الفصل الثانى عشر
جثى على ركبيته وقبل يد جدته
غمر مستعطفا: وحشتني ياأمي
لاحظت في وجهه شحوبا وهالات سوداء حول عينيه ولم تكن قد رأته عن قرب منذ يومين وكاد قلبها ينفطر
عليه إشفاقا على حالته التى زادها أسًى؛ نظراته الحزينة، ولكنها تماسكت وأخفت مشاعرها الحقيقية
بسرعة.
نور بحزم وهى تنظر إلى عينيه بتصميم: معلش ياولاد أصل غمر مكسوف يقول لكم انه هيطلع أوضته
علشان ينام
لأنه عنده حاجات هيخلصها الصبح بدري.
هنا بإبتسامه: ياعم ماتقولنا إنت لازم يعنى الواسطه الكبيرة دي
غمر بإبتسامة باهته ملتفتا فجأة إلى عمرو مستنجدا به والذي أشفق على غمر من نظرات الجدة له
عمرو بإبتسامه مصطنعة: لا معلش يامعلم نتعشي سوا وبعدين روح مكان مايعجبك
وكالغريق الذي تلق بقشه يتعلق بها أغمض عينيه وتمنى من الله أن توافق جدته
نور وهى تنهض: طيب ماشي إتفضلوا على السفرة
تقدمتهم نور وخلفها هنا وتاليا وفى طريقهم لغرفة الطعام نكز عمرو غمر في كتفه وهو ينظر إليه مبتسما
ويهز رأسه فنظر غمر إليه مبتسما له إمتنانا لموقفه فأخذ عمرو يعبث بياقة قميصه متنحنحا ثم أزاح غمر
جانبا ليتقدمه هو فنكزه غمر فى ظهره وأخذا يضحكان من حركات عمرو.
وفى بيت العمرى
نجلاء: يعني إيه بأعامله كدا ليه بحرقه بالنار ولا ماسكه له الخرزانة
محمد بغضب: ياريتك كنتى بتحرقيه بالنار على الأقل كان هيبقى ألم جسدي لكن اللي فيه أخويا دا ألم نفسى
ودا أشد على النفس؛ ونظرة الألم والأسى اللي بتبقى في عينيه لما بتيجي سيرتك؛ أشد وأجمد من أي نار؛
ليه بتعملي معاه كدا هو غمر عملك إيه دا كان عيل عنده عشر سنين ويتيم إيه اللى يخليه يسيب بيت
أمه وحضنها اللي مابقاش ليه غيرها ويروح يقعد مع سته المعروفه بجبروتها.
قوليلي ليييه دايما بتتصلي بستي تشحنيها ضده وتخليها تعاقبه وتجيبه معاها وكأنه عيل صغير شايل ومحمل
علشان يرضيكى وبعدين تنزليه من عندك مسموم بدنه؛ لييييه بتشحنينى أنا كمان ضده وتخليني أبقى عايز
أروح أولع فيه؛ ليييه لما ييجي بتقصدى تعاملينا كلنا أحسن معامله قدامه وبقصد ويبقى شايفك واخده عبدالله
في حضنك وياسين وكل اللى فى البيت، ورمياه وكأنه غريب عنك؛ عارفه إبنك قاللي إيه النهارده قاللي أنا
لو إبن حرام مش هتعاملنى كدا ومقدرتش أرد عليه غير إني زعقت له وخلاص؛ كل مره أبررله اللى
بتعمليه معاه على إنه بيحصل فى ساعة غضب ... فى ساعة غضب؛ لغاية مابقى نفسي إن ساعة الغضب
دي تنتهي ونخلص منها بقه؛ نفسى أعرف غمر عمل إيه علشان تعملي معاه كدا؛ ليه بتعملي مع أخويا كدا؛
مش بتقولي إحنا سندك ماهو ده برضه سندك وأحن واحد فينا؛ إنتي لو بتعملي فيا نص اللي بتعمليه معاه
كان زماني نسيت أصلا إنك أمي؛ آخر مره دعيتي عليه مع إنه ماكنش غلطان فى حاجة؛ ماهانش عليكي
تتصلي بيه تصالحيه؛ إبنك قعد ثلاثه أيام راقد فى السرير مبيتحركش، ولا بياكل، ولا بيشرب، وعمل
حادثه، وكان ممكن لا قدرالله كان مات فيها؛ كنتي هتعملى إيه؛ ماعتقدش كنتي هتتهزى حتى.
نعود لغرفة الطعام فى منزل الجدة
كان ينظر لجدته نظرات مرتبكة، تستعطفها، وتطلب منها الرضا؛ نظرات يبدى فيها الندم على مافعل.
لم يكن مستمتعا بطعامه؛ فاقدا لشهيته؛ فاقدا للرغبة فى الإشتراك فى الحديث مع عمرو أو هنا؛ كان ينتظر
منها فقط إشارة بالعفو عنه؛ مختلسا النظر إليها كل هنيهه؛ يعبث بملعقته فى طبقه دون أن يأكل كعادته
حينما يكون حزينا.
هنا: إيه ياغمر إنت مابتكلش وعمال تلعب فى طبقك.
إلتفتت نور بجمود إلى طبقه ثم إلى وجهه الشاحب بدون أن تظهر حزنها وإشفاقها على حالته.
هنا بإبتسامه: سفرة دايمه ياستي
نور بإبتسامه: يابنتي إنتي لحقتي تاكلي.
هنا بحنو: الحمدلله ياستي ده حلو أوي كدا
عمرو بسخرية: دي كلت دي مش بتاكل فى البيت خالص علشان الدايت.
ضربته على كتفه مازحه وذهبت هي وتاليا ليغتسلا.
نور بإبتسامه: ربنا يبارك فيكم ويسعدكم طول العمر.
عمرو بإبتسامه: يارب ياستي.
نور وهي تنظر إلى غمر آمره بنبرة حادة: يخلص كله
غمر وهو ينظر إلى الأرض: مش فاهم.
نور بنفس النبره وهى تشير إليه وإلى طبقه بسبابتها: طبقك يخلص كله ماتسيبش فيه معلقه.
فهى كانت تعلم أنه يفقد شهيته عندما يكون حزينا ولكن هيهات فقد صدر الأمر ولابد من التنفيذ.
وكاد عمرو أن يسقط على الأرض من كثرة ضحكه على مشهد غمر وهو مطأطئ رأسه فوق طبقه يهمهم
بكلمات غير مفهومه وهو يضع الملعقة فى فمه مغصوبا ووجهه يكسوه غضب طفولى.
نور بحزم مصطنع: أتلم ياولد بتضحك على إيه.
عمرو وهو مازال يضحك: أصلي آخر مره شوفت المنظر دا على نفس السفرة من عشر سنين وغمر خد له
علقة حلوه فعمال أتخيل شكله وهو بيتضرب لأنه مش هايقدر يخلص طبقه ولا ربعه حتى.
هتفت نور: مين اللي يضرب ياحيوان ده بقى أطول مني.
عمرو ضاحكا: كان أطول منك برضه من عشر سنين؛ وبعدين ياستي إنتي معلمه على شباب العيله كلها
محدش سلم من إيدك.
فى هذه الأثناء أخذ غمر ينظر لعمرو بغيظ ولجدته بإستعطاف ثم إلى طبقه بتقزز لعلها تعفو عنه وترفع عنه
هذا العقاب الشديد؛ وأخذ يفكر كيف سيتخلص من هذه الورطة.
نور وهي تمسك أذنه مازحه: إنت ياإبن حسين محدش بيسلم من لسانك أبدا؛ معرفش حسين عايش
معاك إزاي.
عمرو وقد هدأ من الضحك: ماأنا بطلعهم على هنا؛
إبتسمت نور، ونظرت إليه بحب: والله مجنون بس أعمل إيه بحبك.
عمرو بإبتسامه: ربنا مايحرمنا منك أبدا ياستي.
وضعت نور يدهاعلى كتف غمر فجأة: مالك وكأنك واكل سد الحنك.
عمرو وقد بدأ في نوبه من الضحك مرة أخرى: أصله ياعينى بيستعد للعلقه السخنة.
نور بحزم وهي تنظر لعمرو: لا خلاص زمن العلق خلص بس لو الطبق متاكلش، المده هتزيد يومين.
كان عمرو قد أنهى طعامه.
نور بحزم لغمر: أنا هاخد عمرو ونقعد على الكنبه اللي قدامك دي على ماتخلص طبقك.
جلس عمرو ونور يتبادلون الحديث على الأريكه المقابله لغمر؛ وهنا مشغوله باللعب مع طفلتها
عمرو بجديه هامسا: يا ستي حرام إنتي عارفاه إنه مش بيقدر ياكل وهو متضايق.
همست نور بحزن: ياواد مش شايفه شكله تعبان إزاي؛ ده شكله مش بياكل خالص.
عمرو بحنو: طيب هاياكل إزاي وحضرتك مش راضيه عنه.
نور بحزن: هو حكي لك.
عمرو بأسف: آه بس والله ياستي مزاجه متعكر جدا وحاسس بالندم؛ من ساعة ماخاصمتيه.
نور بغضب: وهو كان لازم يتعاقب على اللى عمله ومن إمتى حد بيعلى صوته عليا.
عمرو بأسف: طبعا هو غلطان وهو إعترف بكدا وأنا والله بهدلته على الموضوع دا وماقدرش ينطق
حضرتك عارفاه؛ لو عنده مجرد شك إنه مش غلطان؛ على طول بيجادل ويبرر؛ فعلشان خاطري ياستي
بالله عليكى تصالحيه وترضى عنه دا مهما كان غمر حبيبك.
هنا بإستغراب: ستي هو غمر بياكل كدا ليه!
نور مستفهمه: إزاي ياهنا.
هنا: كأنه مغصوب على الأكل.
تبادل نور وعمرو النظرات ثم نكزت عمرو فى جنبه.
عمرو بإبتسامه وهو يقفز من مكانه: بالراحه ياستي إيدك بتوجع.
نور بإبتسامه: مش عايزني أصالحه.
عمرو وهو يقبل يدها: ربنا مايحرمنا منك أبدا يا ستى.
نور بحنو: ولا يحرمني منكم.
نهضت من على الأريكة وكانت إمرأه ذات هيبه ووقار وفطنة غير عاديه؛ إستغلت إنشغال هنا مع إبنتها
حتى لا تحرج غمر،وإتجهت إليه؛ وجدته شاردا وقد أكل ربع طعامه فقط.
نور بحزم مصطنع: هو أنا مش قولتلك الطبق كله يخلص.
أطرق غمر لأسفل: هايخلص ياماما والله هايخلص بس بأرتاح.
غمر وبعينين متوسلتين مقبلا يديها: أنا أسف ياماما بالله عليكي إرضى عني وسامحينى أنا مش قادر أعيش
وإنتي غضبانه عليا.
نظرت نور إلى عمرو وجدته ينظر إليها برجاء أن تسامحه.
ربتت نور على رأسه: ماشي ياأستاذ غمر بس عارف لو إتكررت.
غمر بفرحة غامرة: مش هتكرر والله أبدا تانى.
وأقبل عليها يقبل يديها ورأسها غيرمصدقا أنها سامحته؛ وإتجه إليهما عمرو.
عمرو بإبتسامه: أيون بقى ربنا مايحرمنى منكم أبدا؛ ولا يحرمكم منى.
نور: آه منك ياإبن حسين وشقاوتك.
عمرو متصنعا الحزن: طيب مين اللي هياخد العلقه دلوقتى.
قام غمر من مكانه مازحا وهو يجرى وراء عمرو الذى توقع هذا: إنت بقه اللي هتاخدها إن شاء الله.
وأخذا الإثنين يتمازحان بمرح؛ وجدتهما وهنا وتاليا يضحكان وقد ساد فى المكان جو من البهجة والسعادة.
نعود لبيت نصر العمري
أضاءت شاشة هاتفه في تلك لحظه برقم غمر
أنت تقرأ
زواج مع سبق الاصرار
Romanceاما قد أن الاوان لنقلب هذه الصفحة المؤلمة من حياتنا انا لم اعد انا أمن يعاني قلبه ظلم وقسوه من الاخرين ينقلب هذا القلب فيكون اقسي من ظالمه اهكذا اصبحت يا قلبي اداة انتقام في يدي ليست هذا انا ولن تسكن روحي غريزه الانتقام ولن يكون قلبي بعد الان أد...