النصفان المتناقضان

28 8 2
                                    



قبل اثنين وعشرون سنة مضت , وفي منزل عائلة دان , صوت صراخ امرأة هز كل المنزل , لتعلن ولادة الطفل الاول للعائلة .
الوالد مخاطبا الطبيب : أخبرني كيف المولود , وكيف زوجتي .
الطبيب : كلاهما بصحة جيدة .
الوالد : حمدا لله .
وبدخول الاب الى غرفة زوجته , يسمع صوت بكاء طفله , فيسرع اليه ليلقي نظرة على وجهه .
يوجه نظراته الى وجه الطفل اللطيف والابتسامة تعلو وجهه ,وفجأة تبدأ ملامحه بالتغير شيئا فشيئا .
الاب مصدوما : ماذا؟! , ألم يقولوا بأنه سيكون فتىً وليس فتاة !.
الام بصوت ضعيف : ما بك يا عزيزي ؟.
الاب صارخا : انظري انها فتاة .
الام : ولكنها يا عزيزي قطعة منا أليس كذلك ؟.
الاب غاضبا : وما حاجتي بقطعة مني تكون ضعيفة , وعالة علي .
الام : ما بك , لمَ أنت غاضبٌ هكذا ؟, عزيزي اهدأ انها ابنتك .
الاب وقام برمي الطفلة على والدتها : أنا لا أحتاجها , سأنتظر الطفل التالي .
الام وهي تنظر الى وجه زوجها محدقة : أحقا لا تريدها ؟!.
الاب : أجل أنا لا أريدها سأرميها قريبا في الخارج .
الام وعيونها تفتح بشدة , ودقات قلبها تزداد اضطرابا , فتضع يديها على رأسها , وتبدأ بالصراخ متألمة .
الاب مذعورا : م م ما بها .
وبجزء من الثانية , لا يسمع صوت سوى بكاء الطفلة الرضيعة .
.
.
في مستشفى المدينة .
صوت يقول : وأخيرا استيقظت , حمدا لله على سلامتك .
رد عليه صوت ضعيف : ماذا ؟! , أين أنا ؟.
أنت في المستشفى , وأنا الطبيب المشرف عليك .
يرفع ظهره الى الامام بقوة والصدمة تعلو وجهه : ماذا؟! , أين زوجتي ؟, ما الذي حدث في ذلك اليوم ؟, أخبرني .
الطبيب : لا تقلق زوجتك بخير , وطفلتكما أيضا , في ذلك الوقت اتصل علينا جاركم , وحضرنا سريعا الى المنزل , فوجدناك مدرجا بالدماء , وزوجتك على سريرها فاقدة وعيها , والطفلة تبكي , ولكن الحمد لله جميعكم بخير الان .
الاب بيأس : أجل تذكرت,.... يكمل متمتما : هل علموا سبب ما حصل في ذلك اليوم يا ترى ؟. .
.
.
بمرور سنة .
الاب : عزيزتي , صحتك تزداد سوءا .
الام وهي نائمة على السرير : أريد رؤية لانا , أريد رؤية لانا .
الاب غاضبا : في كل مرة أتحدث اليك فيها , لا تجدين شيئا لقوله سوى لانا , لانا , لانا , لانا , أنا أكرهها , لا أريد سماع اسمها , فهمتي .
.
.
في المساء .
الاب يسير متوجها الى غرفة زوجته .
يفتح الباب قائلا : أحضرت لك شيء لتأكليه .
يرفع عينيه عن الارض باتجاه زوجته , فيسقط الطعام من يديه , ويبدأ بالارتجاف , والذعر يملأ وجهه .
الاب مرتجفا : ممماذا الذي حدث ؟.
الام تنظر اليه بعينين حمراوين , والدماء تخرج من فمها , والسرير مغطى بالدماء .
الام : أريد رؤية لانا .
الاب يتحرك باتجاه الطاولة , يتناول شيئا عنها , ثم يسير باتجاه زوجته .
الام : تريد قتلي .
الاب مرتجفا : أجل , انظر الى نفسكِ تبدين كالوحوش , موتك أرحم من رؤية وجهكِ المرعب هذا .
الام : تكرهني .
الاب وقد طعنها في قلبها وعيونه تذرفان الدموع : أنا أحبكِ .
الام وهي تبكي دما : شكرا لك ,..... ثم تصرخ صرخة عالية : لانااااا عيشييييييييييي .
.
.
.
من مقر المنظمة .
ري : اذا هل زوجها هو المسؤول عن هذه الحوادث ؟.
ليو وهو يحدق في الارض : لا أظن .
ري : ليو , هل هناك خطبٌ ما ؟.
ليو ولم يحرك ناظريه عن الارض : لا شيء .
ميلو : هذه القصص مزعجة .
ري : جان أخبرنا برأيك .
ميلو : ناده سيد جان .
جان : لا أعلم , لا أعلم ماذا حل به , وبابنته , لقد اختفوا , ولم يجد لهما أثرا .
ري : حقا , اذا هناك احتمال كبير أن يكونا هما المسؤولان عن هذه الحوادث .
ليو غاضبا : قلت لكِ , ليسا هما .
جان : ليو , هل تخفي شيئا ؟.
ليو : أبدا .
ري بصوت منخفض : هل يعلم شيئا يخص تلك الفتاة ؟, ولكن عمر ليو ستة عشر عاما , وتلك الفتاة سيكون عمرها لو أنها على قيد الحياة اثنان وعشرون عاما , اذا لا علاقة حب بينهما .
ميلو واقفا خلف ري : ري بماذا تتمتمين ؟.
ري مذعورة : كيف وصلت الى هنا ؟, ابتعد عني يا جاسوس .
ميلو : جاسوس !!! .
ري : أجل أنت جاسوس ل ليو .
ميلو : اذا أنتِ تتحدثين عن ليو .
ري وقد وضعت يديها على فمها : لا أبدا .
ليو وهو يسير خارجا من مكان جلوسهم مكلما نفسه : يبدو أني بدأت أفهم كل شيء .
ري : ليو الي أين أنت ذاهب ؟.
ليو : سأخرج قليلا .
جان ينظر الى ليو ويمر في مخيلته شريطا من الاحداث :
( طفل يبكي ويصرخ قائلا : لقد رأيتها , رأيت فتاة متوحشة , قتلت الرجل , تملك عينا مرعبة , انها وحش , وحش, أنا خائف , ستقتلني , أنا خائف ) .
جان مصدوما : هل يعقل بأن .....
جان : ري , الحقي ب ليو , لا تتركيه وحيدا .
ري : ماذا ؟, لماذا ؟.
جان : لا وقت للكلام , هيا اذهبي .
ري : علم .
.
.
.
في وسط المدينة , من الساحة الكبرى , وفي ظلمة الليل المكان مليء بالوحوش الميتة على الارض , وأحدهم يقف في الوسط .
صوت فتاة تتحدث ساخرة : كم أنتِ مثيرة للشفقة أيتها المتوحشة .
يتحرك الشخص الذي يقف في منتصف الوحوش , يميل برأسه قليلا , وينظر بعينه الحمراء مع ابتسامة عريضة .
الفتاة : ماذا ؟, لمَ تبتسمين ؟.
يتحرك الشخص بسرعة , ليقف خلف ظهر الفتاة .
ينظر الى يده حاملا قلب الفتاة , ويضحك بصوت مرتفع , ثم يسحق قلبها , وتسقط الفتاة جثة هامدة .
ثم يتوقف عن الضحك , ينظر الى يديه , فيصرخ باكيا : لاااااااا , لماذا.؟ لماذا ؟ لماذا ؟, لقد قتلتها .
تنظر الى الارض والدموع تملأ عينيها السوداوين بعد اختفاء العين الحمراء .
صوت من خلفها : أنت حقا متوحشة .
فترتجف الفتاة وتقول بصوت منخفض : أنا لست متوحشة .
يكمل قائلا : للمرة الثانية أراكِ فيها تقتلين انسانا , في المرة الاولى قتلتِ والدك , واليوم هذه الفتاة , ربما هي صديقتك , أي قلب متوحش تملكين.
تنظر الى الخلف , ملامح البرود تعلو وجهها , عين حمراء مليئة بالحقد , تنطق قائلة : ومن أنت ؟.
أنا ليو , أنا من سيقتلكِ , ويضع حدا لجنونك يا متوحشة .
تحدق الفتاة ب ليو وتقول : متوحشة .
الفتاة : هل ترغب بالموت ؟.
ليو : هذا ما سأفعله بكِ .
.
.
ري وهي تركض مسرعة : ذلك المجنون بماذا يفكر .
جان مخاطبا ري ويتكلم بذعر : ري حاولِ منعه من قتالها , فقوتها مرعبة ان غضبت , انها أخطر من كل الوحوش التي قاتلناها مجتمعة , فهي تملك القلب الذي تبحث عنه جميع الوحوش الاخرى , غضبها يعني زيادة احتمال أن يصبح كامل جسدها مصاص دماء , هي الان تملك النصفين المتناقضين وهي بهذه الخطورة , فما بالكِ لو اتحد التناقض بمشاعر الغضب .
ري تزيد من سرعتها وتصرخ قائلة : ليو أيها الاحمق سأبرحك ضربا عندما أرااااااااك . 

نصفان متناقضانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن