الفصل الرابع

471 62 14
                                    

"تناولى الكثير" قالت ممرضتى بينما وضعت طبق طعام أمامى, "سأذهب الأن لأن اليوم ينقص المشفى ممرضات و يحتاجوننى, هل ستستطيعين الإعتماد علىنفسكِ؟", أومأت لها برأسى و هى فقط أبتسمت و رحلت.

الحمد لله أنها رحلت, كانت تجعلنى أتناول طعامى ضد رغبتى الأيام الفائتة و كان هذا يزعجنى كثيراً. أعلم أن عملها هو الإعتناء بى, لكننى سئمت منها.

جلست أحدق بالطعام كالعادة و رفضت أن ألمسه, فليس لدى شهية للأكل اليوم أيضاً. بقيت هكذا لبضعة دقائق و أنا أفكر بعدة أشياء, ثم شعرت بشخص ما يجلس بالمقعد الذى بجانبى, ظننت أن الممرضة عادت مجدداً, لكننى تفاجئت عندما نظرت للأعلى.

"م-ما الذى تفعله؟" سألت بتلعثم بينما كنت أنظر لجيمين الذى كان يحدق بى و شعرت بالتوتر الشديد, لماذا جلس بجانبى؟ و من أعطاه الإذن بالجلوس؟

شعرت بوجنتاي تحمران من الخجل, لأننى لست مُعتادة على كونى قريبة من أى فتى أو حتى الجلوس معه. جيمين لم يقل أى شئ بالطبع, و بعد تحديقه بى لبضعة لحظات, رفع ملعقته من طبقه و أشار بها لطبقى, "تريدنى أن آكل؟" سألت و أنا أنظر له باندهاش, لماذا يهتم بإذا ما أكلت أم لا؟

جيمين أومأ برأسه و بدء بتناول طعامه بصمت, "لا أريد أن آكل, ليس لدى رغبة بالأكل" قلت له و هو توقف عن الأكل و نظر لى مرة أخرى و أشار بملعقته على طعامى مجدداً, و فهمت من ذلك أنه مُصِر على أن آكل. عضضت شفتى السفلية و رأيت فى عينيه مدى إصراره, فأستسلمت و رفعت ملعقتى و بدأت بالأكل. تناولنا طعامنا بصمت, لم أستطع تناول الكثير و لكن فى كل مرة أترك بها ملعقتى, جيمين ينظر لى و يجبرنى بنظراته و إصراره على إكمال طعامى, إلى أن تناولت نصف طعامى و شعرت بأن معدتى ممتلئة.

بدأت أحرك بقية الطعام بطبقى, ألعب به, لأنى أعلم أنه إذا تركت الملعقة, سيجعلنى أكمل كل طعامى, و أنا بجدية لا أستطيع تناول المزيد. فجأة, ترك جيمين طعامه و وقف من مقعده, ثم غادر الكافيتريا.

ما خطبه؟ إنه غريباً جداً, تصرفاته هذه تجعل الفضول يشتعل بداخلى. لماذا جلس بجانبى؟ لماذا يهتم بإذا ما أكلت أم لا؟ لماذا غادر دون أن يفعل أو يقول أى شئ؟ إنه حتى لا يعلم أسمى, إنه لا يعلم أى شئ عن, هل هو حقاً لم يتحدث منذ أن جاء إلى هنا؟ و ما قصته؟ ما الذى حدث له لكى يكون هكذا؟؟

أكثر سؤال أريد إجابته هو أخر سؤال, و سأحاول بكل الطرق معرفة قصته.

-----------------------------------------

جلست على مقعد طويل بساحة المصحة الخلفية و بدأت بقراءة واحدة من الروايات التى أعطتها لى خالتى. طلبت من الممرضة أن تصحبنى إلى هنا لأننى سئمت من البقاء بغرفتى و أشعر بالضيق, أردت أن أستنشق بعض الهواء. منذ أن جئت إلى هنا و أنا لم آتى إلى الساحة الخلفية, لقد تفاجأت عندما رأيت أنها واسعة جداً. هناك بعض المرضى هنا أيضاً, يتحدثون أو يجلسون مع أنفسهم بصمت, و هناك ملاعب كرة صغيرة يلعب بها المرضى, لكن بالطبع تحت إشراف الممرضات.

 مضطرب عقلي صامتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن