حضرة المحترم زينب بقلمي/ منى لطفي.. الفصل 1

28.6K 617 29
                                    


الفصل الاول

"يا حلو صبّح يا حلو طل، يا حلو صبّح نهارنا فل"...

على كلمات هذه الأغنية التي دائما ما تبثها الاذاعة صباحا وقفت تدندن معها تلك الشابة السمراء ذات الجمال المصري الاصيل بدءا من لون بشرتها القمحية مرورا بعينيها الواسعتين بلونهما الاسود كجناح الغراب.. واللتان تخفيهما أسفل نظارة عريضة سوداء تحتل معظم وجهها البيضاوي حيث تقبع فوق أنفها الدائري الصغير، الذي يظلل ثغرها المكتنز بشفتيها الورديتين، ثم جسدها ذو القامة الهيفاء حيث يصل طولها الى 170 سم، أما جسمها فليس بالبدين ولا بالنحيف بل لو توخيْنا الصدق لقلنا أنه مكتنز في المناطق الانثوية الملفتة مع خصر دقيق فكان كنموذج أنثوي في الاغراء ولكنها تعمد الى اخفائه وراء الملابس المتزمتة الداكنة اللون، ففي رأيها هي سمينة ولا بد لها من اخفاء بدانتها عن الأعين..

أما خصلاتها السوداء المموجة فتعمد دائما الى تصفيفها على هيئة كعكة دائرية، ومع أنها تنزعج كثيرا من خصلاتها الثائرة إذا ما أطلقتها ولكنها احتفظت به بطول مناسب يصل الى منتصف خصرها وكأنها بداخلها تود الحفاظ على معلم من معالم أنوثتها المطمرة.. قصرا!!

وقفت زينب تعد طعام الافطار قبل ان تصف الاطباق فوق صينية كبيرة وترفعها متجهة بها الى الصالة الصغيرة في تلك الشقة المتواضعة في ذلك الحي الشعبي، والذي نشأت فيه وترعرعت وسط أبنائه فكانت ابنة للكبار وأخت لمن هم في مثل سنّها..

وضعت الصينية فوق المائدة الخشبية المستديرة التي تكفي أربع أشخاص ونادت بصوت عالى وهي تصف الاطباق فوق الطاولة:

- بابا.. يا حاج زكي.. الفطار.. الشاي هيبرد..

ليدلف والدها خارجا من غرفته وقد ارتدى زي العمل الخاص به حيث يعمل كساعي في شركة "الفرَّاج للاستيراد والتصدير".. وهي نفس الشركة التي تعمل فيها ابنته ولكن.. كمديرة مكتب لرئيس الشركة، فقد أثبتت كفاءتها حيث تدرجت في جميع وظائف الشركة بدءا من الارشيف وحتى تعيينها كمساعدة لرئيس مجلس الادارة، ومع كل درجة ترتفعها في سلّمها الوظيفي كانت تثبت جدارتها حتى أضحت أصغر مديرة مكتب لصاحب الشركة "شوقي فراج".. فعمرها لا يتعدى الخمسة وعشرون عاما ولكن هذا ليس بعجيب، فهي تعمل منذ أن كانت تدرس بالثانوية التجارية والتي التحقت بها بالرغم من أن مجموعها في الشهادة الاعدادية كان يؤهلها للالتحاق بالمدرسة الثانوية ولكنها أشفقت على والدها من المصاريف وخاصة تلك اللعنة المسماة بالدروس الخصوصية، فاتجهت للثانوية التجارية حيث أنهتها بمؤهل عال مكنها من الالتحاق بكلية التجارة، حيث أنهت دراستها الجامعية بتفوق، وطوال سنين دراستها كانت تعمل في الشركة، حيث ساعدها كثيرا السيد "شوقي فراج".. صاحب العمل، فهي لن تنسى تشجيعه لها، ودفعها للحصول على دورات تدريبية في الحاسب الألي واللغات، فقد كان من القلة التي لا تتنصل لرفقاء الكفاح حتى وان كانوا أقل منهم، وتلك كانت العلاقة بينه وبين والدها، فقد كانا يعملان سويا في إحدى المصالح الحكومية حينما استقال شوقي حيث سافر بضعة سنوات الى الخليج وعاد ليفتتح عمله الخاص به وتشاء الأقدار أن يتقابل مع والدها وكانت وقتها في المرحلة الابتدائية، حيث عرض عليه أن يترك وظيفته الحكومية ويلتحق في العمل لديه، وبعد شد وجذب استخار والدها ربّه وترك وظيفة الحكومة التي لم يكن راتبها يكفي لسد احتياجاتهما الضرورية، وعمل لدى شركة الفراج، حيث أصبح راتبه ضعف راتبه السابق، واستطاع توفير حياة كريمة لها، قد تكون ليست بمستوى معيشة عائلة شوقي فراج ولكن يكفي انهم لم يعانوا شظف العيش..

حضرة المحترم زينب "قصة قصيرة" بقلمي/ منى لطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن