°بداية°

372 37 27
                                    

حينما تستنير المدينة بشعل النجوم ، يكون هذا هو منبه عودتي ...

أنهي عملي بينما يسترسل الجميع أعمالهم... هذا هو الحال منذ ذلك اليوم لا عمل صباحا ، و الليل مغدق بالنشاط الزائف .

منثنية في مشيتي كنت ... اتبختر عائدة نحو منزلي الدافئ ، حتى سد طريقي جنديين عسكريين في وسط الطريق ...و شخص شغر ايديهما

" يداك ... ضعهما خلف ظهرك فورا"

استدرك احد الجنود صارماً و الحقد يتلظى في مقلتيه ... نظره كان موجها للكتاب الذي افترش الارض باكيا سوء حظه .

" تحمل كتاب ، في وضح الليل ؟!"

أردف الآخر ضاربا الشخص الذي سجن بين اقدامهما بظهر بندقيته التي تتراقص سوطا للطغيان- لجرم اسود ... لكنه منير ..هو فقط حمل الكتاب.

اكملت سيري دون بنث شفه ... او ربما هربت من ذلك المنظر المبهم لكم ، و الطبيعي لي و للجميع هنا ...

تذكرني اسارير ذلك الشخص الصارخة بصمت كاوٍ ، بذلك اليوم ... كانت بداية وقوب الليل الغاسق وقت ذاك ...

عدت بذاكرتي لبراثن مشدوهة ... استحال كل شئ لعتمة و ليل غاسق ... اندثرت النجوم
و معها نجمي و شمسي الدافئة ...
كانت ملامحه فاضحة لما به من تعب مضنٍ
كنت اول من يرى تلك العلامات جلية دائما


سجنني بين اضلعه لفينة حتى منحني انعتاقي حين أحسست بدفئ عبراته تتسلل لكتفي ...
عناقه لي كان حارا بالمعنى الدقيق ...

كفكف تلك الدموع المتسللة بباطن كفه ... و عيناه ترمقاني بنظرات وداعية بحتة ... قرأت ما بهما و كسرت قوانين بلادي المحتلة ...

قرأت ، و ارتكبت جرما لأني قرأت ما اراد نطقه.
ربت على كاهلي و استدرك باسما بسمة بلا ملامح

" أبنتي ، لو كان لكِ نصيب و اراد الله أن تشبعِ عيناكِ من التحرير ... إن تمكنتِ من كتابة حرف
فليكن لتصلحِ ما حولك ، لتعيدِ الكتاب ، لتعيدِ البلاد
لتعيدِ الوعي و ضوء النهار ، لتمحي الحلكة الغاسقة ، لتقتل جندي من جنودهم بالحبر و اخنقيه بكومة كلمات شائكة ... و اذكريني و تعلمِ أن الكتاب فوق الرفوف و ليس تحت اقدام الطاغية ، و القلم يخط الورق و ليس مهشم في فك الأسد ... و الورق ليس ماحيا للعرق بل هو ناطق بأسم القلم يلازمه في الضوء و الغسق ...و تذكري معظم الحين العكس قد يغدو صحيح.. "


تلاشى و خرج ، حاملا كتابه الأخير ، ولده كما يدعوه ، رفعه بوجه الجندي ، و ياليتها كانت أنا ...
سالت دماه مع دمعات المطر الغياثه ،
و رأيته جدي اضحى هالكا ... دمه ذكرني بالحبر الذي ملأ الشوارع يوم دخل جنود الطاغية بلادنا
اهدروا جل الحبر مدعين خشيتهم من تلوث ثيابهم .
وجهك جدي ...وقتذاك رأيته ملطخا بوحل الارض العتيقة كوريقات الكتب التي افترشت شوارع نفس
الارض هامدة ... انهوا حياة وريقاتها لما تسببه من سوء فهم بيننا ....

جدي ، ابصرتك هالكا، ضحية لإمتلاكك الكتاب الأخير.

-يتبع-

الكتاب الأخيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن