(الوداع قد يفعل وقد يقال ولكننا في كلتا الحالتين به سنشعر )
احبى بعضهما.
و في تلك الليلة المقمرة صافية السماء كانت النجوم والقمر وكل ماهو غير بشري شواهد على ذلك الاعتراف.
سئلها باندفاع ودون سابق انذار "أ تقبلين بي زوجا لكي؟"
نظرت إليه للحظة وجيزة ليرتسم على فاهها شبح ابتسامة خجولة وتلى تلك الابتسامة بعد هنيهات ضحكة خفيفة اصدرتها تلك المسؤلة لتجيب بصوتها الهادئ والوقور "لقد غار القمر من حبنا ،ثم تسألني أ تقبلين بي زوجا لكي؟ ،حري بي الآن ان اسئلك أنا ذات السؤال،إذاً أتقبل بي زوجة لك ؟"
إبتسم كلا الطرفين لبعضهما ليبدأ كلاهما بالضحك مؤكدين بذلك موافقتها على هذا القرار المصيري الذي سيحدد جزءاً مهماً من حياتهما المستقبلية.
طرح عليهما ذات السؤال المكرر الذي ولسماعه المتكرر كنا قد مللنا منه "اتقبلين به زوجا لكي في السراء والذراء"
اجابة بسرعة "اجل"
ليعاد طرح السؤال ثانية على ذلك الواقف إلى يسار المسؤلة "اتقبل بها زوجة لك في السراء والذراء "
اجاب هو أيضاً بالمثل قائلاً "اجل"
ليدلي طارح الأسئلة ذاك بشهادته المنتظرة "والآن اعلنكما زوجا و زوجة "
مرة الايام وهما أيضاً قد فعلى المثل ومرى معها ولكن حدث ما حدث ف......." تحت مسمى الكرامة و الكبرياء أعلنا قرار الطلاق والفراق وهما عن قرارهما نادمان اشد الندم ولكن ولغرورهما المتعالي وكبريائهما الزائد عن حده ، لم يتنازلنا عن هذا القرار فآثرى كلماتهما الزائلة على حبهما الابدي الذي ومن الآن وصاعدا سيظل يعذبهما في كل لحظة وثانية قد تمر عليهما، هما مدركان تمام الادراك مدى فداحة خطأ هذا القرارالذي اتخذاه، ولكنهما وافق عليه تحت منطق واحد لم يفكرا أبداً ولو لمرة واحدة في صحته، كيف ذلك وقد عبداه طيلة سنين طوال ظن منهم انه سيعود عليهم بالفائدة في إحدى المرات وهذا المنطق وهو (كن على كلمتك حتى وان كانت خطأً وذلك حتى يدركوا انك شخص كفئ ) ولكن هيهات هيهات فلم يعد عليهما ذلك بالنفع إنما بالضرر المضاعف الذي سيدوم إلى ابد الآبدين، وسيظل يطاردهما طيف ذلك القرار الذي اتخذاه في ساعة من الغضب والانفعال حتى توافيهما المنية، والى ذلك الحين ستبقى الذكريات توزع الملح على جرح قلبهما المفطور في كل ليلة ومساء، لتذكرهما انهما ارتكبا خطأً فادحاً وكبيراً ،و أنه كان بإمكانهما اصلاحه لو استمعا الى بعضهما البعض دون شكوى او تذمر ، فكل ما احتجاه حينها لإصلاح ذلك الخطأ ثلاث اشياء فقط وهي ، مستمع صابر و بضع كلمات بسيطة يتم فيها شرح الموضوع وتفهم كلا الطرفين لحقيقة المعضلة وذلك حتى يتم ايجاد حل لهذه المعضلة يمكن ان يرضي كلا الجهتين المتخاصمتين ، ولكن ولإنحيازية الإنسان في الاستماع لنفسه قبل غيره في مدى مصداقية ماهية هذه الحقيقة التي رأها امامه ، فإنه يختار تصديق نفسه ويتجه لفتح المشكلة او (الموضوع الذي يسمى نقاشا) بالانفعال والغضب على الهدوء والرزانة ، وبذلك فإنه يتسبب في فتح نقاش يتحول الى مشكلة وتنتقل المشكلة بذلك الى مرحلة عويصة تتفاقم فيها وتتضخم لحد يجعلها خارجة عن السيطرة ،وهي في الاصل كانت مشكلة صغيرة تكاد حتى لا تسمى مشكلة بل تسمى نقاشا ،اتعرفون من اجل ماذا حدث هذا كله ؟ !! من اجل سبب ستجدونه تافه الى حد السخرية ان تمعنتم فيه او حتى ان لم تفعلوا ذلك ستدركون انه سبب يمكن ان يقال عليه اقل من تافه كل ذلك حدث لانمها لم يستمعا لبعضهما تحت مسمى الكرامة و الكبرياء وكما يقول احد الكتاب (أحياناً في بعض المواقف يكون في الخسارة و التنازل انتصار وأحياناً اخرى يكون في الانتصار وعدم التنازل خسارة) لذلك قبل البدء في النقاش الذي يسمى موضعا والذي أيضاً قد يتحول في بعض الأحيان لمشكلة تنتقل بنا لمرحلة عويصة صعبت الحل، يجب علينا تحكيم عقلنا واختيار افضل القرارات التي تكون في صالحنا وتعود علينا بالنفع والفائدة ، وان فعلنا ذلك قبل خوضنا لأي جدال فإننا لن نشعر بأي ندم إزاء ذلك .لماذا؟ ذلك بسبب أننا حاولنا اخذ افضل القرارات التي استطعنا التوصل إليها بعد فترة من التفكير بروية، وإن احاطنا بعض الندم فعلى الاقل سيكون لا شيء نسبة لذلك الندم الذي سيحيط بنا ان دخل في الموضوع من غير تفكير منطقي عقلاني وبعصبية حادة يغلبها الانفعال، ستودي بنا حتماً ولا محالة الى قرار الطلاق المباشر وذلك حتى دون النظر او التطرق الى احدى المحاكم المدينة او القبلية "
لقد وعدنا انفسنا بوعد زائف ذلك اليوم هذا ما كان يعتقدانه بعد اتخاذهما لقرار الطلاق.
بعد ان تطلقا ظل الندم يجتاح قلبهما في كل ثانية ولحظة قد تمر عليهما.
مرى الزمان وكبرى معه ليدركى شيئا فشيئاً فداحة هذا الخطأ اكثر فأكثر.
هما يريدان العودة ولكنهما لا يريدان التنازل فكيف يحدث هذا.
هو موقن انه يحبها ولكنه لن يسمح لنفسه بالتنازل .
هي مدركة لمدى حبه لها ولكنها لن ترضخ له.
هذا هو كل ما استطاعا مواساة نفسهما به.
لقد كذبى على نفسها لاجل شيء وهمي ليس له في الحقيقة اي مكان قد يستوطن به إلا في عقول بعض البشر الفارغة .
حيث كان امام الشرفة البيضاء يتلمس تجاعيد يده التي سببها له الزمان جاءه ذلك الخبر الذي نزل عليه كالقارعة.
لقد ماتت حبيبته التي احبها.
بدئ الندم يتخلل جسده بقوة وينهشه بطريقة مرعبة تدب في النفس الأسى والحزن الامتناهي على حال ذلك العاشق المكابر .
كان يشعر بالوجع والألم وذلك ،لعدم جلوسه معها في اخر لحظات حياتها ،لعدم حضوره لجنازة دفنها ،لعدم استطاعته مسك يدها في اخر لحظاتها ،لعدم حديثه معها ،لعدم مساندته لها في مرضها .
وهذا الندم هو اشد انواع الندم.
ظل يكابر حتى بعد مماتها وينكر تلك الحقيقة الموجعة فاخذ يقنع نفسه باكذيبه الواهية والتي هي منقذه الوحيد في نظره .
لم يعلم انه فقد نفسه معها بعد تلقيه لخبر موتها فهو وبعد أيام معدودة من مماتها مات لكثرة الندم الذي احاط به .ختاما
(قرار الطلاق ليس قرارا سهلا لكلا الطرفين أنا متأكدة من ذلك)
أنت تقرأ
(الوداع)(Farewell )
Short Storyقرارات خاطئة نأخذها على عجل لا ندرك مدى عاقبتها المؤلمة و الوخيمة إلا بعد فوات الأوان