الفصل السابع

4K 94 2
                                    

7- ما هو الحب يا سيدي ؟ لا أعرف .... ولكن سلطانه قاهر...
( كاليبو)
وفي الطريق ألى الشاطىء , لم ينبس أحدهما بكلمة , هناك جلس ليام , وسألها وهو يجرف حفنة من الرمال :
" ما الموضوع؟".
" لا أريد أن أرحل غدا ".
" ولكن يجب أن ترحلي يا شارلوت ".
وتخلّت عن كبريائها وقالت :
" أنك لا تفهمني ... أنا أحبك , أحبك يا ليام".
ومضت لحظات بدون أن يجيب , وظل يرقب الرمال تنساب من راحة يده ثم قال :
"ما زلت صغيرة يا شارلوت , ولذا لا تخفين ما يختلج في وجدانك , كنت أعرف منذ مدة بهذا الشعور ".
وتمتمت في صوت أبح :
" ربما ظننتها دعابة ...... أو أنني صغيرة على الحب".
" كلا فالحب الأول أقوى حب وهو أكثر الأنفعالات ألما".
" أنه ليس ما تسميه الحب الأول ....... أنه حب حقيقي , دعني أبقى معك , أرجوك ! من غيري أنسب أليك ؟".
" أنسانة تقترب مني في السن".
" ولكن ما أهمية هذا؟ أعرف أنني لست جميلة أو ذات مركز أجتماعي مثل تارا , ولكنك تحبني , وفي أول مرة تقابلنا عانقتني , أنا أكبر سنا الآن , أنني أمرأة ".
وقال ساخرا :
" حقا يا شلرلوت ؟ أشك في ذلك".
" نعم , عانقني ثانية وسأثبت لك ذلك".
وخرج منه صوت كأنه ضحكة مكبوتة أو أنّة غاضبة , بينما بدأت سحابة تغطي وجه القمر ولم يعد بوسعها أن ترى وجهه بوضوح.
وقال في هدوء :
" أنت التي تطلبين ......".
وجذبها بين ذراعيه برقة , وتسلل ذراعاها حول عنقه , ولكن عندما عانقها أرتعشت وتصلبت ذراعاها .
وتمتم في أذنيها :
" هيّا ألى غرفتي الآن !".
وتصلّب جسمها وفتحت عينيها وهمست :
" غرفتك؟".
" ولم لا؟ أذا كنت أحببتني!".
" لكنني ما قصدت .....".
وأسكتها بعناق خشن لكنها صارعت لتخلص نفسها :
" لا.... يا ليام ! لا تحاول!".
" ظننت أنك أحببتني".
" نعم أحبك , ونعم كبرت , ولكن ليس هذا هو الحب".
وأطلقها في قسوة:
"أنا هكذا.... ما الذي صوّر لك أن بأمكانك تغييري؟".
" لم أتصور ولكنك لست هكذا!".
" أنا أنا ومعظم الرجال هكذا ..... ففي الأمور تكون المبادرة من جانب الرجل , فأن أتت من جانب المرأة يساء فهمها , ولعلك تذكرين هذه الحقيقة في المستقبل".
لم تكن لتصدق أنه يمكن أن يتحدث بتلك الطريقة الوحشية , وسألها بمرارة :
" ألم يخطر لك ...... من قبل أنني لو كنت مشغولا بك لتصرفت أي تصرف .... أنك لا تحبينني ولكن مفتونة برجل لا وجود له ألا في مخيلتك الصبيانية ".
وأحست بصدمة كبيرة , كان كثيرا ما يلجأ ألى أغاظتها ولكن لم يسبق له أن سخر منها.
وأنفلتت مبتعدة فأمسك بمعصمها يقول :
" والآن! أنك لا تتحملين الأنتظار حتى ترحلي غدا! ربما كان الوداع هو العلاج".
ووخلصت نفسها وهي تقول :
" أنه كذلك".
" ليس لك وحدك ......... فجموعة الأسرة المحيطة بي أصبحت شيئا لا يطاق.... الوحدة ليست مشكلتي على الأطلاق".
وأسرعت شارلوت ألى الهروب .
لم يكن بأمكان شارلوت أن تخفي جفنيها المتورمتين في الصباح , ولكن أحدا لم يعلق , كان الجميع يشعرون بأسى الفراق , حتى فلافيا كانت تحاول أن تكبت مشاعرها , وتغيّب ليام عن الأفطار ولم تره شارلوت ألا في الردهة قبيل العبور ألى اليابسة , وودع الجميع فيوليت على الشاطىء , وبكت فلافيا كثيرا بينما لم يبق لشارلوت دموع تذرفها , ووقفت على الميناء عند القرية تنظر عبر القناة ألى الجزيرة التي لن تراها ثانية , كانت قد أحبتها أكثر من أي فرد آخر لكنها الآن كانت أول من أدار ظهره أليها.
ووصلوا ألى المطار بينما لا يزال أمامهم بعض الوقت قبل أن تقلع الطائرة , ثم حان وقت الرحيل.
وصافحت هيلين ليام قائلة :
"لن ننسى كرمك يا ليام , أرجو أن تعنى بنفسك !".
وقبّل وجنة هيلين ووجنة فلافيا وألتفت ألى الأولاد ثم قال :
" وداعا يا شارلوت ورحلة سالمة ".
ورفعت بصرها أليه وقالت :
" وداعا!".
ولم يحاول أن يقبّلها أو يصافحها .
بدأت الطائرة تضاعف من سرعتها على المدرج وألقوا جميعا النظرة الأخيرة ولوحوا بأيديهم من النوافذ فيما عدا شارلوت التي فتحت أحد كتيبات الطيران لتدرس خريطة الجزر , ولكن جزيرة سوليفان كانت أصغر من أن تسجل على الخريطة.
وسألتها أمها وهي تمس ذراعها في عطف :
" هل أنت بخير يا عزيزتي؟".
" نعم , ولماذا لا أكون كذلك ؟".
" كنت أخشى أن يعتريك شيء من الأضطراب ".
" أنا لا يضايقني الرحيل".
حلقت الطائرة فوق المناطق غير الآهلة من شمال الأطلسي , وكان الوقت ليلا وقد أخلد الجميع ألى النوم , وتذكرت ليام وهو يقول : الحب الأول أقوى حب وهو أكثر الأنفعالات ألما , وكيف أطلقها على عجل عندما قاومت وكيف حلّقت فيما قبل بقليل في آفاق السعادة , وأقنعت نفسها بأن كل ما قاله لم يكن ألا تمثيلا.
وهبطت الطائرة في أنكلترا فأحس الجميع بالسرور , وكانت أسرة فريزر في الأنتظار , ووكزت فلافيا أختها وهما تركبان السيارة الكبيرة قائلة :
" أنظري ! أنها لا تمطر".
وتوقفت السيارة عند أشارة مرور فرأت شخصين من الجزيرة شريكين في المنفى , وقد أئتزروا بملابس شتوية رمادية بدلا من الملابس القطنية الفاتحة التي يلبسانها في بلدهما , وكانا يضحكان معا وخطر لها : أذا كان بوسعهما أن يحتملا البعد عن الوطن فسيكون بوسعي أنا ذلك.
وختمت شارلوت قصتها قائلة :
" كان ذلك منذ أربع سنوات والآن آن الأوان , أنني عائدة ولكنني أحس بخوف مفاجىء , أخبريني برأيك يا أنيتا , هل أحبه حقا؟ أم أنه أنفعال مراهقة؟ وماذا لو وجدته قد تغير ؟ بل ماذا لو كففت عن حبه الآن ؟ هل أكون أسوأ حالا؟".
كانت أنيتا تنصت بأهتمام , وسألتها :
ألم يكتب أليك ؟".
" لم يكتب أليّ , ولكنه ظل يكتب ألى أمي بعض الوقت ".
" وهل تعرف أمك بخبر رحلتك؟".
" كلا , لم أتحدث أليها ولا ألى أي شخص على الأطلاق عنه قبل الليلة , لا بد أن تكون قد تخيلت شعوري نحوه عندما هجرنا الجزيرة ولكنها لم تقل شيئا , وربما ظنت أن مشاعري عندئذ كانت مشاعر مراهقة سرعان ما تزول , هل هي كذلك؟".
وعلقت أنيتا :
" لست متأكدة , ولكن القليل جدا من الناس من يصل ألى النصح في سن الثامنة عشرة , ومن الخطأ أن تتزوج الفتاة في تلك السن , لكنني لم أسمع عن مشاعر مراهقة تستمر لأربع سنوات , أعتقد أنك ربما أحببته حقا , هل بينك وبين نفسك تتمنين أن يكون وقع في حبك بالفعل؟".
" لا , فأنا متأكدة أنه لم يكن يحبني , ولكن الأمر يختلف الآن , فلقد تعلمت الكثير في هذه السنوات الأربع".
" وأذا قدّر لك أن تقابليه , فهل لا زلت تريدينه؟".
" بشرط ألا يكون أرتبط بأخرى".
" لا أعتقد أن هذا محتمل ".
" ربما! ولكن ألا يكون من سخرية القدر أن أقضي سنوات أربع أدخر أجر السفر , وأخيرا أجده تزوج".
وتهدج صوت شارلوت , وعندئذ قالت أنيتا :
"سهرت كثيرا وأنت منهكة , أنهضي ألى الفراش , سأحضر لك مشروبا ساخنا ".
" أخترت وقتا مناسبا للغاية لأحكي قصتي , يا للمسكينة أنيتا , ستكونين في غاية الأرهاق غدا".
" هراء أنا سعيدة , ولم أشعر بالضجر على الأطلاق , لم أكن أفهم لماذا تتجاهلين الرجال الذين يهتمون بك , والآن فهمت السر , لا بد أنه يستحق أهتمامك , ذلك الرجل ليام هاملتون".
" نعم , هو كذلك , أو على الأقل كنت أظنه , منذ أربع سنوات ".
وأحست شارلوت بالكآبة من جديد ودفعتها أنيتا برقة نحو غرفتها وهي تقول :
" هيا , أدخلي , لن أتغيب كثيرا ".
وسألت شارلوت عندما لحقت بها تقول :
" ألم يخطر ببالك أن تكتبي أليه لتخبريهأنك تفكرين في العودة لقضاء أجازة ؟ ولتزوري الأماكن التي كنت ترتادينها ".
" فكرت في ذلك , لكنني خفت , فربما لا يريد أن يراني ثانية , أريد أن أن أراه ولو لمرة واحدة , لأتأكد من شعوري نحوه".
" أنا لا أقول لك بأنك شارلوت مارتن الوحيدة , ولكن من المحتمل أن يعرف عن طريق أجراءات الحجز أنك شارلوت التي يعرفها وربما كتب ألى أمك للتحقق من سفرك ".
" لا فقد حجزت بأسم مستعار".
" ماذا؟".
" حجزت بأسم كلير مانيارد وأخترت كلير مانيارد ليتفق الأسم مع الحروف المنقوشة على حقيبتي ".
" أذن سوف تستطيعين أن تختلسي النظر أليه قبل أن يتعرف عليك".
" لا أعتقد بوجود فرصة ليتعرف عليّ توا.... ولسوف أضع نظارة قاتمة , وشالا على شعري".
" وأذا ما تبين لك أنه لم يكن بحال الرجل الذي أحببته؟".
" عندئذ تكون لي الحرية في أن أحب شخصا آخر".
ووضعت كفيها فوق وجهها , وقالت :
" ولكنه لن يتغير , ليس هناك رجل مثل ليام".
وسألها كاتب الأستقبال , وهو يستكمل الأجراءات :
" هل أستمتعت برحلة طيبة يا آنسة مانيارد؟".
" نعم ....... أشكرك".
لم تكن تتوقع أن تجد تغييرا يشمل كل شيء تقريبا , وملأت البيانات المطلوبة وهي في حالة تشبه الدوار , وحرصت على ألا توقع بأسمها الحقيقي.
وشكرت الشاب الذي حمل حقيبتها ألى الطابق العلوي وأعطته البقشيش .
كان المبنى في أول الأمر يضم أربع غرف كبيرة شامخة على الواجهة , لكل منها نافذتان وباب ذو كوة في أعلاه يؤدي ألى الشرفة الخارجية , ولكن هذه الشرفة قسمت الآن ألى أربع شرفات منفصلة , وتحولت الغرف الداخلية ألى أجنحة وخصصت لشارلوت الغرفة التي كان ليام يتخذها مخدعا , وأصبحت الآن تضم غرف الجلوس والنوم وحماما صغيرا , وأستعين بسقف صناعي لتصحيح أرتفاعات السقف الأصلي , وبدا الجناح في طراز أمريكي ينسجم مع الطريقة التي تحدث بها كاتب الأستقبال .
وجذب أنتباهها لأول وهلة بطاقة دعوة من الأدارة وضعت ألى جانب برميل شراب تقول
" أخدم نفسك بشراب كوكتيل جزيرة مانغو"
وخدمت شارلوت نفسها وخرجت وكأسها بيدها وأسندت مرفقيها ألى الدرابزين تحدق في دهشة ألى الحديقة الممتدة بين المبنى والشاطىء في تنسيق وجمال.
كان بعض النزلاء يتمدد على حشايا من الهواء المضغوط , أو على مقاعد وثيرة تحت سعف النخيل , وكان أحد الخدم يلبس سترة بيضاء ويقوم بتقديم المشروبات بينما يهرول زميله ألى الفندق ومعه صينية مليئة بالكؤوس الفارغة.
وتردد في سمعها صوت من الماضي .... أعلان عاطفي صدر عن فتاة صغيرة تقول : سأشتري الجزيرة في يوم ما وأعيش هنا وأزيل كل الأشجار بين المبنى والشاطىء وأنشىء حديقة جميلة ....... سيصبح أجمل مبنى ....وسيتمنى جميع الأثرياء الأمريكيين أن يشتروه .... لكنني لن أبيعه حتى بمليون دولار.
كانت الجزيرة تساوي الآن مليون دولار .... ولكن لم يكن حلمها هو الذي يتحقق , لقد أنمحت جزيرة سوليفان مركز السحر والغموض ألى الأبد ,وأصبحت جزيرة مانغو حلم السائح وليس حلمها.
وأطلقت تنهيدة : أنها ليس بحال كما رأيتها .... ربما كان كل شيء وهما وربما كان ليام هو الآخر كذلك.
وقررت أن تبقى في غرفتها حتى المساء لتستريح , فأستحمت وتعطرت , وهبطت الدرج ألى العشاء ولتسأل عنه.
كان للتلفون الموضوع في البهو ثلاثة أزرار ... أحدها لخدمة الغرف والثاني للمضيفة والثالث للمكتب , وضغطت شارلوت على الزر الخاص بالمكتب , وسمعت صوتا يجيبها فقالت :
" الآنسة مانيارد من الجناح 6 تتكلم , هل يمكن أن أتحدث ألى السيد ليام هاملتون؟".
" آسف يا آنسة مانيارد ! غير ممكن الآن ! هل ثمة مشكلة ؟ أو مساعدة؟".
" لماذا لا أستطيع التحدث ألى السيد هاملتون ؟".
" السيد هاملتون غير موجود ... ليس هنا يا آنسة مانيارد".
" أذا أين هو؟".
" في رحلة عمل يا سيدتي , ولكن السيد لندو على أستعداد لخدمتك , وسأوصله بك!".
" لا أنتظر! لا تكلف نفسك العناء ! كنت أريد أن أتحدث ألى صاحب الفندق؟ متى يعود؟".
" يوم الجمعة".
" فهمت ....... أشكرك!".
وأعادت السماعة ألى مكانها.
يوم الجمعة! خمسة أيام أنتظار! خمسة أيام! يا الله! لم يكن قد خطر لها على الأطلاق أنه ربما يكون مسافرا , يا لسخرية القدر!\وتعثرت قدماها وقد أنهكتها الرحلة الطويلة , وأتجهت ألى غرفة نومها وتمددت على الفراش وأستسلمت للبكاء ... ثم أستغرقت في النوم بعد فترة.
وأستيقظت وكانت الغرفة أكثر ظلاما وعرفت أنها نامت قرابة الساعتين , وأدركت من الضوء الذي ينفذ من خلال الدلف الخشبية أن الوقت قبيل الغروب بدقائق وقد تحول الوهج الناري من الأضواء البنفسجية والحمراء والذهبية ألى ليل , ثم تذكرت الأيام الخوالي التي كانت تعرف فيها الوقت لا من عقارب الساعة بل من لون البحر , وظل الشجر وحرارة الظهيرة , ونسمات العطر اللطفة.
وسمعت صوت موسيقى لم تكن متأكدة من مصدرها وكانت مصابيح الحديقة قد أضيئت ولبست فستانا قصيرا أخضر من الحرير الجرسيه لتحضر به العشاء.
كانت آخر نزيل دخل قاعة الطعام , وأبتهجت عندما وجدت مائدتها في أحد جوانب القاعة , وكان بوسعها أن ترقب الآخرين بمنأى عن عيونهم , وتفحصت قائمة الطعام.
وأختارت صنفا لذيذا من الحساء وهي تمعن النظر في وجوه النزلاء لكنها أحست بشخص واحد يتفحصها من مائدة خلفها , وألتفتت بطريقة عارضة , فتقابلت عيناهما وأبتسم لها , وأستطاعت أن ترجح أنه شاب أمريكي جاء وحيدا.
أحست به طوال العشاء يحدق أليها , كانت طريقة الطهو ممتازة , والخدمة كذلك ولم تكد تفرغ من تناول الحلوى حتى جاءها الخادم يسألها:
" فنجان قهوة يا سيدتي!".
" شكرا....سأشربها في قاعة الأنتظار".
وشكرته شارلوت وتركت قاعة الطعام , وقررت أن تستطلع التغييرات التي أدخلت على مؤخرة المبنى , خطر لها أذا كانت فيوليت هنا أقابلها أن عاجلا أو آجلا .... ولن تتنكر لي".
وأكتشفت وجود ملعب للتنس وعددا من الممرات المضاءة بالمصابيح تتفرع أمام مجموعة من الأكواخ تحمل أسماء مثل كوخ دولفين كوخ المرجان وغيرهما .... وكان من الواضح أن ليام بنى العديد من الأجنحة المنفصلة التي يفضلها الأزواج الجدد وأولئك الذين لا يحرصون على الأستمتاع بالسهرات داخل المبنى , وعادت لترى التغييرات التي أدخلت على قاعة الأنتظار ووجدتها قد شغلت بأفخر الأثاث.
وأحضر الخادم القهوة وأخذت تقلب صفحات المجلة الأمريكية المعروفة بأسم هوليداي وسمعت صوتا يقول لها :
" أعتذر عن مضايقتك على مائدة العشاء... لم أستطع أن أقاوم رغبتي في أن أرسمك , ولكنني لن أكرر ذلك".
كان هو الأمريكي الذي يقيم بمفرده في الفندق , ووضع صحيفة على المجلة التي أمامها , ووجدت أن الصورة لها بالفعل وقد رسمت بدقة ومهارة وسألته :
" وكيف عرفت أنني تضايقت؟".
" لأنك جلست في توتر ألهاك الطعام عني , أكرر أعتذاري لقد جذبت الطريقة التي تصففين بها أنتباهي , والرقبة الطويلة علامة الجمال ليس هذا أطراء ولكنها الحقيقة".
وسألته :
" هل الرسم مهنتك؟".
" نعم , جئت ألى هنا لأسباب صحية من جهة ولأقوم بتسجسل بعض الأنطباعات كواجب مهني من جهة أخرى , آسف لم أحضر لأقص عليك قصة حياتي ولكن لأعتذر , وسأجلس مستقبلا في مكان آخر , أسعدت مساء يا آنسة!".
وخرج وقد ترك الرسم معها , وكان يعاني من عرج بسيط وعجبت كيف عرف أسمها وفكرت في الأسباب التي وراء علة ساقه وظنت أنها تستلطفه ألى حد ما .
وصعدت ألى الطابق العلوي وفي نيتها أن تنام مبكرة لتصحو مع الشروق وتستحم في البحيرة قبل أن يصحو الآخرون , لكنها قابلت على الدرج العريض أمرأة من الجزيرة ذات صدر بارز وفخذين عريضين تلبس فستانا بحريا أنيقا له ياقة بيضاء وتحمل سلة من المفاتيح ولوحا للكتابة وتثبيت الأوراق.
وأبتسمت المرأة وكادت تواصل سيرها لكن شارلوت أمسكت بذراعها قائلة :
" فيوليت ! ما أروع أن أراك ثانية!".
وتموجت عينا فيوليت وهي لا تكاد تصدق :
"يا ألهي ! شارلوت الصغيرة!".
وأغرورقت عينا شارلوت قطرات الدموع من عيني فيوليت التي ألقت بالمفاتيح وعانقتها عناقا حارا ! وأنهالت الأسئلة من كل منهما ثم توقفتا وهما تضحكان من الأضطراب الذي وقعتا فيه.
وقالت شارلوت :
" لا نستطيع أن نتكلم هنا , لنذهب ألى غرفتي , لكن لا تخبري أحدا يا فيوليت أنك تعرفينني , الأسم الذي ينادونني به هنا هو كلير مانيارد , أريد أن تكون مفاجأة لليام عندما يعود من باربادوس , كيف حاله يا فيوليت ؟ هل تزوج؟".
" ليام؟ يتزوج؟ ليس لديه وقت للزواج يا حبيبتي , لقد تزوج العمل , تغير كثيرا بعد رحيلكم أنه يريد أن يجعل الفندق أفخم من قصر باكنغهام".
وفتحت شارلوت الباب , وقالت :
" هل تظنين أنه سيسر لرؤيتي؟".
" لا أتصور أنه ينساكم بعد المساعدة التي قدمتموها أليه".
" تعالي وأحكي لي أخبارك , أنك تبدين وكأنك رئيسة مستشفى في هذا الزي , هل هو زي العمل الرسمي؟".
وقهقهت فيوليت :
" أنا مديرة الفندق الآن , ومن واجبي أن ألبس زيا أنيقا".
وتحدثتا لوقت طويل , وقالت فيوليت :
" كنت أظنك تزوجت الآن ,ولديك أطفال يا آنسة شارلوت ؟".
" أوه يا فيوليت ! لست الآنسة شارلوت , با ناديني حبيبتي , كما كنت تفعلين حتى أحس بالسعادة من جديد ".
" ألست سعيدة هناك؟".
" أوه! نعم , ولكنني كبرت الآن , والحياة ليست بالبساطة كما كانت فيما مضى , أرجو أن تحتفظي بوجودي سرا حتى يعود ليام".
وأنصرفت فيوليت ألى عملها بعدما تمنت لشارلوت ليلة سعيدة.
كانت ظلال المبنى لا تزال تمتد على معظم الحديقة عندما خرجت شارلوت لتستحم في الصباح التالي وأنزلقت في الماء وقد أطلقت تنهيدة تعبر عن سرورها الكامل , ولم يكن ثمة شبه بين مياه البحر في أنكلترا وهذه المياه الدافئة اللامعة التي عانقتها بحب لا يقل عن حب فيوليت وعناقها في الليلة السابقة.
وفكرت بصوت عال وهي تغوص ألى ما تحت السطح تقول للمياه : أنك لم تتغيري.
لم تمكث طويلا تحت السطح فقد عانت من نقص التدريب , كما أنها خشيت أن تحمر عيناها فتشوه الصورة التي يراها ليام عندما يتقابلان بعد الزمن الطويل الذي أنقضى.
وعادت ألى سطح الماء من جديد تسبح في أسترخاء كما يفعل السياح . كانت ظلال المبنى لا تزال تمتد على معظم الحديقة عندما خرجت شارلوت لتستحم في الصباح التالي وأنزلقت في الماء وقد أطلقت تنهيدة تعبر عن سرورها الكامل , ولم يكن ثمة شبه بين مياه البحر في أنكلترا وهذه المياه الدافئة اللامعة التي عانقتها بحب لا يقل عن حب فيوليت وعناقها في الليلة السابقة.
وفكرت بصوت عال وهي تغوص ألى ما تحت السطح تقول للمياه : أنك لم تتغيري.
لم تمكث طويلا تحت السطح فقد عانت من نقص التدريب , كما أنها خشيت أن تحمر عيناها فتشوه الصورة التي يراها ليام عندما يتقابلان بعد الزمن الطويل الذي أنقضى.
وعادت ألى سطح الماء من جديد تسبح في أسترخاء كما يفعل السياح .
وكان هناك شخص آخر أستيقظ في تلك الساعة الباكرة : السائح الأمريكي الذي لم تكن قد عرفت أسمه بعد وقد وصل ألى المكان في الوقت نفسه حين خرجت هي من المياه , وقال :
" صباح الخير , حسبت أنني الطائر الوحيد الذي يحوم في هذا الوقت".
وخلعت غطاء رأسها ونفضت الماء عن شعرها الطويل وهي تقول :
" أنه أفضل الأوقات لي".
وسألها وهو يعاونها على أرتداء زيها :
" هل حضرت ألى هنا من قبل ؟".
" نعم... وهل سبق لك أنت ذلك؟".
" لا, هذه أول زيارة لي".
وجفّفت وجهها وأخذت تستنشق هواء الجزيرة الطلق ,وقالت في نشوة :
" أشعر بأنني بعثت ألى الحياة , وأحس أن بوسعي أن أدفع عجلات أحدى العربات".
وسألها مبتسما :
" أطلب لك طعام الأفطار هنا أذا رغبت!".
" سأطلبه بنفسي , ويمكنك أنت أن تستحم , ولكن ....هل أطلب لك كذلك , كم ستمكث في الماء؟".
" لن أمكث طويلا".
وقابلت شارلوت أحد الخدم وهي في طريقها ألى المبنى , وطلبت الأفطار لشخصين ... وعندما عادت ألى الشاطىء كان الأمريكي يقف وقد وصل الماء ألى رقبته , وكان قد خلع رداءه وتركه قرب حافة الماء , وعندما خرج أرتداه قبل أن يجتاز الرمال ألى حيث جلست , لكنها رأت شيئا أراد أن يخفيه أنه آثار جرح مروع في ساقه , وعرف أنه رأته فقال بعد أن جلس ألى جوارها :
" آسف... كنت أود أن أخفيه... فأنه منظر بشع".
" ولكن كيف وقع ذلك؟".
" في حادث سيارة وكدت أفقد ساقي لولا حسن حظي , أرجو أن تنسي أنك رأيتها , أخشى أن يطلبوا مني مغادرة الفندق لأن منظر ساقي مزعج للنزلاء".
" ليس فيها ما يوجب الضيق للآخرين , ومع ذلك فهناك شواطىء صغيرة حيث لا يراك أحد وسأصحبك ألى أحدها أذا أحببت ".
" أشكرك! ما رأيك في أن يكون ذلك اليوم؟ أذا لم يكن لديك برنامج آخر ".
" أنا حرة حتى يوم الجمعة".
" حسنا .... حالما تنتهين من الأفطار سأحجز قاربا ونخرج للأستطلاع".
وواصل يقول :
" أسمي بنيامين بالمر وينادونني بن ".
وأخذته ألى أحد الخلجان الصغيرة بين الجزيرة والموقع المعروف بأسم هورتينسيا .
وسبحا ووأخذ حماما ثم سبحا من جديد , وحان الوقت لفتح سلال الطعام التي كان الفندق قد أعدها لهما , وسألها :
" ماذا عن يوم الجمعة ؟ قلت أنك حرة حتى ذلك الوقت ".
" أتوقع أن أقابل صديقا قديما".
" رجل".
" نعم".
" أغفري لي فضوي , ولكن , هل أنت مرتبطة بشخص آخر؟".
" لماذا تسأل؟".
" لأنك في الدقيقة التي عرضت فيها أن تريني المكان بدا عليك شيء من الضيق ".
" أنك شديد الملاحظة".
وحولت مجري الحديث فقالت :
" أعتقد أنك شديد الحساسية لحالة العرج التي تعاني منها , أنها حالة بسيطة للغاية , الرجال ينظرون ألى سيقان الفتيات , ولكن الفتيات لا ينظرن ألى سيقان الرجال , فضلا على أنه لديك كل المقومات ".
وضحك وقال :
" حقا؟ وما هي تلك المقومات ؟ بالتأكيد ليس منها المال.... برغم وجودي في هذا المكان لبعض الوقت القصير".
وتناولا طعام العشاء معا ,وعرفت أنه سبق أن تزوج وهو في العشرين بزميلة له في الدراسة وعاشا في سعادة لمدة خمس سنوات.
ولم يكن قد مضى أسبوعان على زيارتها للطبيب الذي أكد أنها حامل قاما برحلة لزيارة والديها , وشاءت الأقدار أن تصدمها سيارة تخطت أشارات المرور , وهكذا ماتت ليزا متأثرة بجراحها بعد ثلاث أيام.
ودمدمت شارلوت وقد روعتها رواية الحادث :
" أوه...... بن!"
" ما كان ينبغي أن أقص عليك ذلك .... في أي حال فقد أستمتعنا أستمتاعا كاملا بخمس سنوات بينما هناك أناس لا يستمتعون ولو بقدر يسير من حياتهم ".
وعندما حان الوقت ليقول كل منهما للآخر - طابت ليلتك - أحست شارلوت كأنما تقابلا منذ زمن بعيد وذهبت في الصباح التالي لتأخذ حمامها الباكر .... فكان قد سبقها ألى الشاطىء وأمضيا معا يوما ممتعا.
ويوم الأربعاء ذهبا ألى العاصمة وأخذ بن معه أوراق الرسم وأمضى قرابة الساعة يرسم منظر الواجهة البحرية , بينما أمضت شارلوت الوقت في تجوال حول المدينة تلقي نظرة على المتاجر العديدة الجديدة التي فتحت بعد رحيلها .
وخطر لها وهي تعنى بوجهها أستعدادا للأمسية, بعد الغد سيكون ليام هنا .
وقال لها بن عندما لحقت به ألى البار :
" أود أن أقضي نهار الغد أرسم صورة لك.... أذا كان ذلك يناسبك".
ووافقت قائلة :
" لا مانع".
وقال وهما على وشك الأنتهاء من العشاء :
" يبدو عليك شيء من التغيير .... وهناك ومضة جديدة أراها فيك اليوم".
" حقا؟ ربما كان ذلك من أثر الشمس! وأنا أحب أن تصبغ بشرتي ".
وعلّق يقول :
" ولكنني أشك في أستعدادي للعيش في هذا المناخ , أنني لا أشعر بالحيوية ".
" أما أنا فالطقس البارد هو الذي يجعلني كسولة , وهنا أصحو مع الفجر وأظل يقظة حتى منتصف الليل , وطاقتي تتضاعف , وربما هذا هو السبب....".
وجاء صوت ليام هاملتون يقول :
" أسعدتما مساء!".
رفعت شارلوت بصرها ورأت ليام يقف ألى جوار المائدة يرقبها بتعبير لا تفهم كنهه , أنه التعبير الذي بدا على وجهه وهو يودعها منذ أربع سنوات , وأحسّت كأن العالم يتأرجح من حولها , وسأل وهو يلتفت ألى بن :
" السيد بالمر ؟ والآنسة مانيارد؟".
ونهض الأمريكي يقول :
" نعم".
" أنا هاملتون صاحب الفندق , أتمنى أن تكون الخدمة بالدرجة اللائقة من العناية , وأن ترضي جزيرة مانغو توقعاتكما".
" أننا نستمتع بوقتنا ألى حد بعيد".
" هل تأذنان بأن أجلس معكما لحظة؟".
" بكل سرور!".
كان بن على وشك أن يشير ألى الخادم ولكن الرجل الآخر أوقفه وأعطى أمرا بصوت خافت.
قال بن :
" لا أظن أنني رأيتك من قبل يا سيد هاملتون".
" لا... كنت في باربادوس , ووصلت منذ أقل من ساعة , وقيل لي يا آنسة مانيارد أنك تريدين أن تتحدثي أليّ".
قالت بصوت أبح :
" نعم..... نعم".
وقال بن أذ لاحظ أضطراب صوتها :
" أأنت بخير يا كلير ؟".
ونظرت ألى ليام وهي لا تستطيع أن تحول بصرها عنه , وواصلت تقول :
" أسمي ليس كلير يا بن , أسمي شارلوت , شارلوت مارتن , وآسفة لأنني خدعتك خدعة بريئة , أردت أن أعمل مفاجأة للسيد هاملتون , فقد تقابلنا من قبل , ولكن المفاجأة ردّت أليّ". ووجهت الكلام ألى ليام تقول :
" قالوا أنك سوف تتغيّب حتى الجمعة".
" أستطعت العودة قبل ما توقعت , كيف حالك؟".
" أنا بخير , وكيف حالك أنت؟".
" بخير تام ! وكيف حال الأسرة ؟ هل هم جميعا بخير ؟".
" نعم ....شكرا".
ووجّه ليام الحديث ألى بن :
" كانت الآنسة مارتن وأسرتها تعيش هنا في يوم من الأيام , وربما حدثتك بذلك".
كان بن لا يزال يعاني من أختلاط الأمر , وقال :
" عرفت أنها كانت هنا من قبل".
وأحضر الخادم المشروبات التي أمر بها ليام له ولضيفيه ورفع ليام كأسه يقول :
" في صحتكما ".
وتمتم بن بأجابة...... أما شارلوت فلم تقل شيئا وعجبت كيف أن يدها لم تكن ترتعش وهي ترفع الكأس بينما كان جسمها كله يرتعش من الداخل.
وسأل ليام بالمر :
" هل جرّبت أيّا من رياضات الصيد يا سيد بالمر؟ أم أنك تفضل أجازة فيها شيء من الأسترخاء؟".
" لا , أقصد نعم , ولكن أعتقد أن لديكما الكثير لتتحدثا عنه , فأعذراني!".
ونظر ليام ألى ساعته , وقال :
" لا , أنا من يجب أن ينصرف , قطعت عليكما الجلسة , وهناك مسائل كبيرة تحتاج ألى عنايتي بصفة عاجلة , سيكون بوسعي أنا والآنسة مارتن أن نتحدث فيما بعد , أسعدت مساء يا سيد بالمر!".
ونهض ومد يده مصافحا , وأنحنى لشارلوت , ومدت يدها , فقد أحست أنها بحاجة ألى أن تمس يده لتقنع نفسها أنه هو الذي كان هنا حقا , كانت قبضته لا تزال قوية , لم يتغيّر فيه شيء على الأطلاق , كان شكله كما عرفته طويل القامة ذا بشرة نحاسية , أزرق العينين , وبالنسبة لها أقوى الرجال جاذبية على الأرض.
وبقي بن بعد أن تركهما ليام عدة لحظات واقفا .... وحاولت شارلوت أن تجبر نفسها على أن تدرس رد الفعل لديه في الدقائق القليلة الماضية ومسّت بيدها كمه تقول :
" آسفة أن كذبت عليك يا بن.... أقتنعت الآن أنني كنت على درجة كبيرة من الغباء عندما أستخدمت أسما مستعارا".
وجلس وقال :
" لا يهم .... لا تشغلي بالك يا.... يا شارلوت!".
وأبتسم وقال :
" سيمضي بعض الوقت قبل أن أتعود على ندائك بأسمك .... شارلوت!".
" أنا مندهشة أنك ما زلت تتحدث أليّ".
" أوه! لا تقولي ذلك .... فأنا واثق أنه كان لديك من الأسباب مما جعلك تفعلين ذلك , وأعترف أن الموقف يحيرني ألى حد ما , فعندما ظهر ظهر هاملتون بدا عليك الأضطراب , ولكنه كان يتصرف ببرود تام".
" نعم , كان باردا , أليس كذلك ؟ شديد البرودة ".
وتمتمت :
" آنسة مارتن وأنا يمكن أن نتحدث فيما بعد!".
وقال بن :
" لا أود أن أكون متطفلا , ولكن لدي أحساس بأنه من المفيد أن تتكلمي... أعتقد أنك تحبين ذلك الرجل".
وسألته مذعورة :
" هل بدا عليّ ذلك؟".
" لا... ولكن بدا أنك أخذت بالمفاجأة لبعض الوقت ".
" هل نذهب ألى مكان نحس فيه بأننا أكثر حرية ؟ أحس أن الضوضاء زائدة في هذا المكان الليلة".
" بالتأكيد .... ما رأيك في الشرفة الخارجية
وجلسا على كرسي هزاز عند طرف الشرفة الخارجية , وكان لا يزال بوسعهما أن يسمعا ولكن بدرجة خافتة وقال بن :
" من حسن الحظ أن هاملتون عاد في وقت أبكر مما يتوقع , ولا بد أنك أحسست بالصدمة , عندما لم تجديه هنا ".
" نعم , كان ذلك أحساسي ".
" من حسن حظك".
" قد يحدث الكثير في في يومين .... فلو لم يعد يوم الجمعة ربما كنت قد وقعت في حبك".
" أوه يا بن في خمسة أيام....".
" أعرف ... ولكني أحس بالوحدة... وأنت جميلة , وهذا المكان تلتهب فيه العواطف , وفي أي حال أوضحت منذ البداية أنك مشغولة بشكل ما , فلو حدث ذلك لما كانت غلطتك , أعتقد أن كثير من الرجال قد يقعون في حبك يا شارلوت لو أنك شجعتهم على ذلك , أنك شخصية تحب , وليس لهذا علاقة بمظهرك , فالعنصر الهام لديك هو شخصيتك , وأذا كنت قد أحببت هاملتون وهو لا يبادلك الشعور نفسه فلا بد أن في عقله خللا".
ولمّا لم تجب واصل يقول :
" وربما هو مهتم بك بالفعل , ولكنه مرتبط , هل هذه المشكلة؟".
" أوه! لا , لا شيء من هذا , ليام غير مرتبط بأحد".
ووجدت نفسها للمرة الثانية في أسبوع واحد تحكي ما حكته لأنيتا بعد أن ظلّت صامتة لسنوات.
وعلّق بن :
" فهمت , وبعد أن قابلته الآن ,ألا تزالين تحسين بالشعور نفسه ؟ ألم يتغير عن صورته التي في ذاكرتك ؟".
" أنه هو هو تماما .... ولكنه لم يبق معنا سوى دقائق قليلة , ربما يكون قد تغيّر وربما عندما أتكلم معه....".
وتوقفت ثم واصلت تقول :
" ولكنه لم يكن شديد الحماس للكلام معي ... أليس كذلك؟".
" كلا , ولكن للحق فأنك أنت أيضا لم تظهري حماسا كبيرا , ولم توضحي له أنك كنت معي لتمضية الوقت حتى يعود , لو كنت في مكانه ووجدت فتاتي التي لم أرها لأربع سنوات تتناول عشاء مع شخص آخر .... لتسربت أليّ الشكوك ".
ونهض يقول :
" وزيادة على ذلك , لا أعتقد أننا ينبغي أن نبقى هنا لفترة أطول... فقد نوحي ألى الآخرين بما فيهم هاملتون بأنطباع غير حقيقي , وربما هو يتحيّن الفرصة الآن ليجدك وحدك , هيا بنا ألى الداخل ! ولنودع بعضنا بعضا على مرأى من الآخرين وبعدها أذهب ألى غرفتي لأكتب بعض الرسائل.... وبوسعك أن تجلسي في قاعة الأنتظار قليلا ,ولا أعتقد أنك ستبقين وحدك لفترة طويلة ".
وسألته شارلوت:
" هل أنت واثق من ذلك؟".
" أنا واثق".
ولكنه كان مخطئا.... أذ جلست شارلوت وحدها قرابة ساعة في قاعة الأنتظار تدعو كي يظهر ليام ثانية ولكنه لم يفعل , وصعدت الدرج بفتور وهي تعرف أنها لن تجد سبيلها ألى النوم وأنها في صبيحة اليوم التالي سوف تصحو منهكة وعلى غير أستعداد لمقابلة أكثر فشلا معه.
وفكّرت: كان جنونا أن أفكر في العودة؟ لماذا لا أستطيع أن أنسى ليام وأحب شخصا آخر مثل بن؟
وعندما دخلت غرفتها وأشعلت الضوء , وجدت مظروفا في غرفتها , هل هي رسالة من بن؟ وخلعت ردائها وعلّقته , وأسترخت في كرسيها قبل أن افتح الرسالة لتقرأ :
" أتسمحين بأن نأخذ الأفطار معا في الثامنة صباح الغد في كوخ الدولفين ".وكانت الرسالة موقّعة بالحرف الأول - (ل).

شاطىء العناق - آن ويل - روايات عبير  منقولة من منتديات ليلاسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن