الحلقة الأولى

36.2K 545 11
                                    


الحلقه (1)

علينا أن لا نظلم بعض البشر بحكمنا عليهم وقد يكون ذلك الحكم غير عادل ، دائماً ما يكون جمال القلب ، أفضل بكثير من جمال الشكل هنيئاً لمن كان له قلباً نقياً طيباً لا يؤذي أحد أبداً ، هذا هو قلب بطلنا الذي سأسرد عليكم حكايتهُ ذلك البطل الأسمــراني ......

في أحد الأحياء الشعبيه البسيطه في بيتٍ بسيطاً ، يبدو عليه القدم ، نجد سيدة يتعدي عمرها الخمسون عاماً ، ذات بشرة سمراء وعينان تشع منهما الطيبه بملامح ليست بجميله أو علي قدر كاف من الجمال هي فقط بشوشه والسماح يرتسم علي ملامح وجهها وهذا هو الأهم ، وقفت "زينب" تعد وجبة الفطور لها ولولدها الوحيد ، بينما إبتسمت وهي تحدث نفسها وتقول:
- أما أصحي محمود بقا عشان يفوق كده ، ثم خرجت من مطبخها وإتجهت إلي غرفة ولدها ، لتفتح الباب وتدلف بهدوء وتقول بصوت حنون:
- حوده قوم يا حبيبي يلا عشان تفطر وبعدين تروح علي شغلك أحسن بعدين تتأخر وذنهم يزعل
تململ محمود في فراشه ثم نهض مستجاباً لنداء والدته ليقول بصوت يغلب عليه النعاس :
حاضر يا ماما ، صباح الخير
إبتسمت له لتقول بحنان أموي: صباح الورد علي عيونك يا حوده ، يلا أنا هروح أكمل الفطار علي ما تجهز نفسك ماشي ؟
أومأ محمود برأسه وهو يبتسم لوالدته ، بينما سارت زينب إلي المطبخ لتفعل ما كانت تعده ، بينما نهض محمود وهو يقول بهدوء: اللهم إرزقني خير هذا اليوم وخير ما فيه وأعوذ بك من شره وشر ما فيه .. ثم بعد ذلك إتجه إلي المرحاض ، ليستعد لبداية يوم جديد ...

( أنه بطلنا محمود الشهير بمحمود الأسمراني نظراً لأنه ذو بشره سمراء داكنه ، لا أبالغ حين أقول شديد الإسمرار ، بعينان واسعه سمراء أيضا وشعر خشن بشده ، نحيف ، طويل القامه ، لم يكن محمود له علاقه بالوسامه علي الإطلاق ، هو شاباً ، ليس به المواصفات التي تتمناها أي فتاه هو شاب لم يكن علي قدر من الجمال ، ولكنه علي قدر من الأخلاق والإلتزام والصفات الحميدة التي من الممكن أن تكون قد إنعدمت في هذا الزمان ، يبلغ محمود من العمر ستةً وعشرون عاماً ، توفي والده منذ أن كان صغير في الإبتدائيه ، كان يعمل والده ، عامل سمكري سيارات ، وحين توفي لم يكن لهما هو وأمهُ مصدر للدخل وإنقطع عنهما الدخل لفتره حتي عملت الأم علي ماكينه الخياطه وأصبح لهما دخلاً بسيطاً ، للغايه ، أصرت أن محمود يكمل دارسته وظلت تجاهد وتجاهد حتي أخذ الدبلوم بصعوبة بالغه ، ومن ثم أخذ يعمل في ورشه المكانيكا التي كان يعمل بها أبيه الراحل وأصبح مشهورا في هذه المنطقه الشعبيه البسيطه وإشتهر بـ محمود الأسمراني )

إنتهي محمود من صلاة الضحي ، وجلس يختم الصلاه ، ويدعي ويبوح ما في قلبه إلي خالقه ، حتي انتهي ومن ثم نهض متجها إلي الخارج حيث توجد والدته جالسه علي طاولة الطعام تنتظره وهي تبتسم له بحنان ، إنحني محمود بجزعه ليقبل كف والدته قائلا بابتسامه: تسلم ايديكي يا ست الكل
بادلته والدته الإبتسامه وهي تقول: يلا يا حبيبي اعد كلك لقمه عشان متتأخرش علي الورشه ، هو زنهم عامل معاك ايه ؟
بدأ محمود في تناول طعامه ثم قال بهدوء: كويس يا ماما ماشي الحال
زينب بتساؤل: وخطيبتك بتسأل عليها ولا لاء ؟؟
تحولت ملامح محمود إلي القتامه وهو يقول بجديه:
- ماما أنا مش مستريح بصراحه ، مش حاسس أنها شبهي ولا هنقدر نكمل مع بعض
شهقت زينب وهي تقول: مش هينفع تكملوا ليه يابني كده ؟؟
محمود وهو يتناول الطعام: بحس انها مش منسجمه معايا ديما تقولي انت مش استايل زي الشباب الي من سنك ولغة كلامها مش عجباني  معرفش مش مرتاح
تنهدت زينب وقالت: لا حول ولا قوه الا بالله ، ملكش حظ يابني في أي حاجه
ابتسم محمود وقال: متقوليش كده يا ماما الحمدلله علي كل حال أنا الحمدلله أحسن من غيري بكتير وبشتغل وبكسب من عرقي ومش محتاج حاجه فين حظي الوحش ده بقا ؟
ابتسمت زينب له وقالت: ربنا يابني يعطيك علي قد نيتك الحلوه
نهض محمود وانحني ليقبل كف والدته مجددا ، ثم قال مبتسما: سلام عليكم يا ست الكل ادعيلي
نهضت زينب خلفه وهي ترفع يديها وتدعي له بأطيب الدعوات ، بينما توجه محمود إلي الخارج وهو يذكر الله سراً ، دائما لسانه يتردد بالتسبيح وقلبه عامر بالإيمان ، يشعر دائما بالراحه النفسيه ويحمد الله كثيرا علي حاله ودائما يعتقد أن حاله أفضل بكثير من أحوال البعض يكفي أنه شاب طائع يبر أمه ويعطف عليها ولم يكن لديه صحبه سوء وأنه علي قدر من التدين ....

.ما ان خرج محمود من البنايه ، حتي مرت من أمامه فتاه كالملاك يسير علي الأرض ، كالجوهره الثمينه المغطاه حتي لا تتلوث من الأتربه ، كأن لها عطراً مميزاً خاص بها مع أنها لا تتعطر إنها دعاء تلك الفتاه المحتشمه ذات الرداء الواسع التي تسير دائما ناظره في الأرض لا ترفع عينيها أبدا ، لفتت نظر محمود في الأيام الأخيره فأخذ يقارنها بخطيبته بسمه التي تختلف معها تمام الاختلاف ، هو لم يكن لديه الرغبه من البدايه بخطبه هذه الفتاه ولكنها إبنة رب عمله "المعلم زنهم صاحب ورشه السيارات" الذي طلب منه خطبة إبنته علي سبيل المزاح وأخذ بعد ذلك يُلمح له بأن يتقدم لإبنتهُ ورأي محمود أيضاً ان والدته مرحبه بهذا الموضوع فأخذ هذه الخطوه حتي لا يحرج رب عمله ..... وتقدم رسمياً لخطبة بسمه التي تكون فتاه طائشه إلي حد كبير ، وتمت الخطبه ومن حينها وهو يحاول إصلاحها بشتي الطرق لكنها لم تنصلح أبداً ، فعقلها متركز علي أن محمود ليس فارس أحلامها الذي لطالما تمنته وسيم طويل عريض المنكبين له أعين خضراء وشعر بني او أصفر وأن يكون شاب (إستايل) ويحقق لها رغابتها التي لم تجدها مع محمود .....

سار محمود ولسانه يردد ذكر الله ، كعادته دائما ما يكون خاتم التسبيح داخل أحد أصابعه ،لم يترك وقت فراغ يمر إلا وإذا قلبه ولسانه يذكرا الله ......

ما ان وصل إلي ورشه السيارات حتي إبتدي يعمل بإتقان ، وابتدي  زنهم في إبداء أوامره ، يشعر دائما محمود بهذه اللهجه الآمره ولكنه لم يهتم كثيرا ويعمل بأخلاص ، ونيته خالصه لله فقط ، ... تفاجئ بأن هاتفه يرن فٱنتصب في وقفته وأجاب قائلا بجديه: أيوه يا بسمه في حاجه ؟
أنا نازله راحه الكليه وهتأخر بعدها عشان هخرج مع واحده صاحبتي
قالت بسمه هذه الجمله وهي تصر علي أسنانها ، فيما قال محمود بهدوء: وصاحبتك دي مينفعش تجيلك وتعدي تذاكري معاها بدل الخروج يا بسمه والامتحانات بتاعتك قربت ! خلي الخروج بعدين لو سمحتي يا بسمه
إنفعلت بسمه قائله بعصبيه:
- أوف ، أنا زهقت هو أنت كل حاجه عندك مذاكره انا عايزه أرفه عن نفسي شويه مش كده
محمود محاولاً التحكم في أعصابه: ماشي علي راحتك أخرجي يا بسمه أنا غلطان مع السلامه ، ثم أغلق الخط قبل أن تتحدث مجدداً .....

في حين دلفت بسمه لتنظر إلي المرآه مره أخيره وإلي ملابسها الضيقه التي تكشف عن مفاتن جسدها حيث كانت ترتدي بنطال من الجينز الفاتح وترتدي فوقه تي شيرت أبيض ضيق ، و طرحه صغيره تعتقد أنها حجاب ، فكانت ملامح بسمه رقيقه إلي حد كبير بعينان عسلي بيضاء البشره ، وجسدها رشيق ، لم تكن بسمه تريد يوما ، محمود فقط هي وافقت عليه بناءاً علي رغبة والدها وإلحاحه عليها حين قال لها أنه شاب يتحمل المسؤوليه ، ويجتهد في عمله ويربح مرتباً جيداً كونه عامل ممتاز ،إلي حد ما سوف يعيشا في راحه وسوف يطمئن عليها مع ذاك الشاب محمود......

توجهت بسمه إلي الخارج بعد أن ودعت والدتها ، ثم سارت وتغنجت في مشيتها لتتلقي المعاكسات بكثره جعلتها تبتسم بثقه وتكمل سيرها بغرور ، غير مباليه بنصائح محمود لها دائما في تغير ملابسها إلي ملابس محتشمه ، والصلاه وغيرها من النصائح العديدة  ، لكنها لم تسمع له أبدا وتسخر دائما منه .....

وصلت بسمه إلي الجامعه ، فأقبل عليها ذلك الشاب الوسيم وهو يقول بنظرات متفحصه لجسدها : هاي بوسي
بسمه بصوت أنثوي مائل للميوعه: هاي ميدو
أحمد عامزاً: ايه الحلاوه دي يا بوسي لا بجد قمر
بسمه ضاحكه: ثانكس ميدو
إقترب أحمد وأمسك كف يدها ليشابك أصابعه بأصابعها وسار بها إلي المدرج وهما يتمازحان ويتسامران ........

يتبع ....

الأسمــراني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن