-
سرنا بخطوات سريعة لاخبار اهل القرية بما حصل , وما تم اتخاذه من قرارات , ان السعاده تغمرني بالكامل ,
اخيرا سنعود ونجتمع مره اخرى , اخيرا سنكون كما عَهدنا ان نكون ..
وصلت الى الحشد الذي صمت فجأه ليسمع ما قدِمنا به من اخبار , وكان هناك الكثير من الصحافة الذين حضروا لينقلوا الاخبار,
" ايها القوم , لم ولن نتخلى عن اصلنا , والذي يجمعنا شي يصعب كسره , الخيط الذي بيننا مهما ضَعف لن يُقطع , سنعود ,
سنعوود الى اصلنا ودمنا , النصر لنااا "
لقد انتهيت من كل المقابلات , ومن اسئلة الصحفيين التي لا نهاية لها , وقد فرح الكثير بهذه الاخبار وهناك من غضب منها
مثل المختار الذي اوقعنا من البداية في هذا الفخ , ولكن هناك امر , لا يمكنني اسكات فضولي عن ذلك الموقف عندما
عرضوا قضيتنا على التلفاز وعرضوا صور قمت انا بالتقاطها ,يجب ان اعرف من اين حصلوا عليها ,
ذاك هو الصحفي هو نفسه امامي الان , سأذهب واسأله ..
" مرحبا سيدي "
" اهلا يوسف , هل تريد ان تضيف اي شيء ؟ "
" لا ولكن اريد ان اسأل عن صور قريتنا التي عرضتموها على التلفاز , انا من التقط هذه الصور ولم اعطيها لاحد سوى المختار ,
لذا فقط خطر ببالي ان يكون المختار من اعطاكم اياها واخشى ان نكون قد ظلمناه جميعاً "
" ممم نعم انه المختار يا يوسف ولكن انتم لم تظلموه ابداً "
" ماذا تقصد ؟ "
"لقد تحدث المختار اليّ وبدأ باقناعي حتى اكون في صفه , ارسل اليَّ صور قريتكم وصور الفندق واراد مني ان أُحدث مقارنه
بينهما , كيف ان المكان قد تحول من الخراب والضعف الى القوه والجمال المعماري والى معلم يجلب النفع للدوله ,
ولكن عندما تأملت صور القرية وجدت فيها النقاء والبساطة , وجمالها طغى على ناطحات السحاب مهما كَبُرت ,
لذلك قررنا انا وفريق العمل ان نقف بجانبكم ونعكس المفهوم الذي طُلب منا ان نظهره "
بقيت صامت لدقائق محاول تقبل الكلام الذي سمعته , ارتفعت زاوية شفتي اليمنى الى الاعلى -دون ان اشعر ضحكت هذه الضحكه الماكره- , كان الله يحبنا عندما استبدلناه بشخص اخر حتى يتحدث الى الرئيس , وحده الله يعلم بماذا كان يفكر ,
انه وغد حقير , كيف يمكن ان يكون بهذا الجشع , لقد باع اهله وارضه وكسب كراهية الناس له من اجل المال ,
ومثله الكثير , انها انفس مريضه يجب ان تُعالج .
. . .
عدنا جميعا الى المكان الذي يشبه قريتنا الى حد ما , حاولنا ان نعتاد على المكان , انه ليس بالامر الصعب لطالما ان حياتنا نحن من نتحكم بها ونديرها , نحن من نصنع طعامنا ومكاننا ,بدأت صورة القرية تظهر تدريجيا بعد وضع اللمسات القروية في انحاء المكان ,
لقد مر ما يقارب سنتين على سكننا هنا في قريتنا الجديده , لا انكر ان المكان اختلف قليلا وبعض الامور اختلفت ولكن الكثير من
الامور تحسنت , وغير الافكار الجديده التي لم يتوقع احد ظهورها ,
فقد قمنا بفتح متاجر صغيره في القريه نبيع فيها منتجاتنا للسياح , وكون الفندق بجوارنا فقد اعتدنا على بيع منتجاتنا لهم ,
وهذا الامر قد حسن من اوضاعنا الماديه ,هذا انا وهذه قريتي التي اعشقها بشده ,
لو اردتم ان اخبركم عن مدى حبي لقريتي وحياتنا لأخبرتكم انتظروا كتابي القادم ,
فحبي هذا يصعب وصفه , اتمنى ان اكون قد اظهرت حياتي والقرية بالصوره الصحيحة دون زيادة او نقصان ,
سأنهي الكتاب بهذه الكلمات التي قالها جدي , جدي الذي اعشق كلماته , الذي هو مصدر الهامي .
" يوسف , أَتذكر عندما اخبرتني ذات مره ان الحياة لها لونين فقط , الاسود والابيض , وكل منا ينتمي لأحد هذين اللونين ,
جيد او سيء , خير او شر , هكذا هيَ الحياه , لقد اخبرتني بحماس عن كتابك الذي ستكتبه وسيحمل هذا العنوان ,
مم لاكون صادقا انصتُّ وقتها لكلامك وقد كنت ارى انه منطقي بعض الشيء , ولكن بعد ان فكرت اكثر خطر ببالي رأي آخر ,
بكل بساطه سأكون ضد فكرة هذين اللونين , يا يوسف تأمل في هذه الحياه حولنا , تأمل بمخلوقات الله ,
لن ابتعد كثيرا , فكر بنفسك انت , كل الامور تتغير , الجميع يحمل لون معين ولكنه ليس ثابت بتاتاً ,
تأمل حال القرية كيف تغير , وكيف ان اللون الابيض قد تحول الى اسود قاتم
ذاك السواد الذي رأيناه جميعا في وجه المختار , جميعنا نتغير يا يوسف , فما بين الابيض والاسود عالم من الالوان "
النهاية .
أنت تقرأ
ابيض واسود
Spiritualeفي الريف هناك الجانب المضيء والمظلم , الجانب الذي تتمنى عدم زواله وتفخر بذكره , والجانب المعاكس تماما الذي لا تستطيع تخطيه عند ذكر حياة الريف - اخطاء لا بد من ذكرها- في كل المراحل والزوايا هناك جانبين معاكسين كـ الابيض والاسود .. 99% م...