-
فكرت في الكثير من الحلول ,المعقد منها والبسيط , لا ابد ان نجد حل لكل ما يحدث
لابد من وجود طريقة لاخراجنا من هذا المأزق الذي وقعنا فيه جميعا .
في صباح اليوم التالي تذكرت مثل كان متداول في قريتنا "الغريق يتعلق بقشة" , وهنا قررت مع موافقة
افراد القرية على ان نرفع قضية في المحكمة على صاحب الفندق وكانت حجتنا الوحيده للدفاع هي اننا غفلنا عن بنود العقد
عندما وقعنا عليه , ولم نكن على علم بأننا سوف نخسر قريتنا بمجرد التوقيع على اوراق كهذه .
وفعلاً طلبت المحكمة من صاحب الفندق الحضور الى المجلس , رأينا بصيص من الامل عندنا عقدت هذه الجلسة,
في يوم الجلسه حضر الكثير من الصحفيين ليساعدوا في نشر القضية على امل استعطاف الرأي العام,
دخل صاحب الفندق بدون مرافقين , كانت الجلسة اسرع من المتوقع , فقط كانت عبارة عن حوار صغير وهو سؤال
القاضي لصاحب الفندق عن تعليقه وردّه :" انا لم اجبرهم على التوقيع ولم امنعهم من قراءة مضمون العقد ,
دعوتي هنا كان خطأ كبير"
كان جواب القاضي حينها لاهل القرية " انتم من جعلتم انفسكم مغفلين " وكأنه يطرنا ويخبرنا بطريقة غير مباشره
-القانون لا يحمي المغفلين - .
"نعم نحن مغفلين , جميعنا اعترفنا بذلك امام الصحافة والاعلام ولكن ألا نستحق فرصة للعوده ,
او حتى نصف فرصه لنصلح ما سوف نندم عليه طوال عمرنا وما سوف يلومنا عليه ابناءنا واحفادنا حتى بعد مماتنا ,
نحن في ورطة كبيرة الان , فمن سوف يشاركنا ارضه بعد ان خنّا ارضنا ,انه عار سوف يرتبط بإسم كل واحد منا
حتى بعد مماته لو بألف عام " .
لقد كان كلام قاسي جداً من العم ابو محمود , لقد كان صادق في كل كلمة يقولها , كنت ارى الدموع تلمع في عيون كل صحفي
كان في الموقع , وكأنهم عاشوا المعاناه التي عشناها ويعرفون كم ان شعورنا صعب ومؤلم ,
وعدونا بالمساعده بقدر المستطاع .
في اليوم التالي ليوم الجلسه , استيقضت في الصباح الباكر على صوت الهاتف ,
وإذا بصديقي يطلب مني بتشغيل التلفاز وفتحه على احد القنوات الاخبارية , شعرت بالخوف والتوتر الشديدين ,
ما الذي يحدث وما الذي تغير في هذه الليله , عندما فعلت المطلوب ,
وجدت ما اسميه الامل , ان القناة تعرض صور للقرية قبل بناء الفندق بجمالها وخضارها وجبالها الشاهقه ,
وكان المذيع يشرح عن قضيتنا وما حصل لنا من ظلم واستغلال ,شردت وقتها بالصور التي تعرض تفاصيل القريه ,
من اين حصلوا عليها ؟ شعرت بالريبه من هذا الامر ,
ولكن كانت هذه الافكار مجرد ثواني طارت من الذاكره لمجرد معرفتي عن دعمهم لنا وان هناك من يعرف عن قريتنا .
مرّ يومان على اذاعة قصة القرية على قناة التلفاز وكانت قد نشرت بعض المقالات عن قريتنا في الصحف ,
ولكن ماذا بعد ؟ اين المستجدات المُبشِّره ؟ , اوه انه ابو محمود يتصل بي
" اهلا عمي ابو محمود , هل هناك من اي اخبار جديده ؟"
"يوسف , انا في شارع 69 وهناك مسيرة مداعمة لنا , انهم يهتفون ويطلبوا من الحكومة والجهات المسؤوله النظر في قضيتنا,
وان يعيدوا لنا القرية ".
" عمي كم عددهم ؟ هل عددهم كبير ؟ "
" انهم الف تقريبا , هيا يا يوسف يجب ان تكون هنا , وايضا هناك اخبار اخرى اريد ان احدثك عنها "
" حسنا عمي انا قادم على الفور , وسوف اخبر اهل القرية لينضموا لنا ".
ها انا وصلت الى الشارع والجميع يصفق لي ويشجعني بحرارة , يجب ان اجد عمي ابو محمود ولكن عدد الناس هائل ,
لقد تجاوزا الالفان , سمعت صوت عمي يناديني من منطقه بعيده قليلا , لقد وصلت له بصعوبه,
" عميي انا لا اصدق ما اراه , انه شيء مؤثر جدا , يتملَّكني شعور ايجابي بأن موعد العوده قريب , ياا الله ابقى معنا "
" ان شاء الله ان يكون لما يحدث الان نتائج جيده , اه هناك اخبار تقول انه يوجد مسيرات في كل مكان في المدينة ,
جميعها تدعم قريتنا "
" ماذا يجب ان نفعل برأيك ؟ "
بدأ عمي بتأمل الحشد المتواجد قُبالته " في البداية يجب ان يكون في كل مسيرة مجموعة من اهل القرية حتى
نُظهر تقديرنا لما يفعلونه من اجلنا , والخطوه التاليه هي ان نكافح حتى تصل قضيتنا للحاكم , بنيّ هذا الامر ليس بمستحيل".
أنت تقرأ
ابيض واسود
Spiritualفي الريف هناك الجانب المضيء والمظلم , الجانب الذي تتمنى عدم زواله وتفخر بذكره , والجانب المعاكس تماما الذي لا تستطيع تخطيه عند ذكر حياة الريف - اخطاء لا بد من ذكرها- في كل المراحل والزوايا هناك جانبين معاكسين كـ الابيض والاسود .. 99% م...