السراب

الليلة الثالثة

عندما استيقظت كنت في منتصف الليل .. لم أعد أميز الليل عن النهار أنا فقط أمشي إلي اللانهائية .. حتي موتي ..... عندما نقترب من الموت يكون الجدار بيننا و بين الموتي هش .. تكون أرواحهم قريبة مننا .. و أنا لدي حصيلة منهم لقد قتلت الكثيرين أكاد أري أرواحهم و هي تبتسم فرحاً بعذابي ، و أكاد أري حسن أمامي يشفق علي حالي و علي ما جنيته علي نفسي ... أحياناً يكون علينا فقط أن نتقبل الواقع المر كما هو ولا نحاول أن نجمله بطريقة خاطئة .. علينا تقبل أنفسنا لنعيش لا نعيش لتقبل أنفسنا
لقد تذكرت أن عندما مات حسن إدعيت أنني أنا حسن و مرت الكذبة و صدقها والداي لا أعرف كيف ... كيف صدقت أمي أنني حسن و أن من مات هو حسين أنا ، كيف أرادو بكل قوة أن أكون أنا الأخ الميت كيف تقلبت أمي ذلك الأمر .. الأم التي تستطيع أن تميز أفكار ولدها قبل أن ينطق بها لقد اختلط علي أمي الأمر ،،، صدقت أنني حسن و صدق أبي و صدق الجميع ... لم أعد أتذكر بفاعلية هل أنا حسن أم حسين عندما حزنت جداً وانهرت علي أخي ... لكن الموت قد يكون في لحظات ولا نعلم كم هو قريب منا إلا عندما يخطفنا..
هكذا مِتُ أنا و ولد حسن من جديد .. عشت حياتي مقتنعاً أني حسن عشت حياة أخي ولم أتوقع أن حسين يعيش بداخلي لم يموت
عندما خرجت من المستشفي لم أكن أمثل أني حسن بل كنت مقتنعاً أني حسن الحادث أصاب دماغي ففقدت ذاكرتي بشكل مؤقت هذا ما صدقته و عشت حياة حسن المتدين الخلوق البار بوالديه الذي يعمل بالنهار مدير مبيعات في شركة أدوية ...
ظللت أهرب من ذكرايتي و هي تطاردني ذكريات حسين .. كيف أشعر بذكريات حسين و أنا حسن ... رافضاً تصديق أن حسن مات و أنني حسين
كان يجب أن أستيقظ لكنني هربت من واقع موجود إلي واقع موازي لا يراه أحد غيري ........ المريض النفسي هو الشخص الذي يرفض الواقع الذي يصدقه الجميع و يصدق الواقع الذي يزيفه ... بالنسبة إلي صار الجوع يقلب ذكرياتي بين أوهامي ... لم أعد أعلم الحقيقة من الوهم ... لم أعد أميز الحقيقة عن السراب ... هل حدثت تلك الأحداث التي أتذكرها أم هي أحداث كنت أتخيلها و كانت في عقلي لا أراها و أخرجها جوعي
لا تتوهو مني ... لأنني بعد الحادث صرت مريض نفسي صعب العلاج