المقدمة،الجزء الاول

8.2K 161 6
                                    

يكفي أن أقول : بداية روايتي الجديدة كان حبرها دموعي .. 😭
.
لم أتمالك دموعي حقيقة وأن أكتب أولى فصولها .. ولكن لا يعني ذلك أنّها رواية تراجيديه. ولا يمكن أن أصنفها بأنها كوميدية .. هي خليط بين ذاك وذيك ، ربما تكون اجتماعية، سياسية ...
.
هي في الحقيقة واقعية .. والواقع يحتّم عليك أن تكون واقعياً في نقل الحدث كما هو .. وهل واقعنا إلا مزيج بين الضحك والبكاء ؟؟!! .
إنها #رحلة_تكامل .
.
أتمنى لكم رحلة سعيدة مع أولى فصول #المجنونة ...

الكاتبة / المبدعة المهاجرة الى الله

الجزء 1
الجار يروي >
: كانت تركض ويركضون وراءها، وكنت أراقب المشهد من بعيد، رموها بالحجارة، وهم يضحكون منها وعليها ويهتفون بانتشاء كلما بكت او تم استفزازها: المجنونة، المجنونة، المجنونة ,,
فتصرخ في وجوههم بكلمات متقطعة : لست مجنونة، أنا آمنه، اسمي آمنة، ها إذهبوا هيا..
فيضحك الجميع بسخرية ويواصلوا: آمنه المجنونة، آمنه المجنونة، آمنه المجنونة.
كانوا في أعمارهم أطفالا، و في تصرفاتهم شياطينا، تشعر أن لا أحد يوماً علمهم الصح من الخطأ، لا أخلاق ولا تربية ولا أدب، سيقولون : مجرد أطفال، ولن أقتنع أن يفعل الأطفال ما يشائون دون رادع، هل علينا أن نتفاخر بعدد ما ننجب، دون أن نتحمل مسئولية من ننجب، إنها مهزلة كبرى في بعض مجتمعاتنا، إن لم يكن في أغلبها.
وما زلت أرقبها، كانت تلهث من شدة الركض محاولة الهروب من قناصيها المحترفون، وكانت الدماء تغطي جسدها، وصلت إلى بيت مهجور دخلته مسرعة، فتوقف الأطفال من الركض وراءها، قال أحدهم : لقد دخلت البيت المسكون، أنا أخاف أن أدخل، فقال آخر: نعم أمي تقول أن من يدخله من البشر يموت، فالجن الذين يسكنونه أشرار. فزع بقية الأطفال وولوا جميعهم وتركوا فريستهم بعدما ابتلعها ظلام المكان.
تنفست آمنة الصعداء، ورمت بجسدها المنهوك في إحدى زوايا البيت المزين ببيوت العنكبوت، وموسيقى صراصير الليل، وجهشت بالبكاء، وهي تحاول أن تتحسس مواقع الألم في جسدها، أبكتني أناتها المخنوقة وهي تحاول أن تعالج نفسها بنفسها، حيث لا دواء ولا آدميٌ يحنّ عليها ولا أي شيءٍ سوى عتمةٌ ورطوبة ورائحة العفن.
استسلمت آمنة لآلامها وتوسدت ذراعها ونامت بسلام، فأطفأت بدوري قنديلي منتظراً يوماً جديداً حافلاً بالاحداث.
استيقظت آمنة على أصوات الضجة القريبة من البيت المسكون كما يسمونه أهالي القرية، استجمعت قواها لتقف، واقتربت من نافذة البيت المتهالك، وإذا بسيارة الشرطة وسيارة خاصة عرفت بعد ذلك أنّها سيارة خاصة بمصحة الأمراض العقلية، يقف معهم زوج والدتها وهو يشير إلى المكان، ولا أحد يتجرأ من الإقتراب من البيت لما أشيع عنه من أنه مسكون ومشئوم، فوقف الجميع منتظراً خروج آمنة، ولكنني كنت مضطلعاً على ما لا يمكنهم ان يروه، فآمنه بمجرد أن رأت هذا المنظر، توارت عن الأنظار، واختفت بين دهاليز البيت، واستطاعت الهروب من شقّ في الجدار الخلفي للبيت يطلّ على الشارع العام، اما زوج والدتها فظل يحكي للشرطة كما يبدو تفاصيل لم أستطع سماعها من حيث كنت

بائع البقالة يكمل الحكاية :

دخلت المجنونة إلى البقالة فطردتها في البدء، ثم قالت لي بصوت مبحوح وتعب إنها جائعة، فكسرت قلبي، فوضعت حبة موز وتفاحة في كيس وناولتها إياه، فأخذتهما مني وظلت تأكلهما بنهم، وجلست على قارعة الطريق ترقب المارة على وجلٍ وخوف، كانت ملابسها رثة، وملطخة بالدم، ولكنني حين تأملت ملامح وجهها رأيت قمراً قد خسف، فقد كانت جميلة، ولكن الإعياء والجراح التي اعتلت وجهها غيرت ملامحها، وما لفتني أنها كانت محجبة، ولم يكن يظهر منها غير وجهها والكفين، ارتفعت شمس الظهر فوق رؤوسنا وما زالت الفتاة تفترش الأرض حتى ظنّ بعض المارة انها متسولة رغم انها لم تمد يديها للتسول، ولم تكن تهتم بالنقود التي رماها بعضهم تحت قدميها، كنت أباشر عملي لفترة طويلة، ثم اعود لأتفقدها بين الحين والآخر، حتى وجدتها تبكي بحرقة، اقتربت منها وجلست قبالتها : ما بكِ يا ابنتي؟ ما قصتكِ؟ ما اسمكِ؟ وأين أهلك؟ .
فرمقتني بنظرة خوف واستنكار ولاذت بالصمت، وحين وجدت مني إلحاحاً قالت بحروف مقطعة بالكاد تفهم : أنا اسمي آمنه، هيا إتركني لا أحبك، لا أحبكم كلكم.
وما تعجبت منه حينها أنها وبعد أن حلّ المغيب أعطتني النقود التي رأتها تحت قدميها، وكأنها تقول أنها قيمة ما اكلته منك، ثم ركضت بشكل مفاجيء دون ان اعرف السبب، وإذا بسيارة خاصة بمصحة الأمراض العقلية تلاحقها، ففرت منها وسط ازدحام السيارات، وهم يلاحقونها ويصرخ أحدهم : إنها خطرة ساعدونا كي نمسك بها، إنها مجنونة، مجنونة.
ولكنني فوجئت من بعيد بسيدة عجوز تجلس في المقعد الخلفي لسيارة فارهة يقودها سائق مهندم، تفتح باب سيارتها وتطلب منها الصعود فركبت آمنة معها دون تردد، وانطلقت السيارة بين الزحام، وظلت سيارة المصحة مع رجالاتها يبحثون ويتأففون، وخلفهم رجلٌ خمسيني وجهه مكفهر وهو في حالة غضب ويصرخ: لقد أفلتت من يدنا هذه المرة أيضاً، ماذا سأقول لأمها ها أخبروني، أنتم المسئولون عن هروبها. فصرخ في وجهه أحد رجال المصحة الذي كان يلبس ملابس بيضاء حينها: لو سمحت لا تصرخ في وجهنا، لقد بذلنا قصارى جهدنا ولم نفلح في الإمساك بها، وهاهي الشرطة في طريقها إلى هنا، لابد من نشر تعميم بمواصفاتها إن كانت خطرة كما تدعي.
حينما وصلت الشرطة وجدتُ أحدهم يُشير إليّ، ثم اقتربوا مني وسألوا عنها فقصصت عليهم ما جرى تماماً مذ وصلت لبقالتي، ولكنني لا أعلم لمَ اخفيت عنهم قصة سيارة السيدة العجوز وكيف أخذتها معها، حقيقة لا أدري لمَ أخفيت هذه الجزئية؟!

يتبع >>

المجنونه ( مكتمله)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن