وصلنا أخيراً بعد أن خشيت أن يتوقف قلبي مما أشعر به ... أوقفت الدراجة لأنزل و أخلع الخوذة ... مددت يدي بها إليك و أنا أزم شفتيّ ضيقاً دون أن أنبس ببنت شفة فأخذتها مني و أنت تبتسم .. خلعت خوذتك بدورك و أنت تترجل من فوق الدراجة ... أشحت بوجهي خجلاً من نظراتك المدققة لوجهي الذي احمر خجلاً ، ثم تنحنحت و أنا أقول
_"ألن نبدأ؟"
أومأت برأسك موافقاً و أنت تمد يدك تعيد وضع القبعة الشبابية على رأسي تخفي بها شعري و أنت تبرر
_"هكذا أفضل ... لا أريد أي مشكلة مع العمال الذين كان سيلفت مظهرك السابق نظرهم ... لأنني قد أقتل أي رجل يتطلع نحوك بنظرة واحدة"
اتسعت عينايّ بشدة و احترقت خجلاً و أنا أهتف
_"إذن ما كان عليك أن تحضرني هنا في المقام الأول أيها الأحمق المغرور"
قلتها و اندفعت مبتعدة أواري خجلي تتبعني ضحكاتك الصاخبة ... لحقتني بعدها لنبدأ العمل ... راقبتك بشغف كعادتي و أنا أراك تندمج في العمل بحرفيتك التي اعتدتها و صرت أعشق مشاركتك تحقيقاتك كما حلمت دوماً ... كنت قد بدأت سلسلة جديدة من التحقيقات الصحفية عن صفحة جديدة من ملفات الفساد الذي استشرى في الوطن ... و كنت أكثر من سعيدة أن أكون أخيراً جزءاً من هذه التحقيقات التي كنت أتابعها بكل شغف... و هذه كانت واحدة من الملفات التي سيتناولها التحقيق ... مجموعة من العمارات الحديثة قيد الإنشاء و التي سقطت قبل حتى أن يبدأ تسليمها ... تأملت الأنقاض من حولي و أنا أشعر بالأسف للحال الذي نتردى إليه كل يوم ... و تنهدت فى ضيق و أنا أتساءل هل هناك أي أمل في غد أفضل؟! ... واريت ضيقي خلف حماسي الصحفي و أنا ألتقط كاميرتي الخاصة و أندمج في إلتقاط بعض الصور المناسبة للتحقيق دون أن أنتبه لنظراتك التي تابعتنى بقلق من بعيد أثناء إنشغالك بالحديث مع العمال و بعض الأشخاص في موقع الإنهيار ... اندمجت بشدة في عملي و أنا أسير بحذر بين أنقاض البنايات ... تأملت الحذاء الذي اخترته لي و ابتسمت و أنا أهز رأسي .. لم أنتبه إلى المكان حيث كنت أتحرك ، لكنني أفقت من شرودي على صرختك بإسمي ... لم أفهم ما حدث بعد ذلك ... كل شيء حدث بسرعة ... الأرض اهتزت تحت قدميّ بشدة .. أغمضت عينيّ و أنا أدرك أن الأنقاض تنهار أسفل قدميّ ... رباه ... شعرت أنني سأموت و كدت أستسلم لسقوطي ، لكنّ قبضة قوية أمسكت يدي فجأة لتجذبني بكل قوتك بعيداً عن الأنقاض التي سقطت بدوي ... فيما كنت أنا أختفي كلياً بين ذراعيك و يديّ استقرتا فوق صدرك الذي كان يرتفع و يهبط بقوة و نبضات قلبك تدوي بصخب تحت أذني ... كنت مشوشة .. لا أكاد أستوعب ما حدث في لحظات ... قبل لحظة كنت أسقط و في اللحظة التالية كنت غارقة في أمان بين ذراعيك القويين ... رفعت عينين وجلتين نحوك و ارتجفت و أنا أرى الظلمة الداكنة في عمق عينيك و قبل أن أنطق بحرف كنت تبعدني على إمتداد ذراعيك و أنت تهزني بقوة صارخاً
_"هل أنتِ حمقاء؟! ... ألم تتعلمي أن تنظري جيداً حيث تضعين قدميكِ؟! .. رباه .. كدتِ تموتين أيتها الغبية"
اندفعت الدموع إلى عينيّ بقوة و أنا أرى انفجارك العنيف في وجهي ... انفجرت باكية و أنا أعتذر لك .. كل إنفعالاتي انفجرت في هذه اللحظة و أنا أعطي الإذن لدموعي لتنساب بغزارة ... هتفت بلوعة و أنت تضمني إليك بقوة مرة أخرى
_"رباه ... كدت أفقدك أيتها الغبية ... كدت أفقدك ... هل فكرتِ ماذا كان سيحدث لي لو أصابك أى مكروه"
إزداد بكائي و أنا أتشبث بك بكل قوتي ... لم أنتبه لحظتها إلى كل الأشخاص المحيطين بنا ... كنت أنا و أنت فقط لحظتها .. بينما كل العالم قد اختفى من حولي ... كفك كانت تربت على شعري فى حنان و أنت تهمس في أذني برقة تهدهدني كطفلة صغيرة ... مضت لحظات قليلة و كأنما انتبهت للوضع حولنا فأبعدتني برفق و مسحت دموعي بحنان قبل أن تعيد خصلاتي التى بعثرها الهواء خلف أذني و أنت تبتسم لتلتقط كفي بعدها و تشدني برفق لنغادر المكان مخلفين كل الأنظار الفضولية ... ساعدتني لأصعد دراجتك البخارية برفق و ربطت الخوذة حول رأسي جيداً و أنت تنظر في عينيّ قبل أن تقول
_"أنتِ بخير؟!"
أومأت برأسي في خفوت لتبتسم مجدداً بحنان و تصعد بدورك لتتحرك بالدراجة ... عدت أتشبث بظهرك و أنا أستعيد شعوري الغامر بالأمان الذي غمرني في وجودك ... لم أقاوم مشاعري و أنا أنحني لأقترب أكثر و أسند رأسي بتعب إلى ظهرك و أنا أبكي في صمت ... شعرت بجسدك يتصلب قليلاً قبل أن تسترخي و تربت بكفك على كفيّ المحيطتين بخصرك ... تحركت بسرعة متوسطة نسبياً و تابعت الطريق متفهماً صمتي و مشاعري ... توقفت أمام منزلي و لم أنتبه لحظتها كيف عرفت عنواني ...
_"(ريماسي) لقد وصلنا ... هيا عزيزتي"
نزعت يديّ من حولك و أنا أنتبه للشارع الهاديء حيث أسكن و رفعت رأسي نحوك في حرج قبل أن أترجل و أمد يديّ أفك الخوذة لكنك سبقتني و أنت تفكها برفق و تنزعها عني ... كنت أتفادى عينيك بكل الحنان الذي أطل منهما و كان غريباً عليّ .. همست و أنا مازلت أشيح بهما بعيداً
_"شكراً لك"
همست بدورك
_"اهتمي بنفسك ... سأتصل لأطمئن عليكِ مجدداً"
أومأت رأسي و أنا أرفع عينيّ بتردد أنظر نحوك قبل أن أخفضهما خجلاً و أنا أحاول التغلب على دوامة المشاعر التي ابتلعتني فجأة و بدا أنها لم تتركك أنت أيضاً ... فقد غرقنا نحن الاثنين و انتهى الأمر ... أطرقتُ بإبتسامة انتقلت لشفتيك و أنا أبتعد نحو منزلي بخطوات متأنية كأنما أخشى أن ينتهي الأمر عند هذا الحد و أستيقظ لأكتشف أنه كان حلماً رقيقاً ... و انتهى ...
حين وصلت مدخل البيت عدت التفت نحوك لأجدك مازلت واقفاً مستنداً إلى دراجتك تراقب خطواتي بإهتمام و قلق أثار دموعي مجدداً ، فابتسمت و أنا أرفع كفي ألوح لك مودعة لتكون إبتسامتك آخر شيء أراه و أنا أندفع نحو منزلي الذي لحسن حظي كان فارغاً .. اندفعت نحو غرفتي و أغلقت الباب خلفي أستند إليه أتنفس بقوة و أنا أبتسم مغمضة العينين و أنا أرفع كفي أتلمس نبض قلبي الجنوني و وجدتني أهمس
_"رباه ... أنا أحبه ... أحبه"
و أطلقت ضحكة عالية منتشية و أنا أقفز في الغرفة في سعادة جنونية قبل أن أسقط على فراشي هاتفة بصوت عالي
_"أنا أحبك يا (كرم الألفي) ... أحبك"
*****************
أنت تقرأ
دوماً أحبُك
Romanceقلبي انتفض وقتها في صدري و وقفت أحدق فيك بعينين متسعتين ببلاهة قبل أن ينقذني لساني -المتبريء مني- و هو يندفع في جولة جديدة من جولاته المعتادة كانت من نصيبك تلك المرة و أنا أشتم حظي الأسود الذي يوقعني مع أشخاص لا يستطيعون الرؤية أمامهم ... تكلمت بإند...