وقفتُ صامتاً عند حدود مكتبي، حدّقتُ بصندوقِ البريد الذي أممته إليك منذ افترقنا ولا أزال أودعُ رسائلي فيه، يبدو بأني تماديتُ كثيراً في كتابتي إليكِ فقد امتلأَ صندوقك بشكلٍ فظيع حتى ما عاد بالإمكان أن يُغلَق، لم أدري عدد الرسائل التي يحتويها بشكلٍ دقيق؛ غير أني قرأتُ رقم إحداها يقول: الرسالة 718 أي أني بالتقريب أكتبُ إليك كلّ خمسة أيام منذ عشر سنوات.
كان الطابع الموحد لكل رسائلي خربشات من قلمٍ أحمر حتى شابهتْ الخربشة دماء مصلوب على قلمٍ من حنين، الحنين طاغٍ بعذابهِ يا أقحوان.
غريبةٌ هي مقاييس الحياة، أنا من قبلك لم أكن أميِّز زنبقة من فلَّة! واليوم أستطيع أن أميِّز الأقحوان من بين آلاف الأصناف.
تناولتُ رسالة قد تعتَّقتْ ورقتها وتجعدتْ خطوطي فيها إليك، إنها رسالة هرمة رقمها 217 أي أنها بتقديرٍ صحيح كانت في ثالث ربيعٍ افترقنا فيه، تقول الرسالة: "ما زالت الدنيا عليّ بشتاء وقد طال شتائي وامتدَّ على طولِ أعوامٍ ثلاث، الأقحوانةُ عند العرب هي زهرةُ الرَّبيع وربيعي سيستمرُّ في حدادهِ إذا لم تنبتي فيّ من جديد، في علم النفس أنت رمز البراءة يا أقحوان وقد تحوَّل العالَم منذ وداعنا الأخير لطفلٍ خبيث.. ناشدتكِ بالله أن تجدي وجذوركِ درباً لتربتي من جديد."
رميتُ بالرسالة بعيداً فعادتْ أدراجها بوزنها المهمل إلى درجي الثاني بعد أن ذكرتني مقدار قذارة الحنين.
بحقّ إن الحنين قذرٌ يا أقحوان.💜🌼
أنت تقرأ
غربة روح(حب)
Poetryكيف لوجهكِ البريء أن يضع كُل هذه النُدوباتِ في قلبي! -لابأس الساعة تجاوزت الثانية ليلاً! أستلقي على سريري كنقّالة موتى ،أحبُس أنفاسي أُحاول ألّا أُحدث ضجّة في المكان. الجميع نائم والكهرباء مقطوعة لايُؤسني سِوى الهواء الذي يُحرّك خصلات شعري. فقدتُ س...