قد دلكت السماء ، و الآصال قد حل ساحبا معه سماءاً وادقة ... و على تلك النهاية باكية ، فقد كانت مغبة الأمر اندحار قد ران وقعه جاعلا الغيث على أشده.
اطبقت عنان جفنيها في وهن بعدما أغلقت الكتاب، اطرقت تفكر بشئ منتشٍ 'ماذا لو كانت كل تلك الحرب واقع قد وقع ؟ '
ايكة فكرها جعلتها مشدوهة فلربما قد تموج الأفئدة لذلك الطغيان ، لربما لن يكون ذلك الخذلان من الأهل و الجيران ، و قد تصير الالباب كالمراجل المتقدة ، تغلي من ضيقها ... لم تتوقع ابدا أو لم يجول ببالها أن تلك هي ردة الفعل المطلوبة أمام احتلال يفعل ذلك بالكتب .. كل ما تعرفه أن هذه هي النهاية الخطأ ، و لكنه بالنهاية مجرد كتاب و قصته قد انتهت.
نسمة من الهواء البارد مرت بها ، تاركة القشعريرة تسري بأوردتها ... نهضت من مجلسها الذي ادامت الجلوس فيه لخمس ساعات و نيف ، منكفأة على ذلك الكتاب .
طفقت تبحث عن اعواد ثقاب ، لتوقد بها مدفأتها ذات التراز الكلاسيكي العتيق ، لطالما كانت تلك المُدفِئة هي سبب قبولها لشراء هذا المنزل .
اقتربت زهاء فتحتها و شرعت تشعل اعواد الثقاب ، هي فقط راغبة في بعض الدفء عل جسدها المرتعد بردا ينال شذرة من تؤدة.
ما إن همت تلقي بثقابها المتلظي حتى دنت منها قطتها البيضاء الكبيرة ... و بلا مقدمات وثبت في نزق نحو يد عنان ، حلق الثقاب في الهواء ، و انطفأت كل الأعواد ... إلا عود واحد ، ارتطم بالموقع الخطأ ...
خامرها شعور غريب ما لبثت أن استفاقت منه مشدوهة تحاول أن تدرك ماهية ما حدث في جزء من ثانية مضت .
لكن تلك الرائحة لم تدع لها مساحة للتفكير ، فرائحة اشتعال اجتثتها نحو المصدر تهرع بسرعة فائقة ، فالمحترق لم يكن سوى كتابها الذي احتل الجزء الأكبر من النابض على ايسر صدرها دون أدنى مقدمات .
همت تطفئ و تقتل تلك النار المتلظية على غلافه الثقيل ، أضحت تكره كل مواكب للنار أو ما يتعلق بها .
لطالما تعجبت من ثقل غلاف الكتاب الخلفي ، استدركت تحدث نفسها ' هل اقطعه؟ ' ، و ها هي هرتها تعقب على سؤالها بوثبة اقوى ، ليهوم الكتاب من بين كفيها الصغيرين ، فاتحا ذراعية للأرض في عناق حار .
سوط لجمت اساريرها فأمتقع وجهها ، قلبها قد وجب وجيبا ... ما بالها قطتها اليوم تعجبها رياضة الوثب ؟ ، حملقت بالأرض و قد لاح تفكيرها إثر ما رأت ... أنفصل الغلاف الخلفي عن الكتاب ، كاشفا الستار حول ماهية ثقله .
مجموعة من الرسائل موقعة بأسم " المجهول" ، شرعت تتفحص ما يوجد حذو تلك الرسائل الغريبة ، أجفلت لفينة تتذكر احداث ما قرأت للتو،تمتمت في تيه " يا ربي ، هل تكون هي؟ " لامست أناملها الرسائل بأوصال متلجلجة في حبائل الشك ' هل كانت عبق حقيقة ، تلك الحرب حقيقة ، و خطيبها المجهول حقيقة ' نبثت في رضوخ شديد .
كيف لها الا تفعل و رسائل المجهول -الى خطيبته- الذي قرأت عنه منذ هنيهة الآن بين يديها ماثلة ، بل و كيف لها أن تفعل و الكتاب مكتوب بآلة كاتبة منزلية عتيقة ... رفعت رأسها في فزع ' إذا كان كله حقيقة فأكيد أن هناك نقطة النهاية التي تحدثت عنها عبق في الكتاب'
هرعت إلى الكتاب كالمجنونة تبحث عن اي دليل ، كل ما يجول بخاطرها هل ماتت عبق ام لا ، هل قتلت قتلة شنيعة ام انها أوفت المنية مزهرة كالياسمين عبقة مثل اسمها .
نصف من الساعة قد مضى ، و ما زالت نقطة النهاية ضائعة .
أسندت جزعها للحائط زهائها تشكو له همها الذي زارها حديثا ، ترجع خصلاتها السوداء للخلاف بعدما انزلقت تدغدغ صدغها، فأبصرت الغلاف الخلفي ثانية إزاءها ، أنفاسها قد تلاحقت... كيف لها الا تفكر بالبحث فيه؟
وثبت بقفزة واسعة نحوه ، تلقته اناملها بترحيب و شرعت تداعب ثنايه باحثة عن النهاية المرجوة .
ابتسامة واسعة شقت ثغرها الوردي الصغير ... لقد لاقت ضالتها بعد تعب مضنٍ من البحث ... وجدته مزهر برائحة شذية و تحية من العبق بذاته "عبق تبعث سلام " موقعة في نهاية الكتاب.
*****
تراجعت عِنان للخلف مسندة ظهرها على الكرسي ، تجلس على مكتبها الصغير في بيتها منذ ساعة و افكارها قد تلاطمت في لجج عقلها ، سلة المهملات حذوها تنبأ بما آلت إليه من محاولات في كتابة شئ ما، و لكنها على ما بدا قد باءت جلها بالفشل .
بعد ساعة من ثبط القوى ، قد نالت رجاءها في خط ما أرادت على ورقتها ، دنت برأسها للخلف و الحبور تأرجح بين عينيها ، أطبقت مظروفها عقب رسو ورقتها في داخله ، قلبت المظروف للخلف و لامست اناملها القلم مجددا ، أوصالها ترتعش في ورع ، هي فقط ليست متأكدة إن كانت تقدم على العمل الصحيح ... لكن الأمر انتهى زهاء كتابتها لتلك الكلمة الفاصلة «استقالة».
-انتهى-
هناك فصل ختامي أخير " لتوضيح هذا الفصل "
أنت تقرأ
الكتاب الأخير
Short Story" أنت ورقة ، فلا تدعهم يلوثوك بحبرهم " [مكتملة] #هدف_سامي #قصة_نظيفة