الفصل الثالث : فنجانٌ منَ المصائب.

224 20 111
                                    

رفعَ فنجانَ شايهُ آخذًا منهُ رشفةً صغيرةً ثُمَّ باتَ يحدقُ بلونِ الشايِ الغنيِ بعيناهُ الذهبيتان.

كان آيدن يتشاركُ الطاولة معَ رجلٍ أشقرِ الشعرِ أسمر البشرة امتلكَ عينانِ بلونِ المحيط و قد بدا عليهِ كونهُ في أواخرِ عقدهِ الرابع.

أما خلفَ الأولِ فقد وقفَ كريس برسميةٍ و احترامٍ و الأهمُ هدوءٌ غيرُ معهودٍ منهُ.

كانوا داخلَ كوخٍ خشبيٍ تحيطُ بهِ غابةٌ مِن كُلِّ الجهاتِ وجين يقفُ خارجًا بينما يتثائبُ بمللٍ مِن أجلِ الحراسة.

أما داخلَ الكوخ فقد طالَ الصمتُ بينَ الثلاثةِ ليكسرهُ الأشقرُ قائلًا " أظن أنّ الوقتَ قد حانَ لتدخلَ في صلبِ الموضوع.. أمير آيدن."

أنزلَ آيدن فنجانهُ دونَ أن يرفعَ نظراتهِ المتأمِلَةَ عنهُ قائلًا بنبرة عميقة " أتعلمُ سعادة اللواء جوزيف ترانسي ؟، أنا رجلٌ واضح.. لذلكَ أريدُ إجابةً واضحة."

حدقَ بهِ جوزيف بصمتٍ مركزًا بتقاسيمِ وجهِ آيدن الذي رفعَ نظرهُ نحوَ الأولِ رامقًا إياهُ بنظرات هادئة ؛ راكدة ؛ خالية من أيةِ تعبيرٍ

سألَ " سمعتُ أنكَ تنوي ثورة ؟"

أمسكَ جوزيف بفنجانهِ بعدَ أن حدقَ بهِ قليلًا بدورهِ قائلًا " أميري... علكَ لا ترى ذلكَ لكن ظلمَ جلالتهِ قَد وصلَ معَ الشعبِ إلى الحضيض... في عالمٍ متوحشٍ كهذا.. نحنُ بحاجةٍ إلى ملكٍ متكاتفٍ لا إلى رجلٍ يرى كُلَ مَن عداهُ كالماشية."

هتفَ آيدن بشيءٍ منَ البرودِ في نبرتهِ و هدوءٍ " جوزيف !."

ازدردَ جوزيف ريقهُ ليرمقهُ آيدن بشيءٍ منَ الحدةِ فقالَ بنبرةٍ حملت بينَ طياتها تهديدًا " أخبرتكَ أني أريدُ إجابةً واضحة !، كُفّ عن اللفِ و الدوران."

انبثقت مِن عينا جوزيف نظرات مليئة بالثقة بعد أن أدركَ أن لا سبيلَ للطرقِ الملتوية معَ مَن أمامه فقالَ " أجل."

احتدت نظراتُ آيدن لتبرقَ مِنَ الضوءِ ما لا يبشرُ بالخيرِ فإذ بلهجةٍ محذرةٍ تنبثقُ مِن فاه قائلًا " تعلمُ أنّ عقوبةَ الخيانةِ هي الإعدام الفوري و إن كانَ مشكوكًا بها... و فوقَ كُل ذلكَ أنتَ تعترفُ أمامي ؟، ألا تهابُ الموتَ ؟."

أجابَ جوزيف واثقًا و لَم يتخلَ عن نظراتهِ الثابتة " مُستعدٌ لذلك."

لحظةُ صمتٍ أطبقت على المكان و آيدن و جوزيف يرمق أحدهما الآخر نظراتٍ مشحونة كسرتها ضحكةٌ عاليةٌ أطلقها كريس فجأة ليلتفتَ نحوهُ الاثنانِ بشيءٍ من الاستغرابِ فإذ بهِ منحنيًا ممسكًا ببطنهِ و قطراتُ الدموعِ عالقةٌ بين رموشهِ الطويلة

قالَ مِن بينِ ضحكاته " لا !، أعتذر !، أنا حقًا آسف !، لكن سيدي.."

مسحَ دموعهُ بمفاصلِ أصابعهِ و رفعَ رأسهُ نحوَ آيدن مردفًا " لقد سبقَ و أخبرتك !."

MIREN-NEVERLANDحيث تعيش القصص. اكتشف الآن