الجزء 16 والاخير

2K 136 26
                                    





حسين يحكي الشوق:لم أتمالك شوقي، حنيني وكلّ مشاعري اتجاه مجنونتي، فبدون مقدمات وقفت وتقدمت إلى الضابط قائلاً بكلّ حماس: أين هي #المجنونة ؟ فتعحب الضابط: عمن تتحدث؟ آمنة؟ فقلت: نعم أريد أن أرى هذه المجنونة الآن لقد قلبت كياني، أريد أن أتأكد أنني لا أحلُم، أريد أن أرها لأسئلها هل هي من الإنس أم الجن أم الملائكة أم أنها حلمٌ سينقضي؟؟ فأوقفني الضابط: مهلك مهلك يبدو أنك قد وقعت ولم يسمِّ أحداً عليك! فأجبته: أوووه منذ زمن ألا تدري؟! وقعتُ في حبها وهي مجنونة ولكن كيف يمكنني أن أتقبل ذلك، وقد صارحتها في رسالتي لها قبل إعدامها أما الآن فقد حانت ساعة الجد، أرجوك خذني إليها، لا طاقة لي على الصبر، أشعر أنها بحاجتنا في مثل هذه اللحظات، فهي لا أهل ولا عشيرة ولا سند، وأنا مستعد أن أكون لها الأب والأخ والعشيرة والأهل والحبيب. ضحك الضابط وقال:يبدو أنه عليك أن تغير اسمك من حسين إلى قيس يا مجنون آمنة. فشعرت حينها بحرارة تسري في بدني وترتفع إلى رأسي فقد استوعبت أنني قلت كلاماً لم أجرء قبلاً على قوله. اتصل الضابط بالشرطة النسائية فوراً حتى يعرف مكان آمنة ففوجيء أنها ليست في السجن. أغلق الهاتف وأخبرني: متأسف أخي آمنة ليست هنا. ففغرت فاهي وقلت: نعم، أين هي إذاً؟ فأجاب: يقولون أنها قد أصيبت بإعياء شديد نتيجة الصدمة والجهد الذي تعرضت له خلال الأيام الماضية وقد أخذها الإسعاف إلى المستشفى المركزي، يمكنك أن تذهب إليها هناك، ويبدو أن وضعها سيء. تركت الضابط قبل أن يكمل عبارته وخرجت مهرولاً إلى سيارتي وأتجهت في سرعة جنونية إليها، وصلت المستشفى كالمجنون أبحث عنها حتى وجدت الخالة وداد حارستها في السجن، فسألتها وأنا في غير وعيي: خالة كيف هي آمنة؟ فأجابت وهي تبكي: إنها في العناية المركزة، إنها متعبة جداً. فتركتها ورحت أبحث عن طبيب لأسأله، حتى وجدت الطبيب المناوب فسألني عن مدى قرابتي إليها: فقلت خطيبها دون أدنى تردد، فأخبرني أنّ آمنة كانت تعاني من الكثير بسبب الوضع النفسي والضغط الذي تعرضت له في حياتها وأنها كانت تقاوم من أجل أن تبقى قوية ولا تضعف، ولكن بعد ما حدث لها ونجاتها من الإعدام استسلمت لكل ما يمكن أن يحدث بعد ذلك، فأنهارت وحينما جاؤوا بها إلى هنا اتضح أن لديها الكثير من المشاكل ولكن لا تقلق فبإذن الله ستؤول الأمور إلى خير فكل شيء تحت السيطرة. فسألته: ولكنها في غرفة العناية؟! فقال: لابد من ذلك حتى تستقر حالتها، فقد أجرينا إليها عملية استئصال للزائدة الدودية، وهي أساساً لديها مشكلة في نبضات القلب، ومشاكل في المعدة، وسوء تغذية وهبوط في الضغط ونقص الهميوجلوبين

آمنة تسرد أوركسترا الحياة: فتحت عيناي، وكأنني من أهل الكهف، هل نمت يوماً أم سنة لا أعلم، هل كنت في حلمٍ أم علم لا أدري، حتى طُرق الباب ودخلت الخالة وداد وهي تمسح دموعها وجاءت تحث الخطى نحوي واحتضنتني وهي تقول: كم أنتِ رائعة يا إبنتي، أنتِ إنسانة تستحق الحياة، وإذا بصوت شخص يتنحنح خلف الباب وهو يقول بحنية: ليست إنسانة بل مجنونة. شعرت أنّ قلبي سيقفز من الفرحة، إنه صوت حسين، ولكنني لم أكن على استعداد لرؤيته، فكلانا صارح الآخر بمشاعره في رسائل الوداع، فقلتُ للخالة وأنا خجلة: لا تدعيه يدخل، أنا أستحي من أن أراه أو يراني، وإذا بي أرى باقة وردٍ تتدلى من خلف الباب وهو يقول: أأدخل يا مولاتي فضحكت وإذا به يدخل ومعه فاطمة أخته ووالدته ولم يمنحني فرصة حتى الترحيب بهما، حين قال: جئناكِ اليوم مهنئين للبراءة، ومتحمدين للسلامة، وخاطبين للمجنونة. فضحك الجميع وقاطعته والدته: لا تقل لها مجنونة، بل عروسة ولدي الجميلة. فقال مؤكداً : بل مجنونة يا أمي مجنونة وأجنتني وعليها الآن أن ترد علينا بالموافقة وإلا فإن قيس ابن الملوح سيكتب معلقة الجنون ويعلقها على مستشفى المجانين لتحكوا للناس حكايتي، المجنون الذي أجنته #المجنونة ، فضحكنا جميعاً وغطيت وجهي خجلاً وقلت:موافقة ولكن بشرط، فقال:ألا يكفي أنني سأتزوج من مجنونة؟ أو لديكِ شروط أيضاً؟ أمرنا لله قولي،فقلت له:أن أعيش مع خالتي في بيتكم،لأنني افتقد أمي بشكل كبير وبحاجة إلى أم تذكرني بحنانها، فاحتضنتي الخالة أم حسين وهي تقبلني وتعتذر عن اساءتها في حقي، وحينها قال حسين:حقاً أنتِ لستِ كأيّ أحد،أنا محظوظٌ بكِ يا آمنة. مرّت الأيام والأسابيع وبدأت أستعيدُ صحتي،حتى تعافيت تماماً وبدأنا في الإستعداد لحفل زفافنا الذي كان بسيطاً وراقياً في ذات الوقت،لم أقبل بزفاف كبير رغم إلحاح خالتي،وفضلت زفافاً ناعماً راقياً منظماً بدل البهرجة التي لا معنى لها، وسافرت مع حسين إلى رحلة عسل كانت الأولى والأجمل في حياتي فأنا لم أسافر قط بسبب ظروفي القاسية،وعدنا بطاقة إيجابية رائعة بدأنا نخطط بعدها لحياتنا القادمة، فهناك الكثير الذي حُرمت منه، وهناك الكثير الذي تعلمته، وهناك الكثير من النعم التي حظيت بها وجاء الوقت كي أعوض ما فاتني وأشكر الله على نعمه باللسان والعمل.والجميل أنه ما إن عدنا من شهر العسل حتى جاءني اتصال لم أتوقعه أبداً، كان اتصالاً من جهة رسمية تابعة للدولة،وطلبوا منا الحضور شخصياً أنا وزوجي الغالي حسين،فتوجهنا حسب الموعد المحدد، وكانت المفاجئة تكريم على مستوى الدولة بتغطية إعلامية رسمية، واعتذار رسمي من أعلى مستوى في الدولة

آمنة تروي البداية: لم أتمالك دموعي وأنا على منصة التكريم، ولم أتوقع المفاجئة، اكتشفت أنّ زوجي يعلم بها ولكنه اتفق معهم حتى تكون مفاجئة بحق، وفوجئت أكثر حينما طُلب مني الصعود لإلقاء كلمة وأنا أستلم درع التكريم، بداية وقفت أمام المايك لا أعرف ما أقول، ومذ بدأت ب: السلام عليكم أيها الحفل الكريم حتى اختنقت بعبرتي وظللتُ أبكي، فضجت القاعة بالبكاء، وإذا بزوجي وحبيبي حسين يصعدُ للمنصة ويعطيني كأساً من الماء ويمسك يدي ويشدّ عليها ويبتسم في وجهي وهو يقول: أنتِ قادرة، أنا هنا معكِ لن أتخلى عنكِ ما حييت هيا ابدأي، ضجت الصالة بالتصفيق الحار، وما إن هدأوا عدتُ مقتربة إلى المايك وقلت: أيها الطيبون، هذه المتحدثة إليكم هي #قصة من آلاف القصص التي تحيط بنا كل يوم وفي كلّ لحظة، وإن شاءت الأقدار أن أنجو أنا فهناك الآلاف من الضحايا على الضفة الأخرى، آمنة ضحية كانت بين العذاب والتشريد والجوع وسوء المعاملة، من شارع إلى مناضلة إلى سجينة تحت التعذيب إلى ظلم إلى حبل مشنقة إلى منصة تتويج، كلّ ذلك من صاغه غير جبار السماء؟ إنّ الله يعلمنا، يربينا، يهذبنا، ويبعثد لنا رسائل ليوقظنا من غفلتنا، فإما أن نستجيب له، وإما أن نسير نياماً حتى الموت يوقظنا، أيها البلد الطيب، أقف اليوم لأقول لكم أنني تعلمتُ الكثير من كل ما مررت به، أوله أنه قد صار لي قصة مختلفة ومميزة أحكيها بفخر للأجيال القادمة ولكل الناس، ثانيها أنني اليوم سأبدأ، سأكمل دراستي لأكون فخراً لديني ووطني وزوجي الذي هو كل حياتي، وسأسعى جاهدة لتأسيس داراً لانتشال المشردين والمضطهدين والمعنفين في المجتمع، أعدكم أن أكون آمنة التي منحها الله حياة من جديد لتهب الحياة لكل يائس من الحياة" صفق الجميع طويلاً طويلاً .. ومرت السنون وأنا على وعدي وها أنا الأستاذة آمنة، من مؤسسي دار الحياة المهتمة بكل المعنفين او ممن يمرون بأي ظرف اجتماعي يفقتقدون فيه للحماية من اي أحد، ونسيت أن أذكر لكم أنني صرت أماً لولدين محمد وعلي، محمد بشبهني تماماً مجنون كأمه، ويعشق التقليد والتمثيل، أما علي الذي يكبره بعام ونصف تقريباً فهو نسخة من أبيه، يلبس النظارة ويقلب في الأوراق وكأنه يراجع مرافعته للقضية القادمة.. أما أنا فكنت في أوقات فراغي أقرأ الكتب وما كنت أنسى أن أضع كتاب حياتي #الألم_الرحيم بين مقتنيات مكتبتي، وكنت أحب الكتابة وأولى رواياتي التي بدأتُ في كتابتها كانت #المجنونة #قصص_مهاجرة #مهاجرة_إلى_الله

🎉 لقد انتهيت من قراءة المجنونه ( مكتمله) 🎉
المجنونه ( مكتمله)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن