189 : || ثقي بي ! ||

234 39 115
                                    

.:: الفصل مائة و تسعة و ثمانون ::.

ثقي بي !

..
..

دخل ذلك الرجل الأنيق صاحب الخواتم الثمينة الغرفة ... مرتديا بدلة ذات لون كحلي غامق مخططة بخطوط بيضاء خفيفة ...

اتسعت عينا تداسي تعجبا ... لم يعتقد أن هذا الشخص الممتثل أمامه قد يأتي لزيارته أساسا ...

نطق و هو يكاد يكذب عيناه : أ ... أبي ...

نظر له صاحب الملامح الجامدة و بلهجة آمرة : نادني بالسيد هيتسوجايا !

سكت تداسي ببعض الضيق فوالده دائما ما يمنعه من مناداته بـ "أبي" في الأماكن العامة رغم شبهه الكبير به.

ابتسم ابتسامة باهتة و تمتم : إذن ... أتيت لزيارتي ...

أخذ الوالد ينظر له بتفحص و يبدو أن ما يراه لا يعجبه ثم قال : لا أعلم متى تعقل ... في كل مرة تتصرف تصرفا يسيء لعائلتنا المرموقة ... أراك دائما في الطرقات و الكدمات تملأ وجهك و كأنك أحد صبيان الشوارع ... لم تتصرف يوما بطريقة تليق بكونك فرد من هيتسوجايا.

سكت تداسي و قد ساوره الانزعاج من حديث والده هذا ... فهو لا ينفك عن توبيخه بقسوة دون أن يبدي أي قلق عليه ... دون أن يسأله عما حصل معه ... دون أن يحمد الله على سلامته ... يوبخه كما لو أنه موظف عنده قد اخطأ في عمله و أتى ليوبخه حتى لايفسد سمعة الشركة !!!

يتحدث إليه بجفاء و هو لا يعلم شيئا عن مشاعره ... مشاعر الوحدة التي تنتابه دوما و التي تدفعه للتصرفات المجنونة غير العقلانية !!

كثير السفر و كثير الغياب و لا يأي للمنزل إلا نادرا ... أي أبٍ هذا ؟ ... ليتصرف كأب بشكل جيد حتى يتصرف هو بالمقابل كابن جيد له !!

قطع حبل أفكاره صوت والده : صحيح أن عمك قد تولى مسؤوليتك هنا ... لكن اعلم أنه لم يفعل ذلك سوى شفقة منه عليك ... فمن هذا الذي قد يريد تحمل مسؤوليتك سوى من دافع الشفقة ؟! ... تستغل هذه النقطة لصالحك حتى تتغذى وتعيش عليها.

و أخيرا اختتم حديثه و هو يضع يديه في جيبي بنطاله : على أي حال ... هذه آخر مرة أراك فيها في المشفى ... و إن دخلت مرة أخرى المشفى فاعلم أنني لن أكلف نفسي عناء زيارتك ... فكما تعلم ليس لدي الوقت لسخافاتك.

فتح الباب و تابع : علي الذهاب فالطائرة ستقلع الآن و لا أنوي التأخر عن عملي في المدينة الأخرى.

أنهى جملته تلك و خرج من الغرفة فيما شعر تداسي بالأسى الشديد و الحزن و الألم من كلماته تلك ... رغم أنه لم يرد لحديث والده أن يؤثر به ... لكن كشخص حساس و كئيب فهو سيبدأ من فوره بالتصرف بجنون ... سيندفع لإيذاء نفسه حتى يتناسى الأذى المعنوي !!

رواية || تحدي الصعاب VIP II (٢)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن