الفصل الأول

1K 90 25
                                    

((-وجهة نظر آه روم-))

ظللتُ صامتة بينما الممرضة كانت تصحَبُنى بالأروقة البيضاء. إننى أعلم ان هذا كله لمصلحتى, لكنى حالياً لا أكترث لأى شئ, أشعر و كأننى فارغة من الداخل.

كان هناك بعض المرضي بالأروقة, و كلما مررتُ بجانب أحدهم, ينظر إلىّ و يستمر بالتحديق. أنا لا ألومهم حقاً على أنهم يحدقون, فإن مظهرى يدعو للدهشة و الشفقة; جسداً نحيلاً جداً, أقرب لأن يكون هيكلاً عظمياً, و وجه شاحب و ذابل من كثرة الأرق و الحزن, و كان هناك هالات سوداء تحت عيناي أيضاً من عدم النوم.

لم أُرِد حقاً المجئ إلى هنا, لكن خالتى ظنت أننى سأكون أفضل حالاً هنا, أفضل من حبسى لنفسى فى غرفتى و الاختباء تحت بطانيتى على الفراش, أملاً فى نسيان الأشياء الفظيعة التى رأيتها و ذهاب حزنى بعيداً.

لنصف عام كامل, لم أستطع النوم أو الأكل, و كل أتصالاتى مع أصدقائى أنقطعت. لم أرد التحدث مع أحد, و فى كل مرة آخذ قضمة من طعامى, كانت معدتى تنقلب رأساً على عقب و يكون لدىّ رغبة فى التَقَئُ. و لم أكن أستطيع النوم من كثرة تعب أعصابى و عانيتُ من الأرق. مما جعل خالتى تعطينى حبوباً منومة لكى أستطيع النوم.

حالتى استمرت بالازدياد سوءاً, و خالتى قلبها كان يتألم من أجلى و كنت أرى ذلك فى عينيها و نظرات شفقتها لى. و قد نجح زوجها فى إقناعها بأن تأخذنى لطبيب نفسى و أنا وافقتُ, لكن ذلك لم يفلح أيضاً و الطبيب قال أنه يجب علىّ دخول المصحة و خالتى رفضت تماماً.

كان الشئ الذى جعل خالتى تفعل ما فعلته, هو أن حالتى وصلت للهلوسة. كنت دائماً أرى شقيقتى الكبرى و هى جالسة في ركن من أركان غرفتى و تقول الجملة نفسها مراراً و تكراراً مع أبتسامة كبيرة على وجهها و كانت تظهر لى كل يوم, "لا بأس, آه روم". أول مرة حدث ذلك, صرخت و بكيت كثيراً و جاءت لى نوبة ذعر, لأن شقيقتى ماتت مقتولة.

مرت الأيام و كنت قد أعتدتُ على رؤية هلاوس مثل تلك, وأُعلِن رسمياً أنني جُننت و أُصبتُ بالاكتئاب. وفى يوماً ما, دخلت خالتى لغرفتى و بدأت توضب بعضاً من أغراضى فى حقيبة صغيرة. أنا فقط بقيتُ صامتة, فلقد كنت حينها شبه فقدت القدرة على التحدث.

بعد أن إنتهت خالتى مما كانت تفعله, نظرت لى و فجأة أنفجرت باكية و عانقتنى بشدة و هى تقول لى كم هى أسفة و أنها لا تريد فعل ذلك. لم أفهم عن ماذا كانت تتأسف حتى أمسكت بيدى و نزلنا للطابق السفلى من المنزل, عند الباب الأمامى كان يقف رجلان يرتديان زياً باللون الأبيض و كان يقف معهم زوج خالتى. "هذا لمصلحتكِ يا حبيبتى" قالت خالتى لى, و ردة فعلى للموقف كله صدمتها بالكامل. أبتسمت فقط , و كانت أول مرة أبتسم بها منذ نصف عام, و فقط قلت لها "أحبكِ يا خالتى". بعد ذلك ذهبت مع الرجلين بعد أن تأسفت خالتى مرة اخرى و وعدتنى بأنها ستزورنى, و كان ذلك منذ أسبوع.

 مضطرب عقلي صامتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن