الجنون قليل بحقه

371 28 2
                                    

من طريقة كلامه اللتي تقشعر لها الابدان
لم يزدد خوفي الا عندما تركني جالسة بينما عبث بمعداته الغريبة جاعلا الوقت يمر ببطئ احسست ان الدقيقة ارتدت زي الساعة حتى تكون ببطئها.
وبعد مرور دقائق والتوتر الذي بداخلي يزداد وأنا أنظر إليه ليلف وجهه بحركة بطيئة وأنا أحدق فيه فلقد كان يضع على فمه كمامة بيضاء وأما عن عينيه فحماهما بنظارة عملاقة
..
لكن لم اسلم من نظرات الشر اللتي اعتلت محياه.... إنه الآن يمسك قفازاً ذي لون ازرقٍ سماوي بين يديه ليتوجه نحوي بخطى ثابتة وبطيئة ثم يتوقف أمامي ويمسك يدي بعنف وإحكام وبدء بمحاولة الباسي ذلك القفاز لم يكن بيدي شيء افعله سوى الأنين بصمت وبعض المقاومة
بعد ان جعلني ارتديه  أزال بحركة واحدة الكمامة من على وجهه وقد رسم ابتسامة الشر عليه....تلك الابتسامة التي عودني على ان أراها
نظرت الى ذلك القفاز ولم افهم ما به او ماذا علي ان افعل به ليقاطع تفكيري صوت راي قائلا (انتِ بكماء صحيح....اي انك قد تعلمتي حركات البكم اللتي ينفذوها بايديهم بدل استخدامهم الاحرف مريدين بذلك التواصل مع الاخرين صحيح؟)
سؤاله هذا يخفي الكثير من الغموض خلفه لكني تجاهلت الامر واكتفيت بهز رأسي مجيبة بنعم على ما يقول ليتابع كلامه
(هذا جيد... وقد صنعت هذا القفاز الّذي في يدك حتى يستشعر هذه الحركات و يصدر صوت الكلمة التي عنته الحركة فكما تعلمين) صمت لوهلة ثم تابع بخبث (ليس الجميع على دراية بمعنى تلك الرمز صحيح؟؟) سؤاله الاستنكاري ذاك أشعرني بالفضول أكثر...تلك التجارب قد محت فكرتي الاولى عنها بعد الذي قاله لي ما تحتويه ولكن اتمنى ان اكون محقة.
(والان يا صغيرة حاولي قول شيء عبر هذه القفازات) بعد ان انهى جملته حدقت بهما جيداً للحظات ثم هممت برفعها حتى اتكلم....الجملة التي خطرت على بالي حينها هي "أمي ستكون بخير" حتى احرك يدي بأول كلمة مخرجا صوت انثوي من القفاز (أمي) هذا الذي تكلم به الصوت  إنه هو حقاً مثلما قال شعرت بالذهول منه والفرح في آنٍ واحد حدقت بالقفاز قليلاً وابتسامة شقت وجنتاي...... أردت ان أكمل الجملة والابتسامة ما زالت تعتري ملامحي فقد كنت خائفة ولكن يبدو انه حقاً يريد مساعدتِ..... أقصد مساعدتنا جميعاً.
صوبت نظري نحوه بنية ان أسأله عن  القفاز كيف خطرت له هذه الفكرة العبقرية
رفعت يدي وحينما هممت بتحريكها فجأة.... انفجر القفاز فيها جاعلاً إياني أشعر بألم فظيع كأنما فجر يدي معها ازلته بينما ابكي بقوة وأنا أئن قدر المستطاع أعدت النظر له وانا اذرف محاولة الصراخ لكن بلا صوت
(تبا .... تبا...تبا لما يستمر بالانفجار هكذا ) سرد جملته و هو يركل بأحد الطاولات ليسقط كل شيء من عليها بينما صك على اسنانه بسخط وفجأة تدارك الأمر بعد ان رآني ابكي
توجه نحوي بعدما  عدل نظاراته معيداً ابتسامته المرعبة لتتربع على ثغره
وقف امامي حيث كنت أبكي على الأرض وأعض على شفتي مريدة بذلك أن أخفف ألم يدي قليلاً انحنى ليصبح في مستواي ...ثم امسك معصمي مرةأخرى بقوة جاعلاً انيني يزداد
وكلما كنت أئن أكثر كان يزيد الضغط على يدي أكثر وأكثر وهو يحدق بدموعي اللتي تروي عني الأحساس اللذي أحس به
أفلت معصمي ثم بدأ يقترب شيئاً فشيئاً من وجهي لكن جسمي.... قد تخدر لا أستطيع الحراك هل بسبب الخوف الذي فعل فعلته بي وشلني على آخري أم ماذا..... بعد أن أصبح بمستوى وجهي تماماً لأتفاجأ بإخراج لسانه لأحاول الابتعاد لكنه تنبه لذلك فثبتني بجسده الرجولي الضخم ....... أغمضت عيناي بخوف تملكني إلى أن طبع لعقته على طرف عيني.... حينما شعرت بها لأفتح عيناي وأقول: هل هذا مجنون إنه يلعق دموعي...وكأنها شراب ما
كيف لهذا المجرم أن يكون خارج مشفى الامراض العقلية إلى الآن.
أبعدته عني بصعوبة ولأبدأ بالركض إلى أحدى أبواب المعمل  مريدة فتحه.... لكن بحق كيف افتحه وقد اغلقه امام عيني.
إلتفت خلفي لأراه ينهض عن الارض تحركت قدماي وحدهما هربا الى احدى زوايا المخبر بأي طريقة.... لحظتها تمنيت الموت اريد ان أقتل ألم يدي نسيته تماماً وقد أتى ألم الخوف لكي يطغى عليه.
بدأ بالسير نحوي رويداً رويداً وانا انكمش في مكاني عندما لم تعد المسافة الّتي تفصل بيننا سوى متراً أو اثنتين أصابني دوار كانت نتيجته ان اغمى علي تماما
وكان آخر ما القت عليه عيناي أنظارها هو يده التي امتدت حولي.
.
.
قطرة.... تلو اخرى... ترتطم بشيء شيئاً فشيئاً ثم بظأت تلك القطرات بالإسراع حينها باشرت استيقظ على صوتها لأرى أن منبع الصوت هي دموع السماء التي تتهاوى على النافذة عازفة الحان الشتاء البارد أردت النهوض من على تلك الكنبة ذات اللون القرمزي حيث كنت مستلقية عليها ليداهمني صداع قاتل... وبردة فعل طبيعية وضعت يدي على رأسي ولم افكر حتى عن سببه أو أحاول أن أتذكر سبب وجودي هنا حتى.... إلى أن انتبهت على يدي أنها مضمدة بشاش ابيض.... سرحت ببياضه فأعاد لي ما حصل معي وعن سبب وجودي هنا..... ما أن تذكرت هذا اعتلت ملامح الخوف وجهي مجددا
إستجمعت قواي.... ووقفت على قدماي بصعوبة بسبب شيء قال لي اهربي لكن ما إن نهضت حتى ألقي بجسدي مجدداً على الكنبة
لكن يستحيل أن يكون هذا كله بسبب الخوف أو ما حدث ليدي..... وما اجاب على كل تلك التساؤلات اللتي دارت حولي هو ذاك الصوت اللذي بدأ بالاقتراب مني أكثر فأكثر
...من شدة التعب لم استطع تحريك رأسي لألتف ناحيته فاكتفيت بتمرير عيني إلى جهته
(لقد اعطيتك مخدرا لن تستطيعِ النهوض بهذه السهولة) قالها بينما تقدم نحوي وهو يمسح يديه بمنشفة حمراء كالدم
بعد أن انتهى رمى تلك المنشفى علي ممررا يده بين خصلات شعره وملامح العتاب بدت على وجهه ...ادار نظره لعيني ليبدأ بالحديث (أتعلمين كم استغرقت بتنظيف الفوضى التي جعلتيني أحدثها في معملي)
حرر شعره من بين يديه و يبدله بالتلاعب بشعري متابعاً (حسنا لا تظنِ انني سأمرر الأمر بلا عقاب ....ماذا سيكون عقابك يا ترى.... وجدتها ) ابتسم بخبث ليكمل قائلاً (لن أسمح لكِ ان تنعمي بعطلة الأسبوع ستقضيها بالمختبر هناك شيئا اوثلاث اريد فعله معك) عطلة الاسبوع...ماذا؟؟ لا مستحيل لا أستطيع اريد ذلك أريد قضائها مع أمي.... قلت هذا بيني و بين نفس
حتى قاطعني كلامه (اعلم انكِ الفتاة البارة التي تقضي عطلة أسبوعها مع والدتها لكن تذكري أن حياة امك بين يدي لا تحاولي التلاعب يا....) ضحك بسخرية قبل أن يقول (يا عبدتي)
قلت مع نفسي والحسرة تتملكني.... عبدة... هذا أقل ما يقال عني فأنا بشرية ناقصة ولست بمستوى اللذين هم أكمل مني
(إذا..... الجو ماطر وقد حل المساء إضافة إلى أنكِ مخدرة إذاً ستنامين هنا حتى الغد وسنخرج معاً إلى المدرسة أهذا مفهوم؟)
حسبت ما قاله في عقلي بينما هززت رأسي قليلا ردا عليه فبتسم مزيفا قناع الحنان على نفسه (فتاة مطيعة)

وضع يده خلف ظهري و يده الاخرى تحت قدماي بيننا استجمع قواه او على الاخرى لم يكن بحاجة لذلك فقوته العضلية بالنظر لعضلات يديه كبيرة جدا حملني بخفة مارا بردهة صغيرة تنتهي بباب بني يبدو قديما...مفتوح طرفه فسهل هذا عليه فتحه بطرف قدمه
ثم القى بي على سرير وردي و قبل ان الحظ الامر رأيت انه قيد يدي غير المصابة بطرف السرير مستخدما حبلا سميكا (لا اريدكي ان تعبثي بالارجاء)
بعد كل تلك الاحداث كيف يتوقع ان انام
و بدلا من ذلك احتل الارق جبيني و منعه من الاغلاق و فقط افكر بالاتي و ما اللذي ورطت به نفسي مع هذا المعتوه
اتمنى فقط ان يكون هو سبب موتي و يريحني من هذا العالم
.
.
.
بدون ان الاحظ الوقت طغت اشعة الشمس على ظلمة  الغرفة اللتي انا بها مما جعل الرؤية اوضح بكثير
مررت نظري في الانحاء
انها تبدو غرفة طبيعية بالنسبة لمختل عقليا مثل راي
بل و الاكثر انها تبدو غرفة فتاة .... بل انا شبه متأكدة ان هذا السرير نامت احداهن عليه قبلي

قاطع تفكيري رؤيته و هو يدخل الى الغرفة حاملا سكينا بيده
شعوري لحظتها لا اعرف كيف اوصفه و الاكثر مرارة اطرافي اللتي تجمدت مجددا لما تخونني في مثل هذه الاوقات بعد ان اصبح امامي تماما رفع السكينة على مستوى نظري فاغمضت عيناي بخوف من ما قد يفعل
(هيا انهضي) قالها بعدما وصل الى باب الغرفة مريدا بذلك ان يخرج منها
ادرت رأسي درجات قليلة
لقد قطع الحبل لللذي قيد يدي به بالأمس .... تنهدت براحة كبيرة
(انتي فعلا غبية.... تظنين اني قد افعل شيئا في مثل هذا الوقت....لا تخافي انا فقط اعذب بالليل النهار غير ممتع) اختتم كلامه ببتسامة برئية
كيف لشيطان مثله ان يبتسم كالملاك هكذا
*تسريع الاحداث*
بعد ان خرجنا من منزله و قبل ان نصل لبوابة المدرسة بمسافة قصيرة قال لي بجدية (سأسبقك لا اريد ان تظهر علينا اي اشاعة تفسد مخطتاتي)
بعد ان انهى كلامه بقيت متسمرة في موضعي لانتظره ان يصل الى البوابة و بعد وصوله بدأت بالحركة لكن اوقفني زين بطريقة مؤلمة
حيث قبض على معصم يدي المصابة ليقول بجدية (ماللذي تسبب باصابة يدك؟؟!)
......يتبع......

إني احبك...لما لا تصدقين؟! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن