الفصل الثالث عشر

12.7K 429 11
                                    

(الفصل الثالث عشر)
عادت إلى شقتها والحقد يعتمل بقلبها.. تلك الفتاة الساذجة
المطلقة تحظى بمثل ذلك الرجل الجذّاب وهي.. تُحتَجَز مع
ذاك الضعيف حسام!!
وما يضايقها أن الجميع يعاملها كأنها فتاة لم يسبق لها الزواج
وليست مطلقة على وشك الزواج للمرة الثانية..
فالمطلقة لا تحظى سوى بمطلق مثلها أو أرمل أو رجل كبير
بالسن نسي الزواج فتذكره بعد فوات الأوان أو رجل لديه
أطفال يريد امرأة لتربيتهم فيتزوج بدلا من اإضار مربية
لأطفاله ولكن تلك ال.. حنين لديها حظ غريب.. فستتزوج
رجلا شديد الجاذبية لم يسبق له الزواج.. ويكاد يحلّق
ووالدته فرحا بها!
فلماذا تمتلك تلك المرأة ذلك الحظ ولا تمتكله هي؟!
ولكنها لن تتركها تسعد بكل ذلك وستنغص عليها حياتها
بل وستسلبها زوجها إذا استطاعت .
على الجانب الآخر كان حسام يشعر بالغيظ.. فها هي حنين
ستحظى بزوج وهو من خطّط لجعلها توافق على أن تكون
زوجة ثانية مستغلا الظروف التي تمر بها واحتياجها لرجل
بجانبها..
وما يثير حنقه أكثر السرعة التي يتم بها هذا الزواج!
لماذا يتحرق ذلك الرجل للزواج من حنين بتلك السرعة؟!
هو لا ينكر أنها جميلة ورقيقة وتثير في النفس إحساسا
بالرجولة  والحماية.. وهذا ما يجذب لها أي ذكر وجذبه هو
نفسه بجانب حبها له ولكنها مطلقة!
والرجل لم يسبق له الزواج فلماذا هي خاصة؟!
عزم على معرفة السبب فلابد أن والده يعرف سبب تلك
السرعة التي تتم بها الأمور .
****
بعد مغادرة الجميع بارك لها وجدي وسمية مرة أخرى
وتركاها مع عبير وكريم الذي حمل ابنته وأخبر عبير أنه
سيسبقها لشقتهما..
التفتت عبير إلى حنين وهي تنظر لها نظرة غريبة فبادلتها
حنين النظرات ثم انفجرتا بالضحك معا بقوة لفترة قبل أن
تتمالك عبير نفسها وتهتف:"لم تدققي النظر حنين! أنتِ لم
تنظرِي للرجل إطلاقا!"
ضحكت حنين وهي تهتف:"يكفي عبير منذ رأيته اليوم وأنا
أنتظر تعليقك هذا.. فهي المرة الأولى التي أنظر له مباشرة
فأنا أخجل كثيرا للنظر له.. ثم أنني أخبرتك أنني لم أنظر
إليه بشكل جيد تلك المرة ما أدراني أن عيونه بلون السماء
الصافية.. وبشرته بيضاء جذابة وشعره الحالك السواد
بنعومة الحرير و......"
قاطعتها عبير بخبث:"حسنا لقد صدقتك.. هذه المرة أنتِ
حتما دققتِ النظر جيدا.. أخبريني حنين ماذا فعلتِ للرجل ما
إن انفرد بكِ حتى يعود ويطالب بزفاف الأسبوع المقبل بعد
أن اتفق مع والدي أن الزفاف بعد شهرين؟!"
تذكرت حنين عناقه فخفق قلبها بقوة واشتعلت وجنتيها ولم
تحتاج عبير أكثر من ذلك حتى تلكزها مازحة:"يبدو أنه
من فعل عزيزتي"
ثم تابعت بصوت رقيق حالم أضافت:"عمتِ مساءاً حنّة"
قالت حنين بخجل:"يكفي عبير ألا تخجلين؟!"
كانت على وشك الرد عندما قاطعها رنين الهاتف لتجده
كريم يستنجد بها فحنين قد استيقظت ولا يستطيع
التصرف معها بمفرده ..
زفرت عبير بحنق:"الرجال!!"
وغمزتها متابعة:"حسنا سنكمل حديثنا يوما آخر
حنين.. عيونه داكنة وأسمر. .يا إلهي بدأت أشك بقوة
نظرك"
صعدت لزوجها لتجد الطفلة نائمة فنظرت له بدهشة وقبل
أن تدرك ما يحدث حتى شعرت بيديه تفك حجابها وتمتد
إلى الفستان لتهتف به:"كريم..ماذا تفعل؟ هل تعمدت
الكذب عليّ؟"
قال كريم متذمرا:"ماذا أفعل؟! لقد استبد بي الشوق وأنتِ
بالأسفل تثرثرين مع حنين ولو تركتك لما رأيتك الليلة..
وأنا مشتاق عبير"
قالت بخجل:"كفى كريم.. ألا تخجل؟!"
ضمها كريم إليه وهو يهمس لها:"كفى دلالا حبيبتي.. لا
أستطيع الصبر أكثر من ذلك وها هي حنين قد نامت وكأنها
تشعر بوالدها"
أجابته بدلال:"أنا أريد النوم"
غمزها قائلا:"وأنا أيضا أريد النوم حبيبتي" .
***
بعد فترة استيقظا على بكاء الطفلة فنهض كريم وحملها
مهدهدا لها بحنو ثم أعطاها لعبير حتى تطعمها..
جلس بجانبها ينظر لهما بحنان وهو يهمس لها:"كيف هي
حنين؟ هل هي سعيدة برأيك؟"
"بالتأكيد حبيبي.. لو رأيت لمعة عيونها وهي تتحدث عنه
لظننت أنها واقعة بحبه منذ زمن طويل"
زفر بخفوت قائلا:"لقد شعرت بالذنب قليلا وأنا أضغط عليها
للموافقة على الزواج وعقد القران ولكني شعرت أن شريف
رجل يعتمد عليه وسيسعدها كما أنه يهيم بها عشقا"
ربتت على يده بحنو قائلة:"لا تلم نفسك حبيبي, حنين
تحتاج بالفعل لرجل يعشقها مثل شريف, رجل يستطيع أن
يعوّضها عن كل ما مرّت به فى زواجها الأول..
ثم إن حنين عنيدة فلو لم تشعر بالراحة تجاهه لم تكن
لتوافق مهما حدث"
"أرجو أن يمر هذا الأسبوع سريعا حتى يطمئن قلبي تجاهها"
عقدت حاجبيها بتساؤل:"ماذا تعني كريم؟ ماذا يحدث مع
حنين؟ هل هناك شيء لا أعلمه؟!"
قال بتردد:"لقد علمت أن انهيارها والحالة النفسية التي تبعته
كانت بسبب طليقها"
هتفت بدهشة:"وما الذي حدث حتى تتذكره بعد مرور تلك
الأشهر على طلاقهما؟!"
"لقد هاجمها ذلك اليوم وكاد يخطفها لولا اقتحام شريف
للمنزل ودخوله إليها.. فقد أخبره الطبيب يومها أنها استنشقت
مخدر قوي وهو ما جعلها تفقد الوعي وقتها"
شهقت عبير بخوف:"يا إلهي! هل وصل إليها بداخل الفيلا
كريم؟!"
ثم تابعت وهي تهز رأسها إدراكا لما كان يحدث من قبل
طوال الفترة السابقة ولم تفهمه:"لذلك صممت على وضع
رجال الأمن هؤلاء بكل مكان في الفيلا؟!"
هزّ رأسه وهو يقول:"لا.. فشريف هو من أحضرهم بعدما أخبرنا
بظنّه أن طليقها هو من حاول أن يخطفها بذلك اليوم.. حتى
أنه أكّد علينا ألا يعرف أحد عن الموضوع وألا نتكلم مع
حنين بذلك الموضوع"
قالت عبير بخوف:"ما هذا الرجل المهووس؟! لذلك لا تترك
حنين تخرج بمفردها أبدا؟!"
أومأ كريم برأسه موافقا بصمت فهو لا يستطيع إثارة خوفها
أكثر بقول الحقيقة التي أثارت خوفه هو شخصيا..
حقيقة طليق أخته الصغيرة والذي اكتشف أنه مجرم دولي
ومطلوب بأكثر من دولة.. فهو لم يترك شيئا لم يتاجر
به.. بداية من الأعضاء البشرية مرورا بالمخدرات وحتى
الاتجار بالأعراض .
بعدما نامت عبير وابنته ظلّ مستيقظا لبعض الوقت وهو
يفكر أنهم السبب بوقوع حنين بيد ذلك الشيطان عماد...
لو أنهم تحروا عنه أكثر!
لو أنهم اهتموا أكثر !
وآآآه من (لو) مدخل الشيطان والتي تفتح أبواب الجحيم!
****
بعدما أبدلت ملابسها استلقت على الفراش وهي تفكر
بزوجها.. لأول مرة تشعر بجمال تلك الكلمة.. لقد استطاع
شريف بلحظات قليلة أن يشعرها بالأمان والاهتمام الذي لم
تشعر به طوال سنوات ..
ابتسمت وهي تتذكر صوته الرخيم وهو يصف رؤيته لها
ومشاعره تجاهها وهي تشعر أنها تحلم بالتأكيد.. فلم تعتد
على كل تلك السعادة.
لم تفهم كيف ومتى أحبته؟!
شعرت كأنها كانت تحبه طوال حياتها.. وكأن حبه وُلِدَ
بداخلها مع ولادتها!
نعم هي تشعر أنها وُلِدَت من جديد بدخول شريف حياتها..
فكما أن الولادة تستلزم آلام المخاض لتبدأ حياة جديدة
فولادتها أيضا استلزمت الكثير من الآلام النفسية والجسدية
حتى قابلت شريف فوُلِدَت من جديد.
كلما تذكرت كلماته وهمسه حتى لمسته تجد الابتسامة
ترتسم على شفتيها تلقائيا واندهشت كثيرا من حالها!
فكيف لم تشعر بالخوف من اقترابه منها بذلك الشكل؟!
توقعت أن تشعر بالخوف أو الاشمئزاز من اقترابه ولمساته
ولكنها لم تشعر بذلك بل شعرت بال..... شوق!
نعم.. كأنها كانت تنتظره طوال حياتها لتشعر معه بتلك
المشاعر التي أذابتها بين ذراعيه..
بل هي تمنت أن تظل بين ذراعيه طوال حياتها..
فوقتها لم تشعر سوى بالأمان والحب والحنان المتدفق منه
إليها..
كل تلك الاحاسيس جعلتها تشعر مكانها الطبيعي والتي
خلقت لأجله هو بين ذراعي شريف .
****
ولم يكن حاله أفضل من حالها..
فقد كان شريف يعيش حالة من العشق كلما تذكر وجهها
المشتعل من الخجل وهو يقترب منها أو طعم شفتيها على
شفتيه أو ملمس جسدها الملاصق لجسده كلما زاد شوقه
إليها ودعا الله أن يقرّب الأيام ويمر ذلك الأسبوع سريعا حتى
تكون بمنزله..
كان قد ذكّر نفسه بألا يتسرع وأن يتعامل معها برفق ولكن
وجودها بين ذراعيه بذلك التناغم الذي شعره معها قضى
على كل تعقل به.. لم يستطع إلا أن يتذوق رحيقها
ويستنشق عبيرها وليته ما فعل..
فقد ازداد شوقه اإيها أضعافا ولا يعرف كيف سيصبر أسبوعا
كاملا!
تناول هاتفه بلهفة ليهاتفها علّ سماع صوتها يخفف قليلا من
شوقه إليها.. لم تكد تفتح الخط حتى بادرها:
"أفتقدك بجنون حنّة"
نبض قلبها بقوة وهي تتلعثم بالحديث ولا تعرف كيف تجيبه
فصمتت بالنهاية ليسمع صوت انفاسها فأغمض عينيه يتخيل
تلك الأنفاس تلفح وجهه فأردف:"أحبك حنّة.. أحبك
بجنون"
عضت على شفتها بقوة وهي تحاول منع تلك الكلمة التي
أرادت أن تقولها له من أعماق قلبها ولم تلبث أن خرجت من
فمها لتزيد جنونه:"أنا أيضا أحبك شريف.. ولم أعرف ماهية
الحب قبلك"
ازدادت سرعة تنفسه وهو يهتف بها:"ماذا أفعل بكِ؟! هل
أحضر إليكِ الآن وأثير فضيحة فيطردني خالك!"
ضحكت بنعومة ليزداد همسه جنونا وهو يقول:
"حسنا حنّة.. اضحكي بقدر ما تشائين, فلن تستطيعِ الإفلات
مني بعد ستة أيام"
شهقت بنعومة وهي تهتف:"تصبح على خير زوجي العزيز" .

 بين مخالب الشيطان (مكتملة) بقلمي حنين أحمد (ياسمين) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن