ضاقت الدنيا،واسودَّت، لبست ثوباً قاتماً كدماء شهداء حربِي الدائمة... لم تخجل!
عادت الكرَّة مراتٍ ومرات... ولم تخجل!
لم ترأف بجسدٍ فتيٍ قطع المسافاتِ بحثاً عن الفرح... فما العمل؟!
عاثت بأرضِ السرور خراباً، فتحولت إلى قيعانٍ... لم ترحم...
كل شيءٍ يقتل!
سوداويةٌ هي أفكاري عندما أخذتني إلى قافية الشرود والوهن،تقمّصتني تقمصاً عجيباً، ومن العلوِّ إلى الحضيض كانت خطواتي تهوي...
على وجنةٍ ورديةٍ باتت خطوطُ الهرَم،و انحفرت مجارٍ عديدة في لوحةِ العقم،فلم يعد للأنهارِ مجرىً سواها، ولم تعد للآهات ألوانٌ عَداها!
نسيتُ النفسَ والحياة،وباغتني الزهايمر على حين غرّة،متخفياً تحت ثوبِ الصدفة،ليمحي كل شيءٍ كان للنجاةِ خطوة، أو لإعادة الماضي طريقة،
فقام بتكسير مرايا نفسي القديمة، و صفيحات الصبرِ باتت أعدادها قليلة،
لكن وللأسفِ الشديد،نسيَ كسر مرآة النفس البشرية، تلك التي تخفي تحت جلودها المهيبة، ذراتُ إيمانٍ بسيطة ،لم تتلاشى مع مرور الزمن، ولا حتى مع التغلغل في الكفرِ والبعد عن الاستقامة ,بقيت محافظةً على نفسها رغم كل المصائب.
نظرتُ في مرآةِ القدر،في مرآة النفس البشرية داخلي، انبعث الخوفُ من الجوانب، وسطعَ الحزن من القالب!
موسيقى مجازية،وصرخاتُ استغاثةٍ تلحِّنُ القضية، كلُّ عضوٍ من أعضاءِ جسدي يحارب،ممسكاً بندقيةَ الصبرِ،ومن وراء حواجزِ القوةِ يُرابط!
من أنا؟
من أكون؟
من أين أتيت؟
ولماذا هذا الشيء يحصل؟!
تساؤلاتٌ قام بها دماغي الذي لم يعد مكتمل، فكيف له الكمال وهو من شدة الخوفِ لا يرتجل!.
ساقتني نفسي إلى غرفةٍ سوداء،مثلَ سراب بحيرةِ ماءٍ في غيداء!
أمعنت النظر، لم يكن هناك سوى كأسٍ ملئ بالكفر، وبجانبه قارورةٌ قطراتُ عرقها تُفزعُ وتولِّي الدبر،فانتحى جانباً الفكر!
اقتربت من الكأس،لقد أغراني، فجعلني أمةً وجعلَ من جسدي ملعباً للظلم والقهر، اقتربَت الكأس من ثغري بكل ثقةٍ للحصول على المُراد، وفي لحظةٍ لست أدري ما حصل؟!
كلُّ مافي الأمر أنني سمعتُ صوتاً له وقعٌ خفيف، جعلني أتراجعُ عن هذا الأمرِ المخيف، فكيف أضرُّ بجسدي، وكيف حقَّ لِيَ النسيان ؟؟؟
إنني مؤمنة، ولست من الإيمان على شيءٍ سوى اسمٌ ولا جديد !!
الصوت كان يقول: بسم الله الرحمن الرحيم
"ألم يإن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كاللذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثيرٌ منهم فاسقون"
انكسر شيء ما في داخلي... ثم مالبث أن التأم الجرحُ بسرعة... هو ربِّي، هي رسالةٌ منه لأعود كما كنت....
أحتاجُ الطهارة من الذنوبِ التي قمت بها، أحتاج أن أتطهر من أعمالٍ غفلتُ عن ذكر الله بها
قدمت إلى الموضأ... قطراتُ الماء تسقط، ترتطم بجلدٍ ميت، فيُحيَى كل قسمٍ ميت، وتلامِسُ مجارٍ مائية، حفرت باتقانٍ جيد، فتمتثل لها خاضعة، وتتلاشى خلال ثانيتين ونيِّف، وعند الوصول لوجنةٍ حمراء وردية،
تغتسل الورود وتعود لرونقِ الحرية... انتهى الوضوء ولم ينتهِ العمل... عدت لقبلتهِ تعالى،لبستُ ما طلب مني وجلست أكلمه... ساعة،ساعتين، ثلاث... ولم ينته الكلام...
الله أكبر
بسملت،بالفاتحة بدأت... وب "يس" اختتمت.
في كل حركةٍ كنت أقوم بها، كنت أتغير، ركعت وسجدت وبدأ الكلام... استميح الله عذراً فأنا كنت منومةً واستيقظت!
جميل هو ذاك العمل، رائعٌ جداً... فما أجمل أن أقوم بالاتصال
مع الله وإخباره بكل شيء، أن أصدق ولا أكذب بشيء، أن أتجرد وأتخلص من المجاملات وتوابل الكذب والخداع لأن صلاحيتها انتهت،. وفي هذه الحالة هي عليَّ من الآن حرام !
كنت مجردةً من أصغر الأشياء أمامه، فترتاح روحي.
اصطفاني،ميَّزني عنهم،ردّني إلى طريقِ الصواب، هو الذي لا إله إلا هو، جعلني أشعر بالصفاء...
قبل أن أنتهي من اتصالي معه وعندما بدأت بقول "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله" فاض دمعي.... بكيت حتى جفَّ البكاء....بكيت حزناً على الفراق، خوفاً من عدم تكرار الاتصال، كنت أود البقاء في تلك الحالة لأيامٍ وأعوام، كنت أريد أن أبقى نقيةً يميزني الصفاء....
في كل ركعةٍ أقوم بها كان هناك شيءٌ ما يتغير، كنت أتبدل وأخلق من جديد...
وعند انتهائي من الركعة الرابعة انتهت عملية التجديد...
أسلمت قلبي للعزيز الكريم..
سأشتاق لحديثك ربي، لن أتأخر عن محادثتك أبداً هكذا أيقنتُ نفسي...
فتحت علبةً النهاية وضعت فيها كل شيءٍ له علاقة بالنهاية الفظيعة، أحكمت غلقَ العلبة ورميتها في دوامةٍ سرمدية...
عدت لنفسي،لروحي... كم هي جميلةٌ النفس البشرية المؤمنة... كم هو جميلٌ التواصلُ مع مبدعها وخالقها...راحت تزقزق عصافير الهدوء في مخيلتي،ودفءٌ روحي اجتاح جسدي،لم يعد الخوف والحزن يقتصان من سعادتي ، ومرآة روحي لملت نفساً كانت تتوجع من قلةِ الموتِ ومن عذاب القبرِ،أعادت صياغةَ "بتولٍ" جديدة ،متصالحةً مع نفسها وروحها،نزعت كل شيءٍ سيءٍ من تفكيرها، ووضعت قليلاً من لمعةِ الروحانية في مقلتيها....
ثوان ٍمعدودة بدأ صوت تكبيرٍ يعلو شيئاً فشيئاً....
إنه الله يريد أن أكمل حديثي معه،يريد أن يسيرني في أمور ديني ودنياي،لقد اشتقت له،وهو يريد اللقاء، كم أنت رائعٌ ربي...
أغلقت المفكرة، وضعت القلم بجانبها وذهبت لأكمل الحديث...
ربما لم أعد مجدداً وربما عدت ولكن بعدما أنهيت عملي
أنت تقرأ
نحو النجاة
Spiritualالحياةُ فلمٌ عرض في قاعة سينما الواقع, أخرجته أقدارنا,صورته أفعالنا.. أضاف عنفوان شبابنا عليه بعض التأثيرات... ورمّمَ كسورهُ أملٌ يتيم!! -الحياة... رحلة قصيرة الطول, طويلة الأحداث.. كتبت بدماء النور وعتمة المساء.. وزيَّنها نقاء ولمعان بعض القلوب! -ا...