الجزء 11

1.2K 69 0
                                    


آمنة تروي:كان يحول التحرش بي حينما يعود مخموراً او متعاطياً، ما جعلني أدخل غرفتي وأقفلها عليّ طوال الليل، وأظل ساهرة حتى الصباح خشية ان يدخل عليّ الغرفة عنوة، وفي ليالٍ أخرى حينما ييأس من فتح باب غرفتي، يصبّ جام غضبه على امي المسكينة فأضطرّ أن اخرج من غرفتي لحمايتها، ولكنّ قوته وضخامته تفوقان جسدينا الصغيرين، فينهال علينا لكماً حتى الإدماء.

اسكتي، لا تكملي، لا اتحمل سماع ذلك، أشعرُ أن الدم يغلي في عروقي. كان حسين يحاول إيقافي عن الإسترسال، فقلت له:هذه حكايتي، وهذا واقعي، إن لم تسمعه كيف ستعالجه، مشكلتنا أننا نهرب من واقعنا، إما خوفاً أو تهرباً من المسئولية، إما ألماً، وكلها أسباب تؤدي إلى استشراء الوباء في أوطاننا، فلنكن شجعاناً بما يكفي ونتحمل حتى نقي مجتمعاتنا من المحظور، أو على الأقل نواجه الحقيقة لنوقف النزف قبل أن تموت الأمة. حينها أسند حسين رأسه على كلتي يديه وقال بألم:حسناً أكملي. فأكملت:نعم، كنت في اكثر الأيام أدوام في مدرستي دون نوم،حتى صرتُ أنام في الحصص دون قصد من شدة التعب، فتدنى مستوايي الدراسي، رغم ذكائي الذي يُشهد له، ولكنني كنت إما شاردة في الحصص، إما نائمة،فأنذروني مراراً، وطلبوا مني إحضار وليّ أمري، فلم أفعل، فتم إيقافي عن المدرسة لمدة أسبوع، وحينما علم زوج أمي بذلك، منعني من الذهاب بتاتاً، وحاول أن يجرني للعمل في البغاء، فرفضت رفضاً قاطعاً، رغم أنه حاول إجباري بالضرب والتنكيل والكي، ولكنني قاومت كل ذلك، كنتُ أقضي النهار مع أمي أساعدها في اعمال البيت، وقبل أن يعود أهرب إلى مسجد الحيّ،كان المكان الوحيد الذي أشعر فيه بالأمان،ولكنهم كانوا يقفلونه بعد صلاة العشاء فأضطر أن أعود إلى المنزل،كانت أمي تتوسل إليّ أن لا أذهب إلى بيت الله لأن زوجها يتهمني بالذهاب إلى أماكن مشبوهة،كدتُ أفقد صوابي، كدتُ أفقد إيماني بالله، تسائلت ذات مرة وأنا في بيت الله مخاطبة ربي: رباه ألسنا عبيدك؟ ألسنا تحت رحمتك، ألست يا رب أنت العادل المنان الكريم، الرحيم،فلم تفعل بنا كل ذلك، لم؟ ثم استغفرت ربي ولكنني بقيت لا أفهم، حتى التقيت بإمرأة مؤمنة في المسجد وجدتني لا أفارق المكان، ألتصق بإحدى زوايا المسجد وأبكي بحرقة، فدنت مني وأعطتني كتيباً صغيراً بعنوان "الألم الرحيم" كان هذا الكتيب سبباً في انقلاب مفهومي للحياة، فلم أعد أكترث بكل ما يصيبني، وما عادت الدنيا تشكل لي هماً كبيراً، وكلّ ما زاد ألمي رفعت رأسي للسماء وخاطبت ذو العزة والجلاله: كم احبك ربي، إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى، حتى جاء ذلك اليوم الذي عدت فيه إلى المنزل وإذا بمجموعة من الضيوف في انتظاري.

:استقبلني زوج أمي على غير عادته، كان استقبالاً مبالغاً فيه، ثم طلب مني تغيير ملابس المدرسة والعودة لغرفة الضيوف،لم أعتني بكلامه، توجهت إلى أمي في المطبخ: أمي، من هؤلاء وما الذي يخطط له هذا الخبيث؟رمقتني أمي بنظرة شفقة وحنان وعيناها تلمعان بالدموع وقالت بصوت منخفض ومرتجف: أمري وأمركِ إلى الله يا إبنتي. من جوابها وطريقتها في الكلام أدركت أنّ أمراً خطيراً سيقع، توجهتُ إلى غرفتي، غيرت ملابسي، وعدتُ إلى أمي كي أساعدها في إعداد الطعام للضيوف، وإذا به يدخل علينا كالثور الهائج: ألم أقل لكِ غيري ملابسكِ وتعالي! فقلت له بحزم: لن آتي ولن أستقبل أحد، فمن هؤلاء أصلاً؟ أنا لا أعرفهم ولستُ مجبرة على الجلوس معهم، فأمسكني من شعري وأخرج سكيناً وضعها على نحري وقال وهو يضغط على أسنانه: إن لم تأتي فسأخلع عينيك، وأذبحك وأمك، أتفهمبن؟ فركضت أمي نحوه وهي تصرخ: اتركها ستموت بين يديك، فدفعها فاصطدمت بالجدار وسقطت مغشياً عليها في الحال، صرخت : ماما ماما ، أتركني يا حيوان، أمي تنزف. ولكنه لم يكن يهتم سحبني إلى حيث ضيوفه، وأوهمني أنه عاد لأمي، بينما أجبرت بالقوة أن أسمع ما يريد هؤلاء الأغراب، فعرفت أنهم يريدونني جاسوسة، ولكن لأين؟ وما التفاصيل؟ لم أكن حينها أستوعب، حتى عاد زوج أمي وأخرجوا حينها أوراقاً وطلبوا مني التوقيع عليها، فوقعت كي أتخلص من تهديده وبطشه، وحين انتهيت شرح لي ذلك الخبيث ما هو مطلوب مني حيث قال: ستكونين مخابرات لتلك الدولة وسنقبض مبالغاً ضخمة مقابل هذا المهمة، فلم أكترث بحديثة وخرجت مسرعة كي أطمئنّ على أمي، وإذا بها ما زاات مرمية حيث كانت دون حراك، انقضضت عليها : أمي أمي أجيبيني، فلم تجب، فعرفت أنا فارقت الحباة، رفعت جسدها الطاهر واحتضنته وأنا أصرخ: من بقى لي بعدكِ يا أمي، أرجوكِ ماما قومي ولا تتركيني للوحوش تنهش في لحمي قومي. ولكنها لم تجبني، فصرخت بأعلى صوتي: مامااااا، وخرجت إليه أضربه بكل ما أوتيت من قوة وأنا أصرخ لقد قتلت أمي قتلت البقية الباقية لي في هذه الحياة، فلطمني على وجهي قائلاً: أصمتي يا مجنونة، فاخترقت التسمية أذني وعقلي، وخاطبت نفسي: المجنونة، أنا المجنونة، ماذا بقي لي في هذا العالم لأتمسك به، وكيف أنتقم من ظلامتي وظلامة أمي ؟ هو دور #المجنونة من سيخلصني من كل عذاباتي " وليس على المجنون حرج"

يتبع >>>

المجنونه ( مكتمله)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن