PART ⁹

427 32 7
                                    

أنـِت لـَا تكْـرهيـن ذاتـَك، و لـَا تُـريديِن قـَتـل نفسـِك، أنـت تريدين قَـتل مـاَ تـَركـه ذلـك اللـعين داخـِلک
_______________

كانت وحيدة هذه الأثناء، كما تأخد الحرب حياة البعض و تترك البعض الآخر في الألم، و كآخر زهرة سليمة بعد مرور إعصار..

و أما أحلامها المعلبة و وعوده الساخرة قد تم سحقها تحت الأقدام للتو، عندما تذكرت هذا، أتت دموعها دافئة لتتجمد فوق وجنتيها، لم تسمح لنفسها بأن تنهار أمامه و قد تطلب ذلك شجاعة كبيرة

أدركت بعد الآن أنها لم تعد تملك أحداً تتقاسم الأشياء معه.
أوقفت خطاها لتنظر لنفسها عبر واجهة إحدى المباني الزجاجية،

فإختنقت حروفها، و شعرت بالدوار لوهلة، فأمسكت رأسها و جلست على الأرض رغم الصقيع

لكنها لم تشعر بمن كان يراقبها خلسة من بعيد، بنظرات مقعرة حالمة،
كان يراقب جسدها الصغير و هو يتحرك،
لقد إنسابت من بين أنامله للتو ..

لا تنخدعوا بالشهامة التي غادر بها و كأنه تخلص من قطعة قماش قديم، لقد أزال قطعة من قلبه كانت تبقيه حياً

لكنه لم يسمح لنفسه بالبكاء، لطالما كان كذلك حتى تكاد تشك أنه بشري حتى؛ فمن طبيعة البشر البكاء، عند السعادة، أو الحزن، لكنه بارد المشاعر تمام..

و بتلك المشاعر ترك نصفه في أعلا البرج، كانت الفكرة أن يتخلص منه فيستعيد نفسه، فإذا به يموت معها، لن تفكر بهذا أبداً و لن تأتيها فكرة ندمه أو موته البطيء أيضاً و ستظل جاهلة بقدر الخسارة التي أُلحقت به

كان شاكراً لكشك السكاكر أمام البرج الذي كان يطل من خلفه كـ قطة، لم تستشعر تلك العيون التي تحترق بينما تراقب ملاكها، مدمرة، محطمة كما لم تكن من قبل

تخلله ذلك الشعور القهري، بحضن أحدهم و تخفيف حدة ألمه، و كانت عيناه متصلبة، محمرة لكن دون قطرة واحدة، لم تذرف عيناه دمعة واحدة.. زاد الضيق داخل أوصاله و هو يراقبها تجر ما تبقى من قدميها على جنبات الطريق، تتقاذفها أجساد المارين

وعدها بالبقاء قربها، لكنه تخلص منها دون رحمة، أرادها أن تكرهه، و أن تكون نادمة عما عاشته رفقته، لكي تغادر و لا تفكر بالعودة أبد الآبدين...

لكن و كما يقال لكل إنسان حكاية و أصل، لا أحد يتصرف من فراغ، هناك أحداث تحتم علينا جعل قلوبنا قاسية، لكي نستمر و لا نهلك

أعاد خطواته المتهالكة للخلف، كان مطمئنا بشكل غريب، كتب رسالة على جهازه مرسلاً اياها إلى جونغوو بأن يأتي نحو برج نامسان و ملاقات هناين لكن، دون إخبارها بمن أرسله، كتب كل ما حدث و ما أقدم عليه منذ بضع دقائق..

هـذَيـان _Deliriumحيث تعيش القصص. اكتشف الآن