الفصل السادس عشر

13.3K 378 3
                                    

(الفصل السادس عشر)

بعد مرور شهرين
لا تعلم لِمَ تشعر بالخوف!
تشعر أنها مراقبة ولا تعرف كيف!
تحاول أن تبعث الطمأنينة بداخلها بقولها أن الحراسة التي
وضعها لها شريف هي السبب ولكن... دون جدوى
تشعر بدنو أجلها.. وتخاف من أدنى حركة حولها..
فقررت أن تكتب كل شيء وتتركه بمكتب شريف.
وكتبت.....
كتبت كل ماتعرفه وما سمعته من عماد عن أعماله غير
المشروعة..
صفقاته,
الناس الذين يتعامل معهم,
الأماكن التي يتردد عليها..
حتى المصارف التي ينقل لها أمواله بعيدا عن العيون كتبت
عنها.. فهي لم تكن فقط تعيش معه على الهامش بل كانت
تجمع كل ما تطاله يدها حتى يحين الوقت المناسب
للفكاك من بين براثنه.
وضعت تلك الأوراق بظرف وكتبت عليه هام للغاية وكتبت
اسمها عليه..
هاتفتها سمر على غير العادة لتخبرها أنها تمل كثيرا وأن
الحمل يجعلها عصبية وتريد أن تخرج لتريح أعصابها بمكان
هادئ وتريدها أن تذهب معها..
في البداية اندهشت وكادت ترفض ولكنها تذكرت ما
تعاني منه على يد حسام ابن خالها فشعرت بالتعاطف معها
وقررت الخروج..
هاتفت شريف لتجد هاتفه خارج الخدمة فبعثت له برسالة
وأخبرت حنان أنها ستخرج مع سمر لتغيّر جو .
وصلت لها سمر بسيارة أجرة فصعدت بجانبها وهي تسألها أين
سيارتها؟! لتجيبها أن حسام منعها من استعمالها حتى الولادة
خوفا عليها من قيادتها المتهورة..
وفجأة شعرت أن هناك غشاوة على عينيها فحاولت الاستنجاد
بسمر فتفاجأت بغيابها عن الوعي أيضا وقبل أن تستطيع فعل
شيء غابت عن الوعي ولفّها الظلام.
****
دلف إلى طابقهما مسرعا يكاد يجن..
لقد مرت بضع ساعات على خروجها وهاتفها مغلق ولم تعد
حتى الآن.. لا يحتاج لذكاء حتى يعرف أن ذلك الرجل قد
اختطفها.. ولكنها ليست بمفردها تلك المرة فقد كانت
معها زوجة حسام ابن خالها..
تلك المرأة التي لم يتقبلها أبدا ورغم ذلك حالة حسام
ووضعها جعلاه يصمت أمام أي اتهام لها بمساعدة ذلك الرجل
ذلك الاتهام الذي نطقت به عبير غير عابئة بحالة شقيقها
وقد وافقها بداخله بقوة ولكنه لم ينبس ببنت شفة أمامهم.
توجه إلى غرفة المكتب خاصته ليبحث عما أخبرته به
والدته فحنين بعد أن خرجت عادت مرة أخرى لتطبع قبلة
طويلة على وجنتيّ والدته وهي تخبرها أنها تركت لشريف
هدية في المكتب .
تساقطت عبرات حنان وهي تهتف له كأنها كانت تودعني,
كأنها تعلم بانتظاره لها رغم مرور كل ذلك الوقت!
وجد الظرف بسهولة وتعلقت عيناه بالسطور يلتهمها التهاما
علّه يجد بها ما ينقذ حبيبته من براثن ذلك الذئب..
بعدما أنهى قراءة الأوراق قام باتصالاته ليتم مهاجمة كل
الأماكن التي ذكرتها حنين في الدراسة .
ندم كثيرا أنه لم يسألها عما تعرفه عن ذلك الرجل قبل
الآن..
ولكنه أرادها هي أن تخبره بكل شيء بمفرها..
وها هي النتيجة.. اختطفها النذل ومن أمام منزله.
سقطت ورقة صغيرة من الأوراق التي انتهى لتوّه من قراءتها
فالتقطها ليجدها رسالة من حنين ففتحها بلهفة وعينيه تمر
على السطور ليشعر بالصقيع يغزو قلبه..
"حبيبي شريف..
لم أقولها لك بلساني سوى مرة أو اثنتين ولكني أقولها لك
بقلبي على الدوام.. أنت منحتني كل شيء.. الحب والأمان
والاهتمام وحتى القوة اللازمة لمواجهة مصيري المحتوم..
نعم حبيبي أنا أعرف أنه يتربص بي وسيصل إليّ حتما..
فهو قد همسها لي تلك المرة عندما هاجمني بمنزل خالي,
قال سأعود من أجلك.. انتظريني
ورغم انتظاري له لم أستطع أن أمنع نمو الجنين الذي ينمو بين
أحشائي والذي أشعر به قبل أن أتأكد من وجوده..
أشعر به كما شعرت بحبك قبل أن أدرك أنني أحبك
بالفعل.. لم أستطع إلا أن أخبرك بوجوده رغم أننا سنموت
معا عندما يصل إلينا الشيطان.. فهو لن يرحمنا وأنا لن
استسلم سوى بموتي ..
لا أريدك أن تحزن من أجلي شريف.. أريدك أن تتابع
حياتك من بعدي فأنت حبيبي لم تقصّر بشيء تجاهي أبدا..
اعتني بنفسك حبيبي وبوالدتك التي أصبحت والدتي منذ
اللحظة الأولى التي رأيتها بها..
لقد منحتوني ما كنت أفتقده طوال حياتي وأنا شاكرة لكما
على كل شيء فعلتاه من أجلي ..
الوداع حبيبي.. اعتني بنفسك لأجلي
                           حبيبتك:حنّة"
لم يلاحظ أن دموعه تتساقط سوى بعد أن شعر بيد تشد على
كتفه فالتفت ليجده كريم فلم يستطع التماسك أكثر من
ذلك فأجهش بالبكاء ليضمه كريم إليه مشاركا إياه
البكاء ومشاعر العجز داخلهما تحرق كيانهما.
***
عاد إليها وعيها فحاولت فتح عينيها ببطء وهي تشعر بالصداع
يجتاحها.. نظرت حولها لتستوعب المكان الموجودة فيه..
ابتسمت بسخرية من غباء هذا الرجل فهو أحد المستودعات
التي كتبه لشريف عنها في رسالتها..
ثم اصطدم بصرها بسمر الكامنة بقربها وهي تنتحب
بخفوت..
سألتها بهدوء:"أنتِ من ساعدتيه سمر أليس كذلك؟!"
نظرت لها سمر وإحساس الذنب يتآكلها والخوف يطغو على
ملامحها.. فنفضت حنين رأسها وهو تهتف لها:"كيف طاوعك
قبلك على تسليمي له سمر بغض النظر عن كرهك
الشديد لي فأنا عِرض وشرف زوجك!"
"لقد خدعني.. لم أعرف أنه سيضرّك.. لقد ظننته يحبك
ومهووسا بك"
"حتت ولو كان صحيحا.. أنا الآن زوجة لرجل آخر كيف
تفعلين ذلك بي؟ بل كيف تفعلين ذلك بنفسك؟!
تحملين جنينا بداخلك لابد أن تنمّي روح المسئولية لديكِ
أكثر من ذلك"
هتفت بخوف:"ماذا سيحدث لنا؟ ماذا سيفعل بنا ذلك
الرجل؟"
أجابتها بهدوء غريب:"أنا أعرف مصيري وما يريده لكن
أنتِ! لا أعلم ما يريده منكِ"
قاطع حديثهما دخول عماد وذلك الرجل الكريه مرة أخرى
ورغما عنها شعرت برجفة اشمئزاز تسري بداخلها وتساءلت هل
تمّ تفتيشها وأخذ سلاحها السرّي منها؟!
تلمست ملابسها بهدوء حتى لا تثير ريبتهما فوجدت سلاحها
مكانه فاطمأنت قليلا أنها ستستطيع الدفاع عن نفسها قبل
وفاتها .
نظر إليها الرجل الكريه نظرة أثارت غثيانها فحوّلت نظرها
إلى سمر التي كادت تصاب بالهستيريا وهي تصرخ بهما أن
يرحموها من أجل جنينها..
كادت تضحك ساخرة بالرغم من مأساوية الموقف..
فكيف لقلوب من يتاجرون بالبشر والأعراض أن تعرف
الرحمة؟!
أرادت أن تهدئ من روعها فلن يفيدها ما تفعله ولكنها لم
تستطع النطق بكلمة.. فبالرغم من تظاهرها بالهدوء إلا أن
القلق والخوف كان يتآكلا دواخلها بقوة وينخران أعصابها
ومشاعرها .
سمعت الكريه يقول لعماد:"تستحق مكافأة تلك المرة
عماد.. فقد أحضرت لي فاتح شهية حتى أستطيع التهام تلك
الحلوة بلقمة واحدة"
شعرت بالغثيان يجتاحها وهي تسمعه يتحدث عنهما بتلك
الطريقة ولم تستطع النظر إليهم فأشاحت بوجهها عنهما
ونظرت إلى سمر التي كانت على وشك الانهيار..
مسكينة سمر.. لم تتخيل بأسوأ أحلامها أن نهايتها ستكون
بذلك المستودع القذر وعلى يد الشيطان نفسه..
نظر لها بإعجاب رغما عنه.. فقد تخيل أنها ستنهار عندما
تستيقظ وترى نفسها بذلك المكان وخاصة عندما تراهما
ولكنها متماسكة بطريقة تثير الإعجاب حقا..
وتلك الثرثارة التي تنتحب دون توقف وتصرخ بهستيرية..
اللعنة عليها لِمَ أحضرها معه؟!
حسنا هو خشي أن تبلغهم بشيء قبل أن ينظم أموره..
أفاق على صوت رئيسه يخبره أن يغلق عليه الباب ويتركه
ليلهو معهما حتى يطرق الباب ليفتح له ..
ارتجف قلبها وهي تراه يقترب منها وأنفاسه الكريهة تلفح
وجهها فتشيح وجهها عنه بنفور فيهمس لها انه سينتهي مع
تلك المرأة أولا وسيكون لها بعدها ولساعات طويلة.
اقترب من سمر التي صرخت بقوة فأمسكها وقربها منه محاولا
نزع ملابسها ..
استغلت انشغاله مع سمر فاستلت السكين الذي تحمله معها
دائما من بعد مهاجمة عماد الأخيرة لها..
ثم صدح صوتها وهي تهدده أن يترك سمر حتى لا تقتله
التفت إليها ليرى السكين الصغير بيدها ليضحك ساخرا وهو
يترك سمر ويقترب منها و.... .
****
تم حصر كل الأماكن التي أبلغهم بها شريف واتجهت القوات
لتقتحمها وأبى شريف إلا أن يذهب معهم لعلّه يجد زوجته في
أحد تلك الأماكن..
وتوالت الاقتحامات والقبض على المجرمين.. ولم يتبق سوى
مكانين.. حار شريف مع أي قوة يذهب حتى أخرجه من
حيرته صديقه وهو يبلغه ان إشارة هاتف حنين توقفت
بالقرب من أحد المستودعات ليحسم أمره ويذهب معهم وهو
يدعو الله أن تكون هناك وأن ينقذها قبل أن
يحدث لها شيء .
***
عرف باقتحام الشرطة لكل الأماكن الأخرى واقترابهم من
المستودع وحار هل ينبه رئيسه؟ أم يستغل الفرصة ويتركه
للشرطة ويهرب هو ليكون الرئيس لمن معه؟
استقر على الهرب وترك الرجل لمصيره فهو يستحقه في
النهاية ولم يكد يبتعد قليلا حتى داهمت الشرطة المكان
وتم القبض على الجميع وتم اردائه بعدما قاوم قوات الشرطة.
***
اقترب منها ساخرا وهو يهتف بها:"هل تظنين أن تلك اللعبة
التي تمسكين بها تثير خوفي حلوتي؟"
ظلت تتراجع بظهرها حتى اصطدم ظهرها بالحائط فشهرت
السكين أمام عينيه وهو يبتسم لها وكأنه مغيبا لا يدرك
ما يحدث.. اقترب منها أكثر فحاولت طعنه بالسكين
ليمسك بيدها ويلويها خلف ظهرها ملتقطا السكين منها
ملقيا إياها بعيدا ويقرّبها منه لاهثا وهي تقاوم الإغماء
وتحاربه بقوة تخدشه وتضربه بكل ما أوتيت من قوة
وهو يزيد من قوته معها فيمسك بها ويضربها بقوة بالحائط
خلفها عدة مرات ثم يلقيها على الأرض ويجثو فوقها وهي
تحاول إزاحته ولكن الدوار يتمكن منها و......
تسقط فاقدة الوعي وهي تشعر بشيء لزج يسيل منها .
****
شعرت بالرعب وهو يقترب منها فأخذت تصرخ حتى شعرت
بحنجرتها تجرح بشدة ولكنها لم تستسلم أخذت تدفعه عنها
وهو كالجدار ثم وجدت حنين تدافع عنها بل وتشهر سكينا
لا تدري من أين أحضرته بوجهه حتى يبتعد عنها..
الساذجة ألا تعلم أنه سيسلبها اياها بكل سهولة..
ظلّت ساكنة حتى انشغل مع حنين فالتقطت السكين
واقتربت منه ببطء وانهالت عليه طعنا بكل قوتها..
ظلّت تطعنه حتى شعرت بمن يمسك بها ويأخذ منها السكين
فصرخت وصرخت بقوة حتى سقطت فاقدة الوعي .

 بين مخالب الشيطان (مكتملة) بقلمي حنين أحمد (ياسمين) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن