نصفان متناقضان

العودة

 في الحياة هناك الشر وهناك الخير , هناك القوة وهناك الضعف , هناك الضمير والانسانية وهناك القسوة والوحشية , هناك الصراع الدائم بين التناقضين , وبالتالي هناك من يتألم من هذا الصراع , واجتماعهما في آنٍ واحد يعني الدمار والالم والبكاء , التشرد والقتل و الخوف , يعني المعاناة ثم المعاناة ثم المعاناة , فماذا لو اجتمع التناقض في جسد واحد ولمدة اثنان وعشرون عاما ؟!.
.
.

ري وهي تركض مسرعة نحو ليو : ليو , بماذا تفكر أيها الاحمق ؟.
.
.
من مكان المواجهة .
ليو : ستكون نهايتكِ على يدي الليلة .
تحدق لانا ب ليو بدون نطق كلمة واحدة , يشتد احمرار عينها اليسرى , تتحرك بخفة الى الجهة اليسرى لتختفي فجأة .
ليو يغمض عينيه ويقف هادئا , يم يفتح عينيه دفعة واحدة ويحركهما الى الاعلى ويحني رأسه الى الخلف بسرعة كبيرة , فيمسك بيد لانا الحادة وهي قادمة من الاعلى , ويبتسم ابتسامة مليئة بالثقة ويقول : أنتِ بطيئة جدا .
لا تزال لانا تحدق بوجه ليو , تضيء يد لانا باللون الاحمر.
ليو وعينيه محدقتان بعين لانا : عينها مرعبة , ما بال يدها حرارتها ترتفع .
يحاول ليو جاهدا ابعاد يده عن يدها بلا جدوى .
ليو صارخا : اتركي يدي , اتركيها .
وبجزء من الثانية يحدث انفجار قوي .
بعد دوي الانفجار , صوت ليو صارخا : آآآآآآآآآآخ عيني , يدي , عيني , عيني , يدي .
ساقطا على الارض والدماء تعلو جسده , عينه اليسرى ثقبت , ويده اليمنى قطعت اثر الانفجار القوي , ينظر بعينه اليمني الى لانا الواقفة بجواره ثم يقول متألما : أي وحش أنتِ , فجرت يدك من أجل ثقب عيني وقطع يدي .
محاولا الوقوف على قدميه : فقدان يدي وعيني , لا يعنيان هزيمتي , انما هما وقود لإشعال الحماسة لا أكثر .
يخرج ضوء أصفر من جسد ليو .
ليو : لا يهم ان مت أنا , ولكن لن يكون ذلك قبل قتلك .
.
.
.
ري مذعورة : أشعر بطاقة ليو , وهناك طاقة أخرى كبيرة , تفوق طاقة ليو بدرجات .
.
.
ليو راكضا : آآآآآآآآآآآآآه , السيف القاطع (سيئة في اختيار هذه المسميات فلا تضحكوا) .
فيظهر سيف بحجم متوسط , قبضته صفراء اللون , يخرج منه هالة صفراء .
تقف لانا بلا حراك , تراقب ما سيفعله ليو .
يقوم ليو برفع يده التي تحمل السيف , وموجها ضربة مباشرة على لانا , ولكن ...
تبتسم لانا ابتسامة عريضة , يبدأ ليو بالإبطاء فجأة , يسقط السيف من يده , يبدأ بالصراخ متألما : آآآآه جسدي , هذا مؤلم , آآآآآآآآآآآه جسدي, جسدي .
يخرج بخار من جسده , وكأنه يحترق .
تضحك لانا بصوت مرتفع ثم تقول : دماء يدي تأكل جسدك الان , هيا اصرخ أكثر .
ليو وهو يبكي : آآآآه , جسدي , مؤلم , مؤلم , مؤلم , هذا يكفي , يكفي .
ينظر ليو الى يد لانا , فإذا بها تعود كما كانت فيصرخ قائلا : لااااااااااااااا , تبا , تبا , تبا .
تتحرك لانا من مكانها , متوجهة الى ليو بنية قتله : فلتمت .
صوت قادم : ليوووووووووووووووووووو , أيها الاحمق , سأقتلك أنا .
ليو وهو يفقد وعيه : ري ابتعدي من هنا , انها متوحشة .
تتوقف لانا عن الحراك , تنظر باتجاه ري التي تتنفس بسرعة .
ري : لا أريد قتالكِ , أريد أخذ صديقي فقط .
لانا : تعالي خذيه .
ري مصدومة : ماذا ؟! .
لانا : ألم تقولي أنك تريدين أخذه ؟.
ري : أ أ أجل .
ري محادثة نفسها : بماذا تفكر هذه المجنونة , هل تريد قتلي غدرا ؟.
لانا : أسرعي قبل أن أغير رأيي .
ري : ولكن أنا لا أثق بكِ .
لانا : لماذا؟! .
ري : أنتِ لا تثقين في البشر , ونحن لا نثق بالوحوش .
يدق قلب لانا بقوة , تسقط الدموع من عينها اليمنى , يرجف نصفها الايمن .
تتكلم لانا بنبرة أخف وهي تبكي : أنا لست وحش .
فتنفجر غاضبة , وتصرخ بأعلى صوتها : فلتمتوا جميعا .
وبغمضة عين , كل المكان انهار , لا يوجد شيء واقف في مكانه سوى لانا , و ري واقعة على الارض والدماء تنزف منها .
تنظر لانا الى السماء المظلمة , الدموع تسقط من عينها اليمنى , تتمتم قائلة : أنا لست متوحشة .
ري تتكلم وهي تكاد تخرج ما تقوله بصعوبة : كل هذا , وتقولين أنكِ لست متوحشة , ماذا تسمين هذا إذا ؟.
تغرق لانا في مخيلتها , تعرض مشاهد من ماضيها , صوت رجل يتحدث اليها : لانا , أنتِ ابنتي , سأحميكِ .
لانا بصوتها الطفولي : أبي , أحبك .
ابتسامة على وجه والدها مملوءة بالألم .
.... أصوات تردد : متوحشة , أنتِ متوحشة , ابتعدي عنا .
أصوات أخرى : لا تقل هذا , ستقتلك إن سمعتك , فهي مجنونة .
صوت والدها : صغيرتي , لا تصغي لكلامهم .
..... صوت لانا تبكي , الاب : ما بكِ , لم تبكين ؟.
لانا ترفع رأسها رويدا رويدا , عينها اليسرى حمراء , وعلى وجهها ابتسامة شريرة , لانا بنبرة مختلفة عن المعتاد : أبي , أنا جائعة .
الوالد هادئا , ولا تبدو عليه علامات الذعر , يضع يده على رأسها ليداعبه بلطف , ويقول بهدوء : لانا , والدتكِ قتلتها بيدي رغم أني أحبها ,.... ينبض قلب لانا بعنف , يكمل كلامه : وكانت آخر كلماتها : لانا عيشي ,..... تسقط الدموع من عيونهما الاثنان .
لانا وهي تنظر اليه وعينها اليسرى تبكي دما كما بكت عيون أمها سابقا , يتحرك جسدها نحو والدها , فتغرس يدها في قلبه , فتضحك بصوت مرتفع , يتبعه بكاءٌ وصراخ من أعماق قلبها .
الاب يتكلم بصعوبة : لانا عيشي .
فتدوي الكلمة في أذنها , فتضع يدها على رأسها والدموع تنهار من عينيها وتصرخ : لااااااااااااااااااااااااا , لقد قتلته , قتلته .
تخرج لانا من مخيلتها , وهي تصرخ بأعلى صوتها واضعة يديها على رأسها .
ري مصدومة : جزؤها المتوحش , يبكي !!! .
.
.
.
.
في مكان ما .
أحدهم ينزل من على سلالم في مكان مظلم .
رجل يمسك يد طفل .
الرجل : لا تخاف مايك (مايك هو الطفل الذي كان في المنزل واكنت تلاحقه المرأة الوحش) , من هذه اللحظة ستبدأ حياة جديدة لك , لذا كن سعيدا .
ينظر مايك ووجهه مليء بالدماء , وعينيه خائفتين , ينظر الى الرجل ويقول بصوت مرتجف : أجل .
يمران من ممر مظلم , أصوات وحوش في كل مكان , الدماء على الارض , الرائحة عفنة .
يسير مايك متشبث بيد الرجل , يرتجف من الخوف , لا يبعد ناظريه عن الارض .
يهجم فجأة وحش عليهما , فيصرخ مايك مذعورا .
الرجل : عد الى مكانك .
يعود الوحوش مرتعبا .
يصدم مايك من ما رأته عيناه .
الرجل : هل رأيت , ستكون بخير , ما دمت معي يا صغير .
مايك فرحا : أجل , شكرا لك .
يفتح الرجل باب ما , يدخلان الى غرفة مظلمة .
الرجل : مايك , اذهب الى ذلك السرير , نم .
مايك : حسنا .
الرجل يبتسم ابتسامة غدر , ويتناول معدات جراحة .
وفي ظلمة الليل , يكسر الهدوء صرخة مايك المتألمة .
.
.
.
من مكان المواجهة .
ري : جسدي كله يؤلمني , لا أستطيع الحراك , لقد تأخرا .
يسمعان صوت .
تنظران معا الى مكان صدور الصوت .
الصدمة تعلو وجهيهما , فوحش يجلس على الارض يأكل جسد ليو .
ري تصرخ وعينيها تكاد تخرج من مكانيهما : ليوووووووووو .
فتقف على قدميها تركض باتجاهه .
ولمحة عينها اليسرى ترى يد لانا اليمنى مرفوعة ووجهها عليها علامات الذعر , فتقوم بقبض يدها , تعيد ري نظرها باتجاه الوحش , فإذا به ينفجر دفعة واحدة , لتنتشر دماؤه في كل مكان .
تحرك ري رأسها الى الاعلى والصدمة تكاد تقتلها , فعينيها تشهد نصف جسد ليو يتطاير في السماء يتراود في ذهنها حوار , (ري : هي ليو , أنت أصغرنا هنا , ليو : أجل , و أطولكم عمرا . تضحك ري ساخرة : إحساسي يقول بأنك أول من سيموت ... ليو : بيننا الزمن .... ري تضحك : أنت أبله , أنا أمزح فقط ) .
ري صارخة بأعلى صوتها : لااااااااااااااااااااا , ليووووووووووو .
تقف بلا حراك , تحاول تكذيب ما رأت عينيها , بلا جدوى , فجثته على مرمى عينيها .
تنهار عيونها باكية , تنظر الى لانا فتصرخ : كل هذا بسببك أيتها المتوحشة البشعة .
دقات قلب لانا تزداد اضطرابا , يختفي احمرار عينها اليمنى , لتصبح العين الاخرى حمراء بلون الدم .
تتحرك بسرعة باتجاه ري محاولة قتلها باستخدام يدها , تنظر ري مذعورة لا تستطيع الحراك , في اللحظة التي وصلت بها لانا الى ري , أحدهم يمسك يد لانا , وظهره أمام ناظري ري .
ري وهي تنهار , وجسدها يسقط على الارض , وبصوت ضعيف جدا : وأخيرا وصلت ,... يا شوجو .