5_طفلة تكبر بسرعه

7K 139 1
                                    

وصلت جودي إلى المكتب في الصباح التالي لتجده خاليا . كان هناك عاملان في زيهما الأزرق ينقلان الطاولتين الخشبيتين الكبيرتين . واختفت الكراسي وخزانات الملفات ، والتعليقة الخشبية القديمة ، وطبعا الكومبيوتر ونظر إليها هال من فوق كتفه ، من حيث كان يقف قرب النافذة يقرأ رسالة :
- حسنا .. هل قررتِ ما إذا كنتِ ستقبلين مواجهة تحدي المدينة الكبيرة ؟
- إذا أردتني أن أعمل في لندن سيد دايفدسون ، فأنا مستعدة .
- شكرا لك لهذا التنازل الكريم .
صوته كان يحمل رنة سخرية ، ولكنها لاحظت فيه نبرة انتصار أيضا .
فهو رجل لا يحب أن يرفض له طلب . وطوى الرسالة ووضعها في مغلفها . الرسالة والمغلف كانا بلون ليلكي فاتح . وشمّت جودي رائحة عطر كانت متأكدة أنه لا ينبعث من هال دايفدسون.
- لنضع بعض الخطوط إذا . من الواضح أنه لم يعد هناك ما يمكن عمله هنا اليوم . لذا أقترح أن تعودي إلى المنزل يا جودي وتوضبي أغراضك ، سوف أوصلك بعد الظهر عند باربرا . إنها بانتظارك . اذهبي الآن وسآخذك من منزلك حوالي الساعة الخامسة . ما العنوان ؟
منتديات ليلاس
وشعرت جودي :ان الأرض انشقت ، وظهرت أمامها هوة عميقة ، ولكنها استجمعت شجاعتها لتقول :
- لست واثقة من أنني سأكون جاهزة عند الخامسة . وافضل أن لا تأخذني من منزلي .
- ولماذا .. للأمرين معا ؟
- حسنا .. أنا .. ليس لديّ ثياب مناسبة للعمل في لندن . كنت سأشتري بعض الثياب أولا ..
- هذا أمر سهل .. بإمكانك شراء ما تريدين عندما تصلين لندن . وهناك مجال أوسع للاختيار ، وباربرا تعرف أفضل المحلات وستساعدك .ولماذا لا تريدين أن آخذك من المنزل ؟
- لأنني أشك إذا كانت أختي ان تود رؤيتك .
- حقا ؟ ألا زالت تحقد عليّ ؟
- لا .. ولكنني أعتقد من الأفضل أن أستقل سيارة أجرة واقابلك في أي مكان تشاء .
- حسن جدا . إذا كان هذا ما تريدينه . تعالي إلى شقتي .
وكتب لها العنوان وأعطاها الورقة .
- لا تـتأخري .
قد تتمنى جودي الموت قبل أن تتأخر .. وأوصلها التاكسي إلى خارج المجمع السكني ، في الضاحية الراقية من البلدة ، والساعة على وشك أن تصبح الخامسة . وكان هال يقف قرب سيارته . وتقدّم ليدفع إلى السائق قبل أن تتمكن من إخراج حقيبة نقودها . ووضع حقائبها في صندوق سيارته المرسيدس قرب حقائبه .
وجلس أمام المقود ، ومال جانبا ليفتح لها الباب من الداخل .
ولم يبدو بأنه ميال للكلام . وأمالت جودي رأسها على ظهر المقعد وحاولت أن تسترخي ، ولكن لم يكن الأمر سهلا . فقد بقيت متوترة وهي تتذكر آخر كلمات ماغي لها :
- حياتك بين يديك الآن يا جودي ، وسوف تنجحين ، أعلم هذا . ولكنني فقط آسفة ..
- آسفة على ماذا .
- يجب أن أقول يا حبيبتي ، أنا أسفة على أنك ذاهبة إلى لندن مع هال دايفدسون .. إنه ليس مناسبا لك .
وضحكت جودي وضغطت على ذراع ماغي :
- ماغي ! .. أنا ذاهبة للعمل معه ، وليس للزواج منه .
وشاركتها ماغي الضحك .
- أتمنى أن لا يحدث هذا ! فلن أحب أن يصبح هذا الرجل صهري ..
ونظرت جودي جانبيا إلى وجه الرجل الذي إلى جانبها ، وأحست بانقباض خوف في داخلها . لقد قالت ماغي إن حياتها الآن بين يديها ..
ولكن يبدو أن هال دايفدسون قد أمسك زمام حياتها ما بين يديه ، وهو يفعل ما يريده بها . كل ما طلبه منها حتّى الآن وافقت عليه . والتفت إليها قائلا :
- أرجو أن لا تكوني حساسة تجاه السرعة الزائدة ؟
- لا أعلم .. لم أركب مثل هذه السيارة السريعة من قبل .
- إذا يجب أن أعلمك .
وابتسم ، ثم نظر في المرآة أمامه ، واتجه بالسيارة إلى الممر المخصص للسرعة . وانطلقت السيارة كقط كبير ، وهي تتخطى السيارات الأخرى على الطريق ، واتجهت عينا جودي إلى لوحة السرعة : تسعون .. خمسة وتسعون .. مئة ميل تقريبا في الساعة . ولم تكن تعرف شيئا عن حدود السرعة ، ولكنها خمنت بأن هال قد تجاوز الحدود دون شك . أصابعه كانت ثابتة ولكن دون توتر ، على المقود ، واستوى على مقعده مرتاحا .
وبدا عليه الاستمتاع ، وبعد بضع دقائق بدأت جودي تستمتع بدورها وجالت في رأسها أفكار كثيرة لم تختبرها من قبل ، وشعرت بالحيرة مما تتوقعه ، وأخذت مخاوفها وندمها لترك المنزل تتزايد .
عندما اقتربا من لندن . علقا في زحمة سير . وهكذا خفف هال من سرعته وسألها :
- حسنا .. هل استمتعتي بالسرعة ؟
- أوه .. كانت رائعة ! لم أحصل على مثل هذه الإثارة منذ أن ذهبت في رحلة مدرسية على متن طوافة بحرية إلى " بلاك بول! "
فضحك عالياً :
- كم أنت طفلة يا جودي ! أشعر وكأنني اختطفتك من مهد طفولتك وأبعدتك عن منزلك .
وتبخر كل ما تشعر به من سرور . أمر سخيف ان يقول هذا . وقالت بتصلب :
- أنا أتعلم بسرعة .
الساعة فوق لوحة السيارة كانت تشير إلى السادسة والربع . واعتقدت جودي أن هذه ساعة الازدحام ، وهكذا كانت بالفعل . وتأثرت بإعجاب بالطريقة التي سيسطر بها هال على سيارته الضخمة خلال الزحام . واخيرا
استدار إلى باحة واسعة ، وأوقف السيارة بمهارة في أحد الامكنة القليلة الفارغة ... وقال لها :
- سأوصلك إلى فوق وأتاكد من استقرارك براحة .
وأخرج حقائبها من السيارة . وتوجه إلى لوحة طويلة عليها العديد من الأسماء قرب المدخل ، وضغط على أحد الأزرار . وعندما لم يتلق ردا قال : 
- يبدو أن باربرا لم تعد بعد .. سوف ندخل الشقة لوحدنا .

من بعدك لا احد _كارول رومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن