2_ لا مكان للمشاعر

7.5K 146 2
                                    


لم يكن هال دايفدسون يجلس خلف طاولته عندما دخلت جودي ، بل كان يقلب في جوارير خزانة الملفات بعنف ، واستدار عندما فتحت الباب ، ونظر اليها نظرة طويلة متفحصة ، من قمة رأسها الأشقر المالس إلى كعب حذائها الأسود ، ثم إلى فوق ثانية .
كانت قد استيقظت باكرا ، وأمضت وقتا طويلا أمام المرآة حتى تطمئن أن هندامها لن يخذلها في عملها كسكرتيرة ، وقابلت نظرة هال دايفدسون المتفحصة دون أن يرمش لها جفن . وابعد نظره عنها نحو الملفات المكومة أمامه في الخزانة :
- ما هذه الفوضى ! هذا هو النظام الغير مناسب الذي أنوي الخلاص منه .
ودفع الجارور الذي أغلق بصوت مرتفع وعاد ليفتح ثانية . وعاد إلى خلف طاولته وجلس على كرسيه .
- والآن جودي .. إلى العمل . طاولتك هناك ، والدي كان يحب أن تعمل سكرتيرته في نفس المكتب معه ، ولكن أفكاري مختلفة ، على كل ، المكان كله لن يستمر هكذا طويلا ، وعلينا أن نعمل في الوقت الحاضر . ستجدين شريطين مسجلين جاهزين في الجارور العلوي . أحب أن تكون رسائلتي نسختين .. لكن بعد أن نبدأ العمل على الكمبيوتر ، سنخزّن الرسائل على اسنطوانات ولن يلزمنا نسخة أخرى . لقد تدبرت أمر بدء تدريبك الاثين المقبل . عندما أكون مسافرا . وحتى ذلك الوقت ، أعتقد أن بإمكانك الطباعة على آلة طباعة كهربائية ؟
كلامه كله كان بلهجة سريعة وعدوانية تقريبا ، وشعرت جودي بالصدمة عندما انتهى .. طابعة كهربائية ؟ هل هي مختلفة كثيرا عن التي كانت تستخدمها في المدرسة ؟ وسارت نحو طاولة الطباعة ، ها هنا آلة التحدي الزمني الذي خافت منها شقيقتها ماغي . كانت تبدو من قسمين : أحدهما إلى جانب يظهر أنه الكمبيوتر ، وله شاشة عرض صغيرة بحجم التلفزيون النقال . وإلى الجانب الآخر آلة طباعة أو ما ظنته جودي كذلك ، تحتوي على صف من الأزرار الإضافية على يمين ويسار لوحة الحروف العادية ، وتبعها هال دايفدسون ووقف وراءها بالضبط . قريب منها حتى أنها أحسّت بعدم الراحة ، وقال لها :
- حسنا ؟
قرب هذا الرجل منها وإحساسها به بقوة جعلها تلتقط أنفاسها ، وابتلعت ريقها بصعوبة وهي تقول :
- لم أستخدم مثل هذا الموديل من قبل ، ولكنني واثقة أنني سأتمكن من استخدامه قريبا . هل هناك كتيب دليل له ؟
وبدأ بفتح الجوارير قليلا :
- يجب أن يكون هناك كتيب . هذا إذا لم تمزقه شقيقتك في نوبة هستيرية .
فردت عليه بغضب :
- ليس لطيفا منك ان تقول هذا عن شقيقتي ، وكأنما ماغي قد تفعل شيئا كهذا !!
- لا أظن أن هذا بعيد عنها . فقد أصبحت هستيرية قبل أن تترك . أرجو أن لا تكوني هستيرية أنت ايضا يا جودي ؟ أمر واحد لا يمكن أن أتساهل به هو العواطف المبالغ فيها .


- لا تقلق سيد دايفدسون ، فكما أعتقد هناك شعو رواحد قد أحسّ به وأنا أعمل هنا .
- ربما من الأفضل أن تقوليه لي ؟ أم أستطيع أن أحزر !
وردّت عليه :
- أفضل أن لا يستمر هذا الحديث .
ثم شاهدت الدليل في أسفل أحد الجوارير فسارعت لالتقاطه :
- آه .. هذا ما أحتاجه .. أين الشرائط ؟ ها هي ، وماكينة التسجيل هي نفس النوع الذي كنت أستخدمه .
وكان لا يزال مائلا إلى الوراء ، وعيناه مركزتان عليها ، فسألها بهدوء :
- في وظيفتك السابقة ؟
- أجل .. في وظيفتي السابقة ..
وجلست ، ثم فتحت الكتيب ، وكأنها تشير إلى أنها تريد أن تبدأ عملها ، ولكنه لم يتحرك ، بل سألها فجأة :
- كم عمرك يا جودي ؟
فنظرت إليه مجفلة :
- أنا .. في العشرين .
منتديات ليلاس
كانت تكذب ، ولكن ما تاثير ستة أشهر بالزائد أو الناقص ؟
- أرى هذا ، أنت في العشرين ، وتركت لتوك وظيفة وكنت تبحثين عن أخرى ، وأمامك العديد من العروض لتختاري من بينها ، بالطبع . وكنت على وشك اتخاذ القرار عندما أتيت فجأة الى هنا يوم أمس لأجل مسألة أخرى ، هذه هي المسألة ، أليس كذلك يا جودي ؟
- أجل ..
فقال بصوت ناعم :
- والآن .. لنفترض أنك ستقولين لي الحقيقة .
فهمت :
- لست أدري ماذا تعني .
- أظن أنك تعرفين . فأنت لست كاذبة مقنعة يا جودي .
أوه .. هذه هي النهاية إذا .. مسكينة جودي ، سوف تضطر لصرف تعويضها .. ووقفت جودي وغطت الآلة ثانية ، وقالت :
- حسنا . أنا في الثامنة عشرة ، وثمانية أشهر .. ولم يكن لديّ عمل آخر . في الواقع لم أنه بعد درس السكرتيريا في المدرسة ، وعليّ أن أجتاز الامتحان النهائي بعد شهر .
والتقطت حقيبتها ثم اتجهت إلى الباب :
- أنا آسفة لأنني خدعتك وضيّعت وقتك سيد دايفدسون .. سأقابل السيدة وايت ، وأنا خارجة لأخبرها ..
وكانت في منتصف طريقها إلى الباب ، فقاطعها صائحا :
- توقفي !
وتوقفت جامدة في مكانها ، ووجهها إلى الباب ، صوته كان له تأثير غريب عليها ، وسألها متوترا :
- أين تظنين نفسك ذاهبة الآن ؟ هناك شيء يجب أن تتعمليه يا فتاتي ، إذا كنت ستعملين لديّ ، وهو الهدوء ، وعليك أن تتخلصي من عادة القفز والجري نحو الباب عند أقل إثارة .
واستدارت ببطء شديد .
- أتعني .. أنك لا زلت تريدني سكرتيرة لك ؟
- على الأرجح أحتاج لفحوصات لرأسي ، ولكن أجل ، أنا مستعد للمجازفة . ارجعي واجلسي وأخبريني لماذا اخترعت تلك القصة .
وعادت لتجلس على الكرسي المقابل له ، وعضّت على طرف إصبعها ، وهي عادة تقوم بها عندما تفكر .

من بعدك لا احد _كارول رومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن