الفصل الحادي عشر

12.2K 416 6
                                    

(الفصل الحادي عشر)        
دلف كريم إلى الغرفة ليجدها تحدث نفسها بتبرم فاقترب
منها ببطء ثم لفها بذراعيه وهو يهتف ضاحكا:
"هل تحدثين نفسك حبيبتي؟! هل أثارت حنين الصغيرة
جنونك لهذا الحد؟"
أجابته مبتسمة:"لا تظلم ابنتي كريم, فهي لا ترهق أحدا
مثل خالتها حنين"
قطب بحيرة قائلا:"إذا ما بكِ؟ ولِمَ تحدثين نفسك؟!"
أجابته بحنق:"تلك ال... سمر لم أرَ بوقاحتها قط "
هتف بجدية:"ماذا فعلت لك تلك المرأة؟! هل...."
قاطعته عبير وهي تضمه إليها:"لا تستطيع فعل شيء لي
حبيبي ولكنها تتحدث بوقاحة منقطعة النظير"
هتف بحيرة:"لا أفهم عبير! ثم أين رأيتيها من الأساس حتى
تثير حنقك هكذا؟! هل جاءت لتبارك لكِ؟!"
"لا ولأحمد الله على ذلك.. كنت أهاتف حسام فأجابت هي
على هاتفه لتخبرني أنه بالحمام وتضيف بوقاحة أنه لم
يستطع الصبر عندما رآها"
ضحك كريم عاليا وهو يضمها إليه ثم قال بخبث:"إذا أنتِ
غيورة فقط حبيبتي.. لا تحزني دعينا نترك حنين مع
جدتها الليلة ونحظى بليلة بمفردنا لتهاتفي سمر في اليوم
التالي وتثيري غيرتها أنتِ أيضا"
شهقت بخجل وهي تضربه على كتفه وتدفن رأسها في صدره
أكثر وهي تهتف:"وقح!"
قال بجدية:"حسنا.. لقد فكرت حقا أن نترك حنين
الصغيرة مع عمتها اليوم فأنا أشعر بالفرحة التي تغمرها وهي
معها"
"أولا هي خالتها وليست عمتها.. ثانيا أخشى أن ترهقها فهي
رغم هدوئها إلا أنها لا تنام إلا لقليل من الوقت.. ثم أني
سأخجل أن أترك ابنتي لأصعد معك بمفردنا أمام الجميع"
ضحك عاليا ثم شاكسها:"أولا حنين تكون خالتها وعمتها
بنفس الوقت.. وثانيا لن ترهقها فابنتك مثل عمتها هادئة
ولا تتعب أحدا معها.. أما عن الخجل فلا تقلقي..."
غمزها وهو يستطرد:"فالجميع يعلم معاناتي في الأيام
الماضية حتى أن والدتك أخبرتني أكثر من مرة أن أترك
حنين معها حتى نستريح قليلا من عنائها"
صمت قليلا ثم أضاف غامزا:"وقد راقني الاقتراح وأريد
تنفيذه الليلة, وسنغيظ سمر معا غدا"
اتسعت عيناها وضربته وهي تهتف:"أنت.. أنت.. ألا تخجل؟"
ضحك عاليا وهو يضمها هامسا:"لقد ولّى زمن الخجل
حبيبتي" .
****
تحسنت حالتها كثيرا منذ انهيارها بين ذراعيّ حنان والدة
شريف.. وكأنها كانت تحتاج للانهيار والإفصاح عما بداخلها
حتى تستعيد قواها مرة أخرى .
ومن يومها وزيارات حنان أمر لابد منه بعيدا عن شريف ورغبته
في الزواج بها والتي حارت كثيرا في تفسير أسبابها!
فلماذا يريد الزواج منها وهو يعلم ما عانت منه قبلا؟!
وعبير تمزح معها قائلة (القلب وما يريد)
فهل حقا قلبه من اختارها؟! وهل سينتابه الندم إذا تحققت
رغبته ووافقت على الزواج منه؟!
أفضل ما حدث لها هذه الفترة هو العمل الذي ساعدها شريف
على الالتحاق به.. غيّر حياتها بكل تأكيد خاصة أن
مديرها بالعمل يمتلك حس دعابة يجعل الابتسامة لا
تفارق شفتيها طوال الوقت حتى أن شريف قد وبّخه ذاك
اليوم ..
"كفى معتز, لا ترهقها بدعاباتك التي لا تنتهي"
قالها شريف بخشونة فسألها معتز:"هل ترهقك دعاباتي
حنين؟! هل يضايقك أسلوبي؟!"
ابتسمت حنين بخجل وهي تحرّك رأسها أن لا.. ليحرّك
حاجبيه لشريف قائلا:"هل رأيت؟! لا يضايقها أسلوبي..
فقط هناك من يغار مني أو عل..."
قاطعه شريف بحدة لتهرب هي من أمامهما وقلبها ينبض بقوة
تتساءل هل حقا يغار عليها شريف؟!
هل حقا يحبها لهذا الحد أم أنها تعيش حلما لطيفا تخشى أن
تفيق منه فتجده سرابا!
صدح صوت من داخلها يسألها:( وأنتِ حنين؟! ما هي مشاعرك
تجاهه؟! هل بهجة فقط لذلك الإحساس الذي يثيره
داخلك؟! أم أنكِ على طريق العشق كما قالت لكِ عبير
الخبيرة بأمور العشق كما تطلق على حالها!
ولكنها تشعر أنها لم تتعافى بعد!
هي تخشى ظهور عماد والذي هي أكيدة منه ..
هي تفهمه جيدا فتلك السنوات التي عاشتها معه على الرغم
من قلتها إلا أنها عرفته جيدا وفهمت تفكيره.. هو يخشى أن
تخبر أحدا عن أسراره التي كان يلقي بها أمامها ظنّا منه أنها
لا فكاك لها من بين يديه.. ولكن عندما تسربت من بين
يديه أصبح يخشاها ويخشى أن تفصح عمّا تعرفه.. وهي بالفعل
فكرت أن تخبر شريف بكل ما تعرفه عنه وعن
تجارته غير المشروعة ولكن...
لكنها تخشى على شريف!
صدمها تفكيرها.. تخشى عليه ممن؟! ولماذا تهتم به أو حتى
تخشى عليه؟!
أهو رد فعل منها على شهامته معها؟
أم هو رد فعل من قلبها الذي نبض باسمه؟!
أم هي الفوضى بمشاعرها والتي لا تعرف لها نهاية؟!
قاطع أفكارها طرق على باب غرفتها ولم ينتظر الإذن بل فُتِحَ
الباب ودلف منه آخر شخص أرادت رؤيته في هذه اللحظة!
دلفت سمر إلى الغرفة بوقاحتها المعتادة وهي تنظر لها بعلو
بادرتها سمر:"مرحبا حنين كيف حالك؟"
"بخير شكرا لكِ"
فاجأتها قائلة:"هل تفكرين بالعرض؟!"
رمقتها حنين بدهشة وهي تقول:"ماذا؟!"
ابتسمت بسماجة وهي تقول:"لا تندهشي كثيرا.. أنتِ تعملين
بالطبع أن حسام لا يخفي عني شيئا وقد أخبرني عن عرض
السيد شريف"
قالت بهدوء:"هل تقصدين رغبته في الزواج بي؟"
ابتسمت بسخرية قائلة:"ظننتك أذكى من ذلك حنين.. هو
في الظاهر عرض زواج ولكنك بالطبع لن تصدقي أن رجلا
ك شريف يريد الزواج منكِ"
ابستمت بخفة وهي تقول:"ولماذا؟! ألا أليق به بنظرك؟"
هتفت بسخرية:"رجل مثله يريد أنثى حقيقية وليست فتاة
صغيرة ساذجة مثلك ولكنه ذكي.. أراد النفوذ فاختارك
ليصل إليه عن طريق خالك"
كادت تضحك عليها فمن الواضح أنها لا تعلم من يكون
شريف حقا.. فنفوذه أكبر من خالها بمراحل ولكنها ستتابع
معها لعبتها على الرغم من شعورها بالجرح وهي تنطق بما
فكرت به قبل قليل.. فشريف بالفعل رجل جذاب للغاية ولا
تقصد مظهره فقط بل شخصيته.. فشخصيته جذابة كثيرا
وقادرة على جذب أي أنثى أفضل بكثير منها فلماذا هي؟!
رأت سمر أن جهودها قد أثمرت كالعادة فنهضت مودعة إياها
وهي تهتف:"فكري جيدا حنين وإلا ستصبحين مطلقة للمرة
الثانية عزيزتي"
قابلت عبير أمام باب غرفة حنين فعقدت عبير حاجبيها
متوعدة إياها لو كانت ضايقتها بأي شكل من الأشكال فهي
لا تطيق رؤيتها من الأساس .
حيّتها سمر ببرود وتابعت طريقها فدلفت مسرعة لتجد حنين
جالسة على الفراش ولا يوحي وجهها بشيء ..
سألتها أن كانت ضايقتها بشيء فابتسمت لها مطمئنة وهي
تقول:"على العكس تماما فإن حديث سمر قد نجح فيما
فشلتم به جميعا"
نظرت لها بدهشة وهي تهتف:"ماذا تقصدين حنين؟!"
"أقصد أنني قررت الموافقة على الزواج من شريف" .

 بين مخالب الشيطان (مكتملة) بقلمي حنين أحمد (ياسمين) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن