الحلقه الثالثه

14.9K 415 7
                                    

الأسمراني
الحلقه (3)

إنتهي محمود من عمله وأخذ أجرته الماليه من رب عمله ، ثم سار متجهاً إلي منزله ولكن أثناء سيره جذب إنتباهه شيئاً أثار غضبهُ وبشده عندما رأي رجلاً يقود عربه يقودها حمار ، فوجده يضربه بعصا عريضه كي يسير أسرع ، لكنه وقف ليلملم الاوراق الملقاه علي الأرض ، فأخذ محمود يسرع خطواته حتي وصل إلي ذاك الرجل، وقال غاضباً: لو سمحت !
إلتفت له الرجل مذهولاً ، حتي قال : نعم
حاول محمود ضبط أعصابه قدر المستطاع ، فقال هادئاً :
_ هو ده مش بيحس ؟
الرجل مستغرباً: هو ايه !
محمود بهدوء: الحمار ده ، يعني هو عشان حيوان تضربه بالشكل ده ! حرام عليك ، ده الرسول عليه الصلاة والسلام قال الرفق بالحيوان، .. إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ...
إندهش الرجل من ذاك الحديث فقال بلا مبالاه: ما هو لازم يضرب عشان يمشي عدل
تنهد محمود بقوه وقال: ده بيحس زيه زيك مش أنت عندك إحساس ؟
هز الرجل رأسه بتأكيد فتابع محمود قائلا: تقبل حد يضربك بالمنظر ده ، أو هتستحمل ؟
حرك الرجل رأسه نافياً ، فقال محمود هادئاً : يبقي ليه بتضرب الحمار كده يعني مش عشان حيوان يبقي ميحسش علي فكره أنت مع كل ضربه ليه بتاخد ذنوب وشوف بقا بتضربه كام مره في اليوم وعد ... وما بالك بقا لو عطفت عليه ورحمته من الضرب ده ، هتاخد حسنات كتيره والحسنه بعشرة أمثالها والله يضاعف لمن يشاء.. الرحمه حلوه مش كده ولا إيه ؟
إقتنع ذاك الرجل من كلام محمود وقال مبتسماً: عندك حق
تنهد محمود بارتياح وقال : وعد منك متعملش كده تاني ؟
أومأ الرجل برأسه ، فيما إبتسم محمود وأكمل سيره متجهاً إلي منزله ، بينما سار ذاك الرجل وقد أخذ علي نفسه عهداً أن لا يفعل ذلك مره ثانيه وأن يرفق بذاك الحيوان الذي لا حول له ولا قوه ..

وصل محمود إلي المنزل وما ان صعد درجات السلم حتي وجد والدته تقف مع أحد الجارات وتتسامر معها في حين دلف محمود بعد أن ألقي السلام عليهن ، فدلفت زينب خلفه وهي تقول مبتسمه: حمدلله علي سلامتك يا حوده
محمود مبتسماً: الله يسلمك يا ست الكل
زينب بحماس: أما بقي عملالك شويه محشي مشكل هتاكل صوابعك وراهم
محمود مازحاً: كل مره تقوليلي كده وصوابعي اهي مكلتهاش ولا حاجه يا ماما
قهقهت زينب قائله من بين ضحكاتها: يوه جتك ايه يا واد يا محمود ضحكتني
ضحك محمود قائلا: طب فين المحشي بقا أنا واقع من الجوع
زينب وهي تتجه إلي المطبخ : حالا ياحبيبي حالا ....

بعد قليل أخذت ترص الصحون علي طاوله الطعام البسيطه ، ثم أخذت صحن منهم وإتجهت إلي الخارج فتابعها محمود بعينيه لأنه يعلم أنها ستوصله للجاره أم ميار ، فهي دائماً تحبها وتتسامر معها ، فإن نبينا وصي علي سابع جار ، وها هي زينب تود جيرانها وتطعمهم من طعامها وتهاديهم دائماً،
آتيت بعد قليل وجلست قبالة والدها وشرعت في تناول الطعام ، حتي قال محمود مبتسماً:
_ جزاكي الله خيرا يا ماما
إبتلعت زينب الطعام الذي بفمها وتابعت قائلة: وجزاك ياحبيبي يارب ،، ثم تابعت قائله: ها قولي أخبار الشغل ايه ؟ مرتاح
أومأ محمود برأسه قائلا: مرتاح والحمدلله..
زينب بتساؤول: بتكلم بسمه ؟
سريعاً ما تحولت ملامحه للضيق فقالت والدته بحذر: أنت لسه برضو مش مرتاح معاها
حرك محمود رأسه نافياً وقال : لا خالص يا ماما حاولت كتير أنصحها واعدل منها لكن مفيش فايده هي مصره تفضل زي ما هي وأنا مش عارف أعمل إيه أكتر من كده .. !
تنهدت زينب قائله: طيب يابني معلش يمكن علي ايدك تبقي كويسه ولك الأجر والثواب، وعشان خاطر زنهم ده احنا عشره وجران من زمان
نظر محمود إلي والدته بصمت لثوانِ ،.. حتي تابع قائلا بخفوت:
_ ماما أنا عاوز أقولك علي حاجه
زينب باهتمام: قول ياحبيبي خير ؟
أخذ محمود نفساً عميقاً ثم زفره بهدوء، ومن ثم قال :
- أنا بصراحه ياماما في بنت تانيه نفسي تكون من نصيبي وأنا مش عارف هل هي هتوافق ولالاء وفي نفس الوقت خايف أسيب بسمه اكون ظلمتها لكن ربنا يعلم أني مش مرتاح معاها
زينب بتساؤل: مين دي يامحمود؟
محمود بخفوت: بنت الشيخ سعيد يا ماما
إندهشت زينب لتقول مكرره: مين ؟
محمود متنهداً: دعاء بنت الشيخ سعيد ياماما مالك !
زينب بهدوء : أبدا يابني بس مستغربه وكمان بصراحه مش عايزاك تتسرع هي اه دعاء ألف واحد يتمناها بس ...
محمود مقاطعاً: بس ايه ياماما ؟ عشان مش قد المقام ولا مش شاب استايل وأمور علي رأي بسمه !
أجابته بعتاب : إخص عليك يابني لا طبعاً ماقصدش ده أنت زي الفل
أكمل محمود طعامه وقال شارداً بذهنه: ربنا يقدم الي فيه الخير، يا أم محمود ...
..................

جلست ميار تفكر في كلام صديقتها هل حقاً علاقتها بـ محمد حرام ؟! رغم أنها خاليه من كلماتٍ معسولة أو غزلٍ ، وأنه إنسان حقا يحافظ عليها ويريدها حلالاً ! ولكن ....
لكن هذه العلاقه لم تكن في العلن ، هذه العلاقه مُتخفيه بدون علم الأهل بدون علم الناس فالبتالي لم تكن علاقه صحيحه أبداً ، لأن لا يصح إلا الصحيح، ومن الصحيح أن يأتي الرجل من الباب مهما كانت الظروف ......

عاد ذنهم إلي منزله وبعد ذلك جلس بصحبة إبنته وزوجته يتناولوا الطعام حتي قال بتساؤل جادي:
أخبارك مع محمود ايه يا بسمه
تحولت قسمات وجهها إلي البرود، في حين قالت بتأفف:
زي الزفت
ذُهل حقا والدها ، من هذه الجمله ، بينما قال بصوتٍ حاد: ايه زفت دي ليه حصل ايه؟؟
بسمه بحذر: بابا أنا قولتلك ميت مرة مش بحبه مش طيقاه
صاح بها والدها حتي إنها إنتفضت في جلستها أثر الصيحه ... وقال:
وأنا قولت ميت مره مش هتلاقي احسن من محمود.. هو فيه في أخلاقه دلوقتي اتفرجي علي الشباب الصايعه البلطجية الي بيلعبوا بالبنات ، ده أنتي تحمدي ربنا وتبوسي ايدك وش وضهر انك هتتجوزي محمود الي بيصلي وعارف ربنا وكمان كسيب ده بياخد يوميه ولا أجدعها موظف يعني هيعيشك مرتاحه
بسمه مكرره وقد سالت الدموع تتساقط فوق وجنتيها : مبحبوش يا بابا مبحبوش
هب ذنهم واقفاً وهو يقول بحده: إخرسي يابت بلاش قلة أدب بلا حب بلا زفت علي دماغك ...
ومن ثم إتجه إلي غرفته حتي قالت والدتها وهي تنهض هي الأخري تلملم الصحون: أبوكي عنده حق ياختي ، حد يرفض محمود !!! ....

ألقي محمود بجسده علي الفراش ليحدق في سقف الغرفة، شارداً في هذه الحوريه والجوهره الثمينه ، لا يعرف لماذا تقتحم تفكيره لهذه الدرجة ، ولما لا تقتحم تفكيره وهي حقا كالجوهره من حيث الاخلاق والرداء فتاه مُزينه مع أنها لا تتزين ، زين الله قلبها بالأيمان ، فجعل القرآن ربيع قلبها ، فأصبحت كالحوريه يتمناها الجميع وأصبحت مُراد محمود والآن هو فقط سلم أمره لمن بيده كل شئ .....

في صباح يوم جديد يحمل في طياته الكثير من المفاجآت، حيث قررت ميار أن تواجه محمد بكل صراحةً ،وأن تأخذ موقف حاسم معه ، كما قرر بسمه أن تخبر محمود بأنه ليس فتي أحلامها وأن خطبتهما لن تستمر بعد اليوم ... 

جلست ميار وأخذت تكتب رسالة علي برنامج الواتس أب ، كان محتواها ..
- محمد أنا خلاص مش هينفع أكلمك تاني لو صحيح يا ابن الناس عاوز تتقدملي بيتنا مفتوح وأنت عارف أهلي وأبويا تعالي وإتقدم غير كده معلش خلاص أنا حاسه أن بخون أهلي وأنا بكلمك ...
وصلت الرساله إلي محمد وقرأها بحزن ، وأخذ يضغط أزرار الهاتف حتي كتب لها رساله كانت صدمه بالنسبة لها ولم تتوقع أبدا هذا الرد حين قرأت محتواها :
_ أنا أسف يا ميار أنا عمري ما اتسليت بيكي لكن أنا مقدرش أقابل أبوكي دلوقتي، وأقوله ايه ؟؟ ياريت لو مش قادرة تستني شويه خلاص انسيني ، وأنا آسف علي الأيام الي خليتك تخوني فيها أهلك مع السلامه يا ميار ..... 

الأسمــراني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن