بداية

831 30 16
                                    

باطن يلهث من إرهاق سراديب ذاكرة ذابلة،تنفس غير منتظم،وجثة هامدة تتوسط سرير ذو فراش أحمر بهت لونه من كثرة الجلوس عليه،أعين تتجول بين أسطر مذكراتها الصغيرة،لتزيد من ندم مقعد،أقلب صفحات المذكرة بسرعة قبل مجيأها لتشدني بداية يوم اللقاء وما كتبت فيه
..................
5:30 PM
12-feb-2000
رائحة مطر متحالفة مع تراب الأرض،رياح لطيفة تشتت غيوم لبدت السماء لتنفذ أشعة شمس خفيفة أثر بداية الغروب لتطفي على جمال المدينة جمال...
لم تكن المرة الأولى التي يهطل المطر فيها على المدينة،ولكنها المرة الأولى التي أشعر فيها بحلاوة المطر وأجوائه،لا أعلم لماذا ولكنني أشعر بالسعادة تحتضنني اليوم؟!كأنني طفل حصل على دمية تمناها من أبيه...
أشعر بقدماي يريدان الذهاب للولي ففي معظم الأحيان عندما أشعر بالسعادة أذهب لمُهرتنا لولي ليلاً،أتكلم معها وأفضفض لها،حتى أنني أصل لدرجة أنني أتخيل صهيلها حديث و رد على كلامي،قد أبدو مجنونة وغريبة أطوار لكنني حقاً أحب ما أنا عليه الآن..

قد لم أحظى بفرصتي بالعيش كفتاة طبيعية بين المتاجر وصالونات التجميل وحفلات شاي ولمة صديقات،إلا أنني أرى حياتي القاصرة المحصورة بين فناء بيتنا الخلفي حيث لولي وشجرة التوت اللذيذة وبيتنا المتميز بشكلة الرباعي جميلة جداً، أذكر جيداً ما كان دائما يقوله أبي عند جلوسنا مع بعض"إن اقتنعت بما أملك،لن تهزمني الحياة أبداً"وبالفعل لم تهزمني الحياة حتى الآن ولكنني بنفس اللحظة أتذكر كلام الطلاب في المدرسة"شخصية مبهمة"
لا أعلم لما حصلت على لقب غريب كهذا صحيح أنني لم أكن بتلك الفتاة الإجتماعية مع طلاب الصف،حتى انني كنت اتهرب من اوقات الفسحة،والرحلات المدرسية،لا أحد يفهمني أو يشعر بما يجول في باطني،الجميع يظن أنني انطوائية ولدي شخصية ضعيفة،لكنني عكس ذلك حقاً..

متيمة بالهدوء والسكينة،أنصت للموسيقى الهادئة المنبعثة من صندوق جدتي،صديقة الكمان والروايات الدرامية...
"*لوڤي"
إنها أمي،لكن الساعة لم ......
لم أدرك ما حصل حتى شهقت"الساعة السادسة هل قضيت نصف ساعة بالتحدث مع نفسي لنفسي وعن نفسي كل هذة المدة"
هرولت سريعاً للمطبخ،لأجد أمي ككل يوم بوجهها الغاضب بسبب تأخري
بنبرتها الهادئة تلك
"كعادتك،هيا حضري العشاء لجدتكِ"
"حالاً"

تقطيع،فرم،ونار هادئة روتين يومي ممل لكنه يعجبني حقاً،ربما لأنني أجد الوقت الكافي للتحدث مع نفسي،وقضاء وقت بالنظر لجدتي الخرساء،صحيح أنها خرساء وبدأ قوى عقلها بالزوال لكنني أرى بعيناها المنعكس لونها من خضرة الحقل المشؤوم ألف حكاية وحكاية...
مضت فترة العشاء سريعاً،ليخلد الجميع للنوم،لأنعم بعدها بوقت الراحة الخاص بي،أتدرب على عزف الكمان كعادتي لكنها المرة الأولى التي سأندمج معه كما علمني مايك،خلسة خشية أن يعرف أحدهم بعلاقتنا العفوية،أقرأ الكتب المستعارة من المكتبة قبل موعد اعادتها،أغمض عيناي واتخيل حياة غير حياتي،أو أعيش بأحد الروايات التي اقرأها وأخوض مغامرتها وأتجول بين ثناياها...
حياة هادئة كالعادة،يوم كسائر الأيام إلا انه مختلف بهطول المطر ولقائي به...
Lovein
2-feb-2000
..................................
كعادتها لا تستطيع وصف مشاعرها،رغم العاطفة الكامنة فيها إلا أنها كطفلة برئية تجهل التعبير عن احساسها....
خطوات هادئة نحو الغرفة جعلتني أغلق المذكرة سريعاً وأدخلها بطريقة عشوائية في صندوقها الخاص،،ليطرق صوت الخادمة التي سأمت من سماعه
"الغداء جاهز سيدي"
"رائحته شهية حقاً،شكراً لكِ"

كعادتها اليومية تضعه بالطاولة،لتنحني بعدها وتذهب،لا أعلم لما علي الصبر على كل ما أمر به حالياً،لماذا لا تصعد روحي المزعومة إليه وأرتاح؟!
الم يكتفي من الصدمات التي قدمها إلي؟!
ألم يكتفي من جعلي مقعد وسلب روحي مني؟!
صحيح أن الذنب الذي ارتكبت خطأ لا يغتفر،لكن هذا ليس عدلاً،أريد لو أرجع بالزمن لعلي أصلح ما كنت عليه،او لعلي اعطيها ماسلبت منها،أو حتى أتذوق شفتيها لآخر مرة،شعرت بحرارة على وجنتاي،لأدرك أنهمار دموعي دون أن اشعر،هممتُ بمسحها بباطن يداي قبل أن يراها أحد...

...........
أول بارت من قصتي القصيرة
أتمنى انه ينال أعجباكم💙

Passion_16

نــدمً مُــقــعــدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن