°نقطة الحبر || الثانية°

126 23 7
                                    

"إن احترق كتاب ،فأحذر ثورة الكلمات"

الكلمات عن دورها المعتاد لم ترضخ ، مازالت بأذناها تصدر ذلك الضجيج الجليّ "نحن كالورق ، إن سمحنا لأحدهم أن يغدقنا حبراً صرنا نكرة دون فائدة".

بخطوات متعثرة دلفت عِنان لمنزلها الصغير و لم تنثني عن التفكر بمقصد الجد من حديثه المبهم ذاك...

أخذت تتعمق بفكرها اكثر في كون جل من حولها غدوا ملطخين حبراً ، هذا إن لم يكونوا هم المحبرة بذاتها.


مشدوهة تماماً هي الآن ... وقت الآصال قد حل ، و القرار حول مقالها لم يُبت في اتخاذه بعد و الوقت لم يبق منه سوى بعض القليل !!

★★★★★

جرب أن تضع حرف ... ثم آخر ... ثم أخير ، مبروك ، لديك كلمة !


لغرفتها دلفت و جل جوارحها قد أجفلت ، أساريرها تخلت عن كل بريق و رحبت بأذرع مفتوحة لكل وجوم و امتقاع .

ان تجتث روحها من براثن ذكريات لها كانت الافضل ، و الآن صارت محرمة ، فذلك يكلف من الالم الكثير .

أول كلمة لمت شمل عائلة حروفها معا ً وحدها ، و الجملة التي أصابت تركيبها اللغوي ، و صفحة التعبير تلك التي ابصرتها دولة و كلماتها الشعب ... الآن أحترقت الورقة ، و معها الشعب !!

على الرغم من عجزها عن انتشال جوارحها من حذو هذه الفكرة ، إلا أن أُذناها سرقت الانعتاق و الحرية و أجبرتها على خطف كلمات من إجتماع جدها بجمع كبار القوم ... تجاذب اطراف الحديث و



التناجي بينهم ، قد تخطى حد الهدوء الكتابي ، او حتى صمت القارئ المنصت لضجيج الكلمات ...


وقتذاك وعت كم يكون الصخب الصامت مؤذٍ لمن تجرأ على إخراجه .


لم تلق ما يجدي نفعها خلف الباب هناك ، فهمت بالإنصارف دون جذب الأنظار او حتى الآذان ، لكن ... ان يضطرب جسدك لقول ، او تجفل لكلمة


او تسري القشعريرة بأوردتك ، فذلك غصب بالإكراه على الإقتراب أكثر ...


دون وعي لقت نفسها زُهاء الباب ، و القول خطف عقلها لأبعد حد ، بل و قد يكون هدده بالقتل إن لم يُحضر الفدية المطلوبة ، سمعته و كأنه سكن فكرها المراهق الصغير



" لقد أحرقوا الكتب ... فمتى تثور الكلمات ، متى تصرخ الصامتة ، متى تنبلج من إندثارها "

-يتبع-

الكتاب الأخيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن