الجزء الثاني:فلسفة الحياة

346 18 8
                                    

ربما جل ما اريده صداقةً ذهبية " قلت ذلك وانا امرر اصابعي على رفوف المكتبة وبعد انتهاء جولة التمرير سحبت "قواعد العشق الاربعون" لطالما غرقت بتفاصيل هذا الكتاب وطالما كررته مراراً وتكراراً بلا ملل ولا كللٍ ،ابتسمت ابتسامة خفيفة تعبيرية عن سعادتي .
"ما الذي لفت انتباهك؟" سمعتُ صوتً خشن لكنه في نهاية المطاف انثوي
"بماذا؟"
"بالكتاب؟" سألت الفتاة، كانت شقراء الشعر ولديها بشرة سمراء مكتسبة جميلة ذات قامة طويلة جدا مقارنة بي .
"ربما بلون الكتاب اولا" كانت اجابتي صادقة بقدر ما كانت ساخرة
"اممم هل يوجد مقطع علقَ برأسك؟" سألت الفتاة وتعابير الجدية واضحة ، لكنني كنت واثقة انها قارءة جديدة او انها تزور هذه المكتبة حديثا لأنني لم اراها سابقاً .
"سيمفونية هذا الكتاب اثرت بي حقا وتجولت بردهات فكري لأن كلماته كانت نقية كما انها من نبعٌ صادق وللاجابة على سؤالك ، نعم هناك ! تقول القاعدة الاخيرة ; لا قيمة للحياة من دون عشق لا تسأل نفسك ما نوع العشق الذي تريده،روحي أم مادي،الهي ام دنيوي ،غربي ام شرقي..فالانقسامات لا تؤدي الا الى مزيد من الانقسامات ،ليس للعشق تسميات ولا علامات ولا تعاريف; هذا مقطع من القاعدة الاخيرة ربما لست قريبة جدا من الدين لكنه حقا كتاب رائع " انهيت كلامي بسؤال "هل انتِ قارءة جديدة ؟"
"Interesting"
قالت باللغة الانكليزية وهي تهز رأسها ثم اعقبت "نعم انا كذلك وأنا كنتُ ابحث عن كتاب مميز واظن انني وجدته"
"محقة في ذلك" قلت اثناء ذهابي للجلوس
"انظري! كوني لا اقرأ الكتب هذا لا يعني اني جاهلة " قالت وهي تلحق خطواتي السريعة
"هذا ما كنت اظنه سابقا ايضا "قلت لها
"كنتِ محقة في السابق اذاً"اجابت بسرعة وهي تسحب كرسياً لتجلس معي
"قولي شيئا لا اعرفه اذا!" قلت على وزن نبرة صوتها .
"هل تعلمين اننا قد نعيش في اكوان موازية! هذا يعني كونك نفس الشخص على عدة اكوان شبيهة بالارض ولتوضيح ذلك! قد تكونين جالسة الان معي لكنك تبكين في كون آخر ! "قالت متلهفة
"الم تستطيعي ايجاد مثلاً غير البكاء؟ " سألتها بسخرية لكنها محقة من ناحية البكاء فأنا ابكي كثيرا في هذه الاونة "ثم انها مجرد نظرية ولا صحة لها !! " اعقبت قبل ان تتكلم
" قد تبدو كذلك لكِ لكن الكثير من العلماء الان تاركاً نومه ليدقق فيها " قالت هي
"لا يهم" قلت وانا اقلب عيني لتعود على الكتاب .
"بالمناسبة انا سارا "قالت وهي تمد يدها للمصافحة فأبتسمت لها ابتسامة دافئة وصافحتها على الرغم من ان حديثنا لم يعجبني لكن هذه احدى طبائعي الجميلة انني كثيرة الابتسام " وانا يلديز " قلت لها
" اسمك جميل لكنني لم اعرف معناه!"
"معناه نجمة في اللغة التركية " قلت لها ،سبب تسميتي بهذا الاسم لأن امي كانت تحب النجوم كثيرا ولانها تركية الاصل فوقع هذا الاسم علي لكنني في الحقيقة احبه واراه مميز .
"هذا من اكثر ما احبه " قالت بفرح وحماس ثم اعقبت لأنها متاكدة انني سوف اسألُها "اوه لانني ادرس الفلك واحب النجوم ،هذا ما قصدته " .
"هذا سبب قولك للنظرية اذا" قلت وانا اغمز لها مع ابتسامة واذا انها تدرس الفلك
"عذرا لكنني لا اصدق بالتنجيم ،الكهانة الابراج، وما شابه " قلت لها بجدية
"علم الفلك لا علاقه له بالابراج ،لا اعرف من اظهر بهذه البدعة على انها من ضمن الفلك لكن في الحقيقة ليست الا شخص يكتب كلمات مزيفة لا تمت صلة بالواقع او لا اعلم ربما لها علاقة بالسحر نوعا ما " اخذت نفسا عميقا ثم اكملت " ما اريد قوله باختصار بأنني فتاة تدرس علم الفلك و الفضاء وتخوضه ولست عرافة واطمح لأكون عالمة يوما ما " اجابت بنبرة تميل للغضب
"ستكونين ان شاء الله ذلك" قلتُ لتفادي الجِدال .
"سررت بمعرفتك لكن علي الذهاب لدي موعد مع الطبيب الى اللقاء" قالت ذلك وشعرت بأنها انزعجت قليلا او ربما هذا ما راودني احساسه .
"انا ايضا ،الى اللقاء" قلت لها ولا يزال نظري يتبعها الى حين اختفائها عن نظري ، فعلى الاقل انها تطمح بشيء ما ! وتسائلت قليلا ما الذي اطمح به انا لكن عاد تفكيري خالي الوفاض ،ابعدت تلك الافكار عن رأسي لانني تعلمت ان لا اقارن نفسي بشخص اخر لأن نصف ثقتي بنفسي جائت من عدم المقارنة مع الآخرين، ونصف الراحة من عدم التدخل في شؤونهم، ونصف الحكمه من الصمت! هذه هي فلسفتي في الحياة .
مضى الوقت كأخوانه في الماضي لحين سماعي صوت الشخص الذي احبه " ابنتي لفد تأخر الوقت هيا الى البيت " كان هذا صاحب المكتبة العامة لطالما احببته لأنه ينشر الثقافة مجانا،ً كان رجلا كبيرا بالسن منحني الظهر لكنه يملك قلبا ذهبيا ، فركت عيني وادركت حينها انني نمتُ مجددا على المنضدة .
" احلاما سعيدة ومشرقة مثلك" قال لي اثناء ذهابي ولوحت له بالمقابل .

الحب ليس فقط للجميلاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن