قـِيثـَارَةٌ تَـعْـزِفُ الأَلَـم 💐

15 6 0
                                    

في زمن اليأس

한 번 여기 서 절망

☆☆☆                            ☆☆☆

سار بخطى حثيثة ليصل و خيوط الشمس تلتف ببعضها لتجسد لونا من الاشراق اشبه كلون حبة الدراق الناضجة تهيؤا لتعتلي الشمس في
عرشها السماوي ...
كانت الليلة هادئة باردةَ النسمات تسبب فعلا الارق
لشدة خفتها ...
تسهر راغبا في ملامسة البدر و نجومه التي تلمع بشدة
...
كم رغبتُ في ارتداء ثوب يشبهها ... ثوب ٍله زرقة الليل الادهم وله فصوص
ماسية كما النجوم ... يتصدرها عقد يتدلى منحنيا كما الهلال
...
سار بخطوات متزنة رغم شدة الانحدار

هو يريد ... و سيفعل ما برأسه لعله الصواب مستنيرا من غريزته
وصل الى احدى المنخفضات
... سَهلٌ من القمح يجب ان يعبره
كي يصل الى وجهته ...
خاض ذلك البحر الذي غطاه كليا ما عدا رأسه
لفظ انفاسه وهو يرى تلك القرية
التي تبعد عنه بعضا من الخطوات
...
كانت الحياة هنا قائمة على العمل
... و كان رب العمل المقاول الاول
"جَادٍ" تسير خرزاته ... حركاته وسكناته كما الساعة
لا يسمح بالتاخير او التاجيل
لاي سبب كان
لكن ... شيء ما يجعل البحر اللجي يضطرب ..
لن تكون الحياة هادئة ...
اصلا ما يجعلها حياة بحتة بالمعنى هو تلك الخلجات
ان لم نقل عواصف رعدية مهلكة

و لم تكن العواصف هي من تعكر صفو عملهم
كان السبب شيئا لن تفكروا فيه مطلقا
لم يستطيعوا مقاومة خشبة مهترئة
مربوطة بجوانبها خيوط اشبه باوتار من ذيل الحصان ...
يحملها شيخ عجوز يضرب باصابعه
على الوتر العتيق فيخرج لحن مميت
... يقابلهم كل نهاية موسم اي
قبيل انتهاء العمل فيهدم ما صنعوه
بايديهم ...
ياتي حينما ينتهي موسم البناء فيقترب
منهم كي يضع لمساته الاخيرة ...
يحمل سلاحه ليقول :
هذا البيت الجديد ... كان سيسكنه شابان طيبان
اااه
...كانا يخططان لقضاء وقت جيد بين زواياه
لكن ... ستكون تلك الاحلام مجرد وهم تخيلاه
ماتا بسبب ذنب لم يقترفاه
لكن الاساسات لم تكن صامدة بالشكل اللازم لتحمل طيش شبابهما
اااه كم من زهرة توليب رميت امام شاهد قبرهما
بعد ان كانت تزين رفوف نوافذهما...
بعد ان كان يعدها باحضار واحدة لها كل يوم يمر عليهما...
كيف نفرط بعمر هاتين الزهرتين الناعمتين
و الى متى "
يبث الشك في تلك القلوب الضعيفة من العمال
فيضطرون الى هدم تلك الابنية
... بل كل شيء يصنعونه
تسيطر كلماته الحزينة على تلك
الفئة المغلوبة على امرها
و تتخيل عقولهم المحشوة بالصوف
كما لو انهم في موضع مقارنة
يااه لم يستطع الاخير ثني العجوز عن
قول تلك الترهات و الخزعبلات
التي لا اصل لها ...
و القى خطبه العصماء على العمال
بل وحذرثهم من سماعها
...
ولكي لا يتاثر بكلامه عمد الى حشو اذنيه
بزوجين من القطن كي لا تتسرب الكلمات الى مخه
فينخدع بكلامه لكن دون جدوى
...
قدم الى تلك المدينة بعد ان سار لمدة قصيرة
... غريبة جدا
فمنذ ان دخلها و الامطار
لا تنقطع
... الكل يعمل .. الكل يعيش
كانت جملة منقوشة في يافطة حجرية عتيقة
اعطاها الخز هيبة وقدسية
كما لو انها قطعة اثرية في متحف
كانت بالقرب من بوابة البلدة
مر صاحبنا بتلك الازقة الواسعة و الابنية الكبيرة
صادف في احداها رجلا له ملامح متألمة
يمسك برأسه و يترنح بين خطوة واخرى
كان وضعه متأزما
لم يكن صداعا عاديا او حتى مجرد ضربة شمس
فقد ارفق ذلك بصراخ حاد :
آپيسيوتيتا اللعين
و

سرعان ما انهارت قواه ليجثو على ركبتيه
فاقترب منه الاخير وربت على كتفه
قائلا :
هل انت على ما يرام
رفع الاخر رأسه ليرى تلك الطاقة الكبيرة المنبعثة منه
يحمل كاريزما خاصة
به هدوء كبير تطمئن له بسرعة
نعومة و خفة
متناقض ولكنك لا تنكر انه قد
خلق لمعنى ... لم يخلق عبثا
اخافته الهالة المنبثقة منه
فارتد للخلف و سقط ارضا مرتكزا
بذراعيه ...
:اطمئن ... لن يصيبك سوء
ساعده على النهوض
ثم سأله مجددا عن حالته
الغريبة :
اشعر بالسوء ... ظننته مجرد اجهاد العمل لكن
... يتكرر كلما اتى
عقد الاخر حاجبيه ليسأل :
من تقصد ؟ من الذي يأتي ؟
: انه آپيسيوتيتا ... يأتي كل موسم ليقوم
بالتخريب .. عجوز شرير
: ولما قد يفعل هذا
: مجنون حسود ... اشك بقدراته العقلية
انا لا اعرف سببا واضحا غير انه
عبيط مختل
: غريب امره ...
وهل ما زلت تشعر بالالم
: اجل ..
انها كاللعنه لا تتوقف عن الصداع
وضع يده على قفاه
ثم اغمض عينيه
وتمتم بكلام غامض
تفاجئ الاخير من حركته الغريبة ثم
صرخ من الالم
بعدها سحب يده وقد
هدءت انفاسه:
ماذا ؟ هل انت بخير الان ؟
: واااه ...
لقد خف شيئ منه لكني بخير ...
انا ممتن جدا لك

: هل يمكنني طلب شيء
: بالتأكيد .. انا تحت طوعك
: هلا دللتني على قائدك ...اعني الشخص الذي تعمل عنده
: اووه ... حسنا .. مع انه صعب جدا الا انني سابذل جهدي
ما رأيك ان تتبعني
استقل الاثنان احدى العربات ... و ربض كلاهما فوق القش
في بداية الامر نزع الاخير  ازاره وبسطه
ليجلس صاحبنا فوقه
لكنه رفض الامر باشارة منه
: لا داعي لهذا
: ولكنني اخاف ان تتسخ ملابسك او تتمزق
: لا تقلق علي فانا معتاد على النوم عليه
وهو خفيف و لا ضرر منه
... كما ان الامطار تتهاطل و الجو غير مناسب
لتنزع فيه ثيابك
...
وصل كلاهما الى المكان الذي يفترض ان يعملوا فيه
فوجد تلك الابنية المتهاوية و الزرع الفاسد
وعندما رآى تلك الاماكن الخربة
لم يتوقع ان يكون العجوز
رجلا عاديا
كما لو ان لديه شيئا غير طبيعي
ثم لمح رجلا بهيئة مختلفة و هالة غريبة ينادي وهو مغطى بالتراب
:       هات المعول و الفأس وتعال الى هنا
عقد صاحبنا عن حاجبيه وسأل من كان معه :
من هذا الشخص
ابتسم الاخير ليقول :
هذا هو المقاول الاول جـاد ... الشاب الذي اعمل عنده
وسع حدقتي عينيه و اكتفى برمقة اعجاب :
اووه ... يبدو بحالة نشاط فضيعة
: اجل فهو كبير الصناع في بلدتنا ... وهو طول الوقت يعمل ولا يتوقف
الا للراحة
:جيد
اتجه صاحبنا نحوه وهو يتمنى ان تؤول الامور على خير
..☆..

في زمن اليأس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن