تمطّت " نعمات " بليونة في الكرسي المواجه للمرآة داخل غرفة نومها .. مالت بجسدها حتى كاد وجهها يلتصق بانعكاسه في الزجاج المصقول ... كانت تتأمل ملامحها بدقة .. مرت باطراف اناملها على جبينها العريض وهي تتلمس التجاعيد التي تتشكل في خطوط عرضية عميقة عندما ترفع حاجبيها الغليظين إلى أعلى ... احست بكآبة تحتلها فانزلت اصابعها الطويلة الى ركن عينها وهي تحسب عدد الخطوط الصغيرة التي تزايدت خلال الفترة الاخيرة ... ظلت على حالها فترة من الزمن يدها تتجول بلا وعي بين خدودها النحيلة واعلى شفتيها المكتنزتين وعنقها الطويل المشرب بالسمرة
اخيراً نهضت عن الكرسي وتمايلت يميناً ويساراً وهي تستكشف بعرفان تضاريس جسدها اللدن الذي كتم سر سنوات عمرها بمهارة ولم يفصح عن الاثنتنان وخمسون عاماً التي بلغتها منذ شهور ...
كانت شاردة الذهن .. تتنازعها مشاعر متناقضة بين الفرح والحزن ... ما يحدث في المنزل من تجهيزات زواج حفيدة زوجها أهاج شجونها وأعاد اليها ذكريات قديمة راحت تسترجعها بلذة خفية كانت في السابعة والعشرين عندما رأت حامد للمرة الاولى ... شريك والدها في تجارة الاخشاب والذي اصبح صديقه برغم فارق العمر بينهما .. سبقته سمعته اليها قبل ان تراه .. كان والدها يتحدث عنه باعجاب واحترام وهو يثني على ادبه ونشاطه والتزامه وجديته ... تدريجيا انتقل اليها الإنبهار بشخصية ود العمدة واصبحت تتلهف لمعرفة اخباره ...وبرغم علمها بزواجه من ابنه عمه وابوته لاربع بنات ... الا انها لم تكن تملك دفعاً لمشاعرها المتنامية ...
كان زواج شقيقها الاكبر سبباً في اول لقاء بينهما ... عندما راته بجسده النحيل وعينيه الحزينتين بلونهما المتمازج قفز قلبها ... وادركت انها واقعة في هوى هذا الرجل ما ان تلاعبت غمازتاه إثر ضحكة هادئة اطلقها تجاوبا مع إحدى دعابات ابيها ... عزمت على لفت نظره باي طريقة ممكنة ... فانتظرت حتى صدح صوت الفنان باغنية بطيئة الايقاع ودخلت حلبة الرقص بتصميم وهي تتباهى بشعرها الطويل الغزير الذي رفع عنه حظر الاختباء خلف الثوب إكراماً لزواج شقيقها ... أحنت ظهرها بليونة وفردت ذراعيها بدلال فنفر صدرها أمامها بعنفوان وهو يعلو ويهبط بتناسق تام مع حركات عنقها الطويل ... كانت ترقص برشاقة الغزال وعيناها تحدقان في النجوم فوقها بهيام .. تلاشى احساسها بمن حولها واصبحت ترقص له وحده ... كانت بين الحين والاخر تسترق النظر تجاهه لترى تاثير مهارتها التي اجبرت الجميع على التراجع والوقوف متفرجين فصارت وحيدة وسط دائرة من الانظار الشاخصة ... إختل توازنها لبرهة وجيزة عندما راته قادما نحوها برفقة ابيها ثم استعادت سيطرتها على حركاتها واخذت دورة كاملة اصبحت في نهايتها بمواجهته ... تمايلت باغراء كحمامة منتشية ... ثم خصته ( بالشبال ) دوناً عن غيره ... وعندما لاحظت ارتعاشة رموشه واحتباس انفاسه .. أدركت بانها قد وصلت الى مبتغاها ...
أنت تقرأ
حوش بنات ود العمده
Ficción General📝 بقلم: سناء جعفر روايه سودانيه جريئه غاصت داخل اعماق بعيده للحياه السودانيه المليئه بالتفاصيل المدهشه واخترقت خطوط حمراء كثيره كثيرا مايتحاشاها معظم الكتاب السودانيين انها رواية حوش بنات ود العمده للروائيه سناء جعفر فلنبدا معا هذه الروايه التي تحك...