفة:
- هل انت دائماً تفوز بالذي تريده وتتمناه!
- في معظم الأوقات ، فليس من احد يمكنه ان يحصل دائماً على مايريده.
- مع انني اجدك عكس ماتقوله.
- ربما من الناحية المادية، ولكن هناك امور اخرى في الحياة.
ثم نظر من غير قصد في صحنها وقال:
- انك لم تأكلي جيداً، الم يعجبك الطعام؟.
اكدت له بصدق:
- الطعام لذيذ جداً لكن يبدو انني لست جائعة كما شعرت قبلاً.
- وكذلك انا.
ثم اخذ الشوكة من يدها ليضعها قرب شوكته وتابع يقول:
- والآن ، لم يعد من منفعة لجلوسنا الى الطاولة.
ووقفا معاً فأحاطها بذراعه وغادرا المكان.

الفترة التجريبيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن