الرابعة

13.6K 400 3
                                    

الأسمراني
الحلقه (4)

صُدمت ميار من جملته وما كان منها إلا أنها إنفجرت باكية ، غير مستوعبه ما أرسله لها في التو ، فعاودت تكتب بأصابع مُرتجفه:
_ أنت بتتكلم جد ؟؟ يعني كنت بتضحك عليا ؟
لم تري إجابه فكان قد فصل الإنترنت وأصبح غير متصل ، تاركا لها تبكي بذهول ما كانت تتوقع أبدا ذاك الرد منه ، حتي حدثت نفسها وبنبره يغلب عليها الندم:
يارتني ما رخصت نفسي .. !

بعد إنتهاء.. اليوم الجامعي لبسمه خرجت من البوابه الرئيسيه بصحبة أحمد الذي كان يضحك معها بإنحطاط ، وتتبادل معه بسمه الضحكات ولكنها حين دققت النظر ذُهلت ووقفت متسمره مكانها وكأنها تجمدت كلوحٍ من الثلج حيث كان يقف محمود ينظر لها وعلي وجهه علامات الإستحقار ، بينما إذدردت هي ريقها بصعوبه بالغه فقال أحمد الواقف بجانبها يحدق بمحمود:
_ في ايه يا بسمه مين ده ؟
خرج صوتها بصعوبه وهي تقول بخفوت: ده محمود خطيبي !
بينما إقترب محمود ناظراً إليها قائلا بثبات :
_ هو ده الإستايل الي أنتي عوزاه ؟
بسمه بإرتباك ملحوظ : آآ ده زميلي علي فكره وبعدين أنا أصلا كنت عاوزاك في موضوع، بس قولي الأول ايه جابك هنا ؟
أومأ محمود رأسه وقال مستهزءاً: اه زميلك طيب أنا كنت جاي أوصلك وبالمره أقولك إنك متلزمنيش ، ثم خلع ذاك المحبس داخل صابعه وألقاه أرضاً ، لتنظر هي إليه بذهول ، فرمقها بنظراتٍ تكاد أن تقتلها.... ومن ثم رحل .... رحل ليتنفس الصعداء وكأنه كان يحمل جبلاً من الهموم فوق صدره ، والآن إتهد وأصبح أكثر إرتياحاً .. ولا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ......

تقوس فم أحمد الذي كان يتابع الموقف في صمت بإبتسامه ماكره ، فقال هادئاً بلا مبالاه: أحسن يا بوسي ولا يهمك ده والله عيل خنيق ...
لم تعلم بسمه لما شعرت بالإختناق فجأه ربما شعرت أنها فتاه رخيصه .. !! يكفي نظرة محمود لها ! خلقكي الله جوهرة عزيزتي لماذا ترخصي نفسك بهذا الشكل المُؤلم !
عقد أحمد حاجباه وهو يقول بإستغراب: مالك أنتي زعلانه عليه ولا إيه ؟؟
حركت بسمه رأسها نافيه وقالت : لا ، آآ معلش أنا لازم أمشي بقا سلام
أحمد بذهول: طب والخروجه ؟؟
لم تمهله فرصة وسارت بعيداً وهي تقول: خليها بكره !
ووقف أحمد يتابعها بعينيه وهو يحدث نفسه: ماشي يا بسمه !

كانت دعاء تقف في المطبخ تعد الطعام لها ولوالدها ، وهي تقرأ القرآن بصوتٍ عالِ ، ليصدح في أركان المنزل وكأنه صوت كروان ما أعذبه وأجمله يريح القلب ويشرح الصدر ، فجأه سمعت جرس الباب فتركت ما تفعله وإرتدت خمارها البيتي ، وتوجهت إلي الباب لتفتح وتري ميار تنظر لها بإختناق لم تراه في عينيها من قبل ، فقالت دعاء متساءله: مالك يا ميار في ايه ؟
ألقت ميار نفسها في أحضان صديقتها لتتعالي شهاقتها ، ومن ثم قالت بصوتٍ باكي متألم :
_ إلحقيني يا دعاء يارتني سمعت كلامك من الأول
ربتت دعاء علي ظهرها بهدوء ثم قالت بحنو: طب تعالي يا حبيبتي ادخلي بس واستهدي بالله
دلفت ميار معها وأغلقت دعاء الباب ليجلسا الفتاتان قبالة بعضهما ، لتقول دعاء بعد ذلك بصوت هادئ: فهميني في ايه بقا براحه كده
كففت ميار دموعها بأناملها وقالت بصوت مختنق مُرتعش؛:
_ لما قولت لمحمد تعالي اتقدملي وإني مش هينفع أكلمك تاني ، قالي براحتك وأنا مش جاهز دلوقتي وقفل معايا يا دعاء ... يارتني سمعت كلامك من الأول
تنهدت دعاء وقد ضيقت عينيها قائله بعتاب: قولتلك يا ميار من الأول عاجبك كده دلوقتي الي حصل ؟
ميار بضيق: أرجوكي يا دعاء أنا مش ناقصه بجد كفايه تقطيم
دعاء متفهمه الأمر: ياحبيبتي مقصدش والله متزعليش خالص ، بس ممكن اعرف أنتي بتعيطي ليه دلوقتي؟
نظرت لها وقالت : عشان إتخدعت فيه طبعا أنا متوقعتش أبدا يقولي كده
نظرت دعاء إلي عينيها محاوله أن تبثها بالقوه: يبقي ده ميتزعلش عليه طالما مش اد الجواز ومش اد إن يدخل الباب من بيته ميتزعلش عليه يا ميار ، في داهيه !
إنهمرت العبرات مره أخري من عينين ميار لتقول من بين دموعها: بحبه يا دعاء بحبه مش بإيدي
إنفعلت دعاء وقالت بحده: يعني عاوزه تعملي ايه تاني ؟ ما هو مبقيش عليكي اهو يخربيت الحب الي يرخصك يا ميار
تعالت شهقات ميار مع جملة دعاء الأخيره ، هل فعلا يوجد أنواع من الحب ترخص الفتاه ؟ بالتأكيد نعم عندما يكون في الظــلام .. !
نهضت دعاء لتجلس جانب صديقتها ومسدت علي ظهرها في محاولة التهوين عليها قائله بحنان: معلش ياحبيبتي ربنا يعوضك بالأحسن منه !

عاد محمود إلي عمله وما ان وصل للورشه إتجه إلي زنهم الجالس علي كرسيه ، حتي وقف قبالته وقال بثبات: سلام عليكم يا حاج زنهم
زنهم بابتسامه:
وعليكم السلام يا محمود ، ايه أومال فين بسمه مش كنت رايح تجبها من الجامعه
إرتبك محمود قليلاً، ولم يعرف ماذا يقول له الآن !! ، أيقول أنه رأي إبنته تضحك بميوعه مع شاب ، أم أنه تركها ولم يعد بحاجه إليها .. !
رفع زنهم حاجباه بذهول وقال مستغرباً:
_ ايه يا محمود في ايه سرحان ليه
إزدرد محمود ريقه ، وحاول أن يكون صامدا ، فأخذا نفساً سريعاً ثم زفره بهدوء وقال بثبات:
_ يا حاج زنهم أنا وبسمه مش متفقين مع بعض خالص ودلوقتي إحنا اتفقنا إن كل واحد يروح لحاله وزي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف
هب زنهم واقفاً وقال بجديه: نعم ؟؟ كده من نفسكوا من غير ما تستشيروا حدا !! وايه الي حصل
محمود بنفس الثبات: يا حاج مفيش حاجه حصلت كل الحكايه أن لا أنا مرتاح ولا هي فأرجوك تقبل إعتذاري وإن شاء الله ربنا يرزقها بالأحسن مني ! ولو أنت مش عايزني أشتغل عندك تاني مفيش مشكله أنا همشي وهشوف اكل عيشي في حته تانيه!
زنهم بإنفعال: إيه الي بتقوله ده يا محمود لا طبعا يابني كل شئ قسمه ونصيب وده ملوش علاقه بالشغل .. ربنا يوفقك يابني مجراش حاجه !
إبتسم له محمود وقال : شكرا علي تفهمك يا حاج عن إذنك أشوف شغلي ، ثم تحرك من أمامه وهو يتنهد بإرتياح شديد من الأساس هي لم تكن مناسبه أبدا له .. يقولون أن الطيور علي أشكالها تقع ، وبسمه لم تكن أبداً شبيهه لمحمود .....
بينما صر زنهم علي أسنانه وهو يقول بتوعد: ماشــي يابسمه صبرك عليا بس أما أروحلك

بعد قليل إستمع محمود إلي آذان العصر ، فتوجه إلي المسجد ، ثم دلف وأقام الصلاه ومن ثم إنتهي ليجلس جوار الشيخ سعيد يختم الصلاه حتي إنتهي أيضاً وقال مبتسماً:
_ إزيك يا شيخ سعيد
إبتسم له سعيد وقال؛ الحمدلله يامحمود يابني إزيك أنت أخبارك ايه
أومأ محمود رأسه وقال: الحمدلله كويس جداً
سعيد بنفس الإبتسامه : يارب ديما
صمت محمود لبرهه وشاور عقله أيتحدث ويبوح بما في قلبه الآن ؟ أم أن الوقت والمكان غير مناسب ؟ فبعد قليل من المشاوره عزم محمود علي أن يتحدث في هذا المكان الطاهر ويدخل من الباب كما قال المولي عز وجل واتوا البيوت من أبوابها --- قال محمود بهدوء: أنا كنت عايزك في موضوع ياشيخ
سعيد باهتمام : اتفضل يا محمود خير
محمود علي نفس الهدوء وقليل من التوتر: أنا بصراحه يا شيخ سعيد بطلب منك بنتك دعاء علي سنة الله ورسوله
عقد الشيخ سعيد حاجباه وقال : هو أنت مش خاطب يابني ؟
تحدث محمود سريعاً وقال: كنت ، كنت خاطب إنما دلوقتي لاء
سعيد بتساؤل: ازاي وأمتي حصل ده
تنهد محمود وقال: النهارده ، مفيش نصيب يا شيخ سعيد
سعيد باستغراب: طب ايه السبب ؟
إبتسم محمود وقال هادئاً : منا قولتلك يا شيخنا مفيش نصيب
أومأ سعيد برأسه وقال: مممم وأنت ما صدقت بقا وأوامك عاوزه تتقدم لبنتي
ضحك محمود وقال: بصراحه اه يا شيخ سعيد والله يكون ليا الشرف أنا لو لفيت الدنيا كلها مش هلاقي زي بنتك يا شخينا كفايه إنها تربيتك
إبتسم سعيد وقال : ربنا يعزك يابني طيب علي العموم سبني أفكر وأخد رأي دعاء وهرد عليك في أقرب وقت
محمود بابتسامة: وأنا منتظر ......

ثم قاما الأثنان وكل منهما عاود إلي عمله ...

وفي المساء تحديدا بعد صلاة العشاء.. في بيت ميار
دلفت والدتها إلي الغرفه وقالت بفرحه :
_ بت يا ميار أبوكي جابلك عريس
هبت ميار واقفه لتقول بصدمه: ايه عريس ، مين ده ؟
والدتها بهدوء: مش عارفه مقليش المهم أنه قالي أبلغك تجهزي نفسك ... ثم خرجت ولم تمهلها فرصه للتحدث ....

الأسمــراني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن