أسابيع قليلة تفصلهم عن موعد الاحتفالات المدرسية في التمثيل والموسيقى. ستقام الحفلات في قلعة البافيون. انها قاعة حديثة تمثل صرعة في البناء المتجدد. أعطي للمهندس الحرية المطلقة في بنائها. وتتكون القاعة من ثلاث طبقات شيدت فوق بقايا آثار قديمة على ضفة النهر. وتحيط بالبناء حدائق كثيفة تتخللها ممرات ضيقة وفسحات واسعة ونوافير المياه المتناثرة هنا وهناك. كان سكان المنطقة فخوروين بهذا الصرح الفني، لأن القاعة مركز أدبي وفني يعرض فيه التلاميذ مواهبهم الموسيقية وكفاءاتهم التمثيلية مما يساهم في رفع المستوى الثقافي والفني لبيئتهم.
اتفقت لين مع تلاميذ الصف المنتهي المتحمسين ان تلتقيهم يوم السبت بعد الظهر في المدرسة، لتساعدهم وتدربهم في اتمام برنامج الاحتفال. كانت تمثيلياتهم وأشعارهم ضمن برنامج صفها قبل ان تجبر على تغيير اسلوبها في التعليم وتعود الى الطرق التقليدية.
منتديات ليلاس
كانو بستعملون المسجلة في بادئ الأمر. يتلون الشعر مع خلفية موسيقية من تأليفهم، ويستمعون الى نتائج عملهم ويقيمونه، واذا كان مرضياً تدربوا عليه بأنفسهم. بعضهم يعزف الموسيقى وبعضهم يتلو الشعر.
كانت لين ترتدي بنطلوناً أحمر بلتصق بجسمها مع كنزة حمراء تناسبه. دخلت المدرسة ولاحقتها عيون فريق رجال التنظيفات النهمة باستحسان وهي تمر بهم في الممر. دخلت غرفة صفها وحملت المسجلة من الغرفة المجاورة فوضعتها فوق مكتبها بانتظار وصول فريق السباب لمساعدتها في حملها. دخل التلاميذ الشبان..... وهم في الثامنة عشرة من عمرهم تقريباً. التفو حولها يحدقون بها ويتفحصونها كما يفعل الرجال الكبار أمام المرأة الجميلة. وصفر أحدهم اعجاباً. وقال آخر:
-يا إلهي! كم يليق بك هذا البنطلون ياآنسة هيوليت!
ثم دار حولها باعجاب. ضحك الجميع وضحكت لين معهم بروح طيبة. سألها احدهم:
-هل ستقابلين صديقك بعد التمرين ياآنسة هيوليت؟
-لا. سأذهب لمقابلة صديقة.
-ولماذا تهدرين كل هذه الشياكة من أجل صديقة؟
تقبلت لين تعتقليقاتهم وعبارات الاعجاب بروح رياضية. شعرت ان مزاجهم برئ وشاركتهم ضحكاتهم بصدق. ثم التفتت اليهم بجدية وقالت:
-هيا بنا الى غرفة الموسيقى.
حمل الشباب مجموعة مختلفة من الآلات الموسيقية التي سيحتاجونها. الكمان، القيثارة، الجيتار، السيكلوفون (آلة موسيقية مؤلفة من صف من القضبان الخشبية يعزف عليها بالضرب على هذه القضبان بمطرقتين خشبيتين صغيرتين) والمندولين والفلوكنسييل (آلة موسيقية مؤلفة من قضبان حديدية متدلية تضرب بمطرقتين). كذلك حضر معهم شباب الكورس الذين سيرافقون بأصواتهم الشابة الآلات الموسيقية. كان الشباب يتدربون على قراءة اشعارهم الجديدة والمبتكرة مع خلفية موسيقية.
كان حماس الشباب كبيراً. بقيوا يتدربون ساعتين دون كلل. ونسيوا انفسهم في العمل مما اضطر عامل التنظيفات المكلف بإغلاق غرفة الموسيقى ان يذكرهم بالوقت الذي شارف على الانتهاء، لأن عليه ان يقفل المكان قبل ذهابه.
منتديات ليلاس
شجعتهم لين وشكرتهم على جهودهم. كان سرورها كبيراً بالنتائج. ما قام به هؤلاء الشبان من الصف المنتهي، وهم في طريقهم الى التعليع الجامعي، كان مدهشاً. الشعر الذي ألفوه مبتكر وعميق، وقد كان تأثير الموسيقى عليه كبيراً مما اضفى على العمل الخيالي شكلاً دراماتيكياً ومسرحياً.
رتبت لين غرفة المسيقى بعد ان غادرها الشباب. لبست سترتها وقررت ان تتمشى الى بيت صديقتها ماري بدلاً من ركوب الباص. الطقس بديع وقد تركت سيارتها في الموقف قرب منزلها. وسارت على طريق النهر. كان لديها بعض فتات الخبز تود ان تطعمه للبط والأوز الذي يعيش في النهر. مدت ذراعها وهي تمسك بفتات الخبز في كفها، تنتظر وصول البط.
سمعت لين وقع أقدام خلفها ثم سمعت رجلاً يقول:
-أليسو جياعاً؟
قفزت لان مستغربة. لو تتوقع ان تلتقيه..... انه كريس. قال كريس يورك مبتسماً:
-أهلاً يا لين.
شعرت بانقلاب تام في ضربات قلبها حين ناداها باسمها الأول دون مقدمات. ثم أكمل:
-لا أفهم لماذا لاتنجذب هذه المخلوقات....... لماذا لاتحضر لتأخذ الخبز.
احمرت وجنتا لين خجلاً وهي تلحظ انجذابه اليها ومراقبته المتفحصة.كان يتصرف معها كتصرف الشباب المراهقين بعد الظهر ساعة التدريب. نفس نظرة الاعجاب والرضى.
-هل ستقابلين صديقك؟
ضحكت لين وهي تخبره ان تلاميذها الشبان سألوها نفس الؤال منذ ساعتين.
قال جاداً:
-لن استغرب ذلك. انك ترتدين طقماً خلاباً.
ثم عاود سؤاله:
-هل انت ذاهبة؟
-تقصد انني ذاهبة لملاقاة كين؟
هزت رأسها نفياً.
-انه يذهب الى نادي الشباب كل سبت بعد الظهر ويدربهم على لعبة الكريكيت (لعبة من ألعاب كرة المضرب) وكرة القدم. انا ذاهبة لزيارة ماري. دعتني لتناول الشاي وسأساعدها في تصفيف شعرها.
-لنجلس قليلاً على هذا المقعد الشاغر. أريد ان أتحدث معك. أردت الاتصال بك هاتفياً الأسبوع الماضي ولكن عملي حال دون ذلك. اعطيني هذا الفتات.
أخذ فتات الخبز منها ورماه بعيداً في النهر.
جلست على المقعد تنتظر جلوسه قربها وقد غمرها شعور غريب. نفس الشعور الذي يخالجها كلما كانت بصحبته. شعور بالخوف من ان تكون قد اقترفت ذنباً دون ان تدري، وشعر بالشوق. تساءلت في نفسها: هل اقترفت أي ذنب الآن؟ جلس ببطء وبدأ حديثه قائلاً:
-سألت المسؤول الاداري اذا كان يعرف نادياً للموسيقى في المنطقة كي انضم اليه وأصبح عضواً فيه. استعلم وأخبرني ان هناك نادياً موجوداً وسكرتيرته هي الآنسة لين هيوليت وعنوانها: شقة 12 كرانلي هوس، 23 شارع فارنينغا.
رفع حاجبيه وسألها:
-هذه انت بالمصادفة!
ضحكت لين وقالت:
-نعم أنا هي ويسرّنا ان نرحب بك في النادي يا استاذ يورك. يسرنا دخول أعضاء جدد. نحن نجتمع شهرياً في منزل رئيس النادي. يملك أجهزة ستريو وسماع الموسيقى من خلالها ممتع.
أخرج مفكرته من جيبه وسألها:
-متى تجتمعون للمرة المقبلة؟
-الخميس القادم.
-انني أريد الحضور. كيف اذهب لهناك؟
-الأفضل ان تحضر الى منزلي وتوقف سيارتك ثم آخذك بسيارتي وأعرفك على الجميع. هل يناسبك هذا الترتيب؟
-نعم.
-أنا عادة اصطحب ماري معي. سنذهب ثلاثتنا سوية. كين يذهب أيضاً بسيارته.
ثم نظرت اليه بخبث وقالت -أتمنى....
أنت تقرأ
كيف ينتهي الحلم الكاتبة: ليليان بيك
Romanceفي حياة كل منا لقاء اول. وهو احيانا كالسهم يصيب موضع القلب فيجرح بلا رحمة و احيانا كثيرة يطيش في الفضاء ولا يخلف الا ذكرى عابرة و مريرة او صدى معينا يتقلب في ليل العاصفة ولا سبيل الى الخلاص منه في معظم الاحيان..... كانت الانسة لين هيوليت تتساءل كثير...