قال تعالي ” وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ” آل عمران ، وقال تعالي ” سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ” سورة الحديد .
روى أبو سعيد الخدري أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعه وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال له إنه قام بقتل تسعة وتسعين نفساً، فهل له من توبة فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فأنطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة ) رواه مسلم، وزاد في رواية البخاري قال قتادة قال الحسن : (فأدركه الموت فنأى بصدره نحوها فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأوحى الله إلى هذه أن تقربي وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي وقال قيسوا ما بينهما فوجد إلى هذه أقرب بشبر فغفر له ) .
تأملوا معي حال هذا الرجل الذي قد ارتكب كل هذه الجرائم ولكنه عزم علي التوبة الي الله عز وجل وبادر الي الطريق المستقيم، فرزقه الله سبحانه وتعالي حسن الخاتمة، حتي عندما قنطه الراهب من رحمه الله عز وجل، إلا انه عاود ابحث من جديد وهو مشتاق الي العودة الي الله، ففتح له الله عز وجل باب الرحمة والمغفرة، عندما قابل العالم، فأخذ القرار وانطلق دون تردد مع ركب الصالحين ليعبد الله معهم، ويكون من الساجدين المصلين الذاكرين المستغفرين، ولكن الله سبحانه وتعالي قدر أن يدركه الموت، و هو على هذه الحال فيزحف بصدره شوقاً إلى بلاد المستقيمين فشرّفه الله بهذه الخاتمة بل أصبحت قصته عبرة تروى وموعظة تحيى بها القلوب . ماذا لو تأخر قليلاً كيف ستكون ميتته ؟ كيف ستكون خاتمته ؟ كيف سيكون مصيره في قبره و يوم حشره ، فهل تتخذ أخي القرار و تعلن الاستقامة على أمر الله دون تردد لتظفر بحسن الخاتمة رزقني الله و إياك حسن الختام .