في أوقاتِ الشِّدة، قد يُضطرّ البشَر لأن يعتَقِدوا بأنّ الحياة دومًا ستكونُ هكذا؛ بأن الألَم لَن يزولَ بُتاتًا.
فيبدأونَ فورًا برُؤية حيواتِهم الجديده و المُؤلمه تسيرُ مِن خلال أعيُنهم؛ المريضُ سيرَى حياتهُ كلها على السَّرير، و الجُنديّ سوفَ ينسَى شُعور الرّاحه الذّي إعتادهُ في منزِله مع عائِلتِه.
مِن أعلَى المُلوك و حتّى لأصغَر الأطفال المُشرَّدين، الألمُ دائِمًا موجود.
ضامًّا ذِراعَيهِ حولَ جسدِه النَّحيل بسبب بُرودَة ليلِ ديسَمبر، رفعَ الفَتى ذو السبعَة عشَر ربيعًا عيناهُ ناحِية سماءِ لندُن الصَّافِيه. لطالَما كان الفَتى مُغرَمًا في السَّماء، شيءٌ في بُعدِها قد كان يُشعِرهُ بالأمان.
فلا ضَرر مِن حُبّ النُّجوم حدّ الجُنون؛ هي الشيءُ الوحيد المُؤكَّد بقاءئه للأبَد، و الشّيء الوحيد الذّي سيستَمِع لك دونَ المُقاطَعه.
كما وأنّ الفَتى قد كانَ يُصدِّق بحقيقَة كون أحبِّاءِه هُناك في الأعلَى، ينظُرونَ إليه بكلّ فخرٍ لِما أصبَح عليهِ الآن.
وبعدَ نظرةٍ خاطِفه تِجاه المنزِل المُتوسِّط الحجم خلفه، أعادَ الفتى عيناهُ للسّماء مُجددًا بإبتسامةٍ مكسورَة. "أتَرين هذا، يا أُمي؟ لقد نجوت!" همسَ بحماسٍ عارِم.
"لَم أظُن بأنّي كنتُ لأخرُجَ مِن دارِ الأيتامِ ذلِك مُطلقًا." قهقه لنفسِه بسُخريه، شاعِرًا بقلبِه ينبُض كما كان يفعَل كُلّما تحدَّث مع والِدته. فحتّى بعدَ قضاءِ إحدَى عشر عامًا في دار أيتامٍ رديء بعدَ موتِ والِدته إثرَ إنفجارٍ إرهابيّ، هاريّ ما زالَ يشتاقُ لعائلَتِه يوميًا.
حرَّكت لفحةُ هواءٍ شعرهُ الطَّويل بخِفّه، مُرسِلًا القشعريرَه مِن خلال جسَدِه كاملًا. أكانت تِلك رُوح والِدته تُحادثه؟
"أتسائلُ إن كانَ هُناك سببٌ لدى الرّب حتّى أنقَذني مِن ذلِك الإنفجار؟" همسَ الفَتى هذه المرّه، و جلَسَ بهدوءِ على أحد مقاعِد الشُّرفه.
ذلِك السُّؤال قد كان يدورُ رأسِه طوال وقتِه في الدَّار؛ لِما أنا؟ لِما لم تكُن أمي؟
''فتًى يبلُغ الخامِسه مِن عُمره ينجُو مِن إنفجارٍ قوي بأُعجوبه!'' هاريّ يتذكَّرُ عناوين الصُّحف تِلك عن ظهرِ قلب. رُغم شُهرَتِه في عالَم الميديا والإعلَام، الفتَى الصَّغير لَم يتلقَّى أي مُعاملاتٍ خاصّه؛ إذ قد تمّ رميِه في دارٍ رديء، و فقد النَّاس الإهتمام بقصّتِه بعد ما يُقارِب الشَّهر.
عجيبةٌ هي النَّفس البشريّه، فلا يُوجَد ما يُثيرُ فضولِها أكثرُ من كوارِث أنفُسٍ بشريّه أُخرى.
"لو إستطعتُ إنقاذكِ بدلًا عن نفسي، لفَعلت!" أُغرِقت عيناهُ الكِرستاليَّتين فورًا بالدُّموع حين إنكَسر صوته بنِصف جُملته، فرفعَ يدهُ ليمسَح وجهه بكلّ عُنف.
لا توجد نفسٌ بهذا اليُفع تستحقّ هذا الألَم والذَّنب.
حرّك الهواء شعرهُ مُجددًا، و رفع رأسه للسماء مُجددًا و فورًا وقعت عيناهُ على إحدَى النُّجوم المُميّزة التي طالَما تأمَّل بها؛ النَّجمُ القُطبيّ.
عِلميًا، قد كان ذلِك النَّجمُ يُشير لجِهة الشَّمال، و قد كان واضِحًا و مُشِعًّا جدًا من بين جميع النُّجوم الأُخرى.
لكِن كثيرٌ مِن القُدامى قد كانوا يُصدِّقون بأنّ ذلِك النَّجم يُشير للمنزِل تمامًا. فإن إتَّبعتهُ في وسطِ الصَّحراء المهجوره، هو دائمًا سيوصِلك لمنزِلك وأحِبَّائك.
ذلِك جلَب بعض السَّعادة بقلبِ هاريّ الصَّغير.
"لِذا، لَن أجعَل موتكِ هباءًا!" إستَقام فجأةً مِن مقعده، عيناهُ مُحمَّرتين و لكِن غمَّازتيه تكادان تُمزِّجان وجنتيه مِن شِدَّة تبسُّمِه.
"ستفخَرين بي يومًا، يا أمي. وسأحرِص على جعل موتكِ يستحقّ." و مع تِلك الجُمله، إستَدار ليعودَ لداخِل بيته الجديد و يستَقبِل عِدّة تهزيئَات مِن والِديه الجُدد وأخاهُ الأكبَر الجديد.
لكِنه كان يبتَسِمُ بوِسع رُغم ذلِك، فهو عَثر على منزله أخيرًا.
Fin.

أنت تقرأ
sweet nothings ↛ one shots.
Fanfictionإستَمتِعوا بزيارَة هذا العالَم الغَريب، اللا نهائِي والمَليء بدوَّاماتٍ و ثُقوبٍ سوداء والمُسمَّى كذلِك بـ عَقلي ! x. كِتاب ونشُوتز عَشوائي، بيكُون فيه لارِي و علاقات مِثليّة أُخرى.