٥- انْشـِغَال

57 9 33
                                    


" وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا "

••••••

" يالله ! "

اتعدلت جالسة فى فراشها ، مضت ثلاث ساعات و ها هى لم تستطع النوم إلى الآن ، رفعت الورقة أمام ناظريها ، قرأت الأبيات و اسمَه اللذان يُزيلان الورقة ثم تنهدت ، من أين ظهر هذا الفتى لها ! ، لما لا تستطيع النوم الآن !

' بهذا الوضع ستغفين فى فصلِ الأحياء و تحتجزين بعد المدرسة '

و ذلك التنبيه من عقلها جعلها تزفر بغضب ، ألقت الورقة على الأرضية بقوة ثم فتحت أحد أدراج الطاولة بجانب الفراش ، التقطت حبَة منوم من العُلبة و سُرعان ما ابتلعتها تلاها شُربها لكأس الماء الذى من عادتها وضعه على الطاولة قبل النوم

القت برأسها على الوسادة و نظرت إلى سقف الغرفة ، فى انتظار مفعول الحَبة

كانت تخاف عدة أشياء و أسوأها أن يُحبها أحدهم فيتعلق مزاجه بمزاجها السئ ، أن ينتظرها أحدهم لكى تُبادله المشاعر فتُصدم بأنها غير قابلة للشعور بأى شئ

كانت تعلم أن هناك أسوار جليدية حول قلبها ، لكنها خافت أن يكون وقت الذوبان قد حان ، لذا ظلت تنكر مرارًا و تكرارًا امكانية أن يكون ذلك الفتى يُحبها ، لا انه لا يفعل و لن يفعل ، هي غير قابلة للحب ، حينما وصلت لتلك النقطة كان عقلها قد استسلم لمفعول الحَبة .

بعثر خُصلات شعرِه السوداء و هو يتذكر ضحكتِها على توتره ، حماسِها و فضولِها حيال رسمتِه و أخيرًا نظراتِها المدهُوشة للورقة

لم يستطع الوقوف و النظر لها حينما رأها تُطالع الرسمة ، لاذ بالفرار كما يفعل دومًا ، يُفضل الانسحاب حينما يتعلق الأمر بها ، بها هى وحدها ، إنه فقط أمر مُشتت ، لا يمكنه مواجهتها ، لا يمكنه فقط اخبارها أنه يهتم ، يحب و يُدمن تفاصيلها الصغيرة ، لا يستطيع و لا يعلم السبب

شئٌ بها ، بنظراتها يشتته و يبعثر رجولته إلى آلاف القطع ، كيف تُحييه بنظرتها و تقتله بـرَمشِها لعيناها ، كيف ذاك التناقض التام فى المشاعر !

كيف يقترب بغرض حمايتها حينما يستشعِر ضعفها فيتراجع متفاجئًا بقوة حضورِها !

ليته فقط يستطيع البَوح لها عن مدى تأثيرها التام عليه ، ليتَه ..

ترجَل عن فراشِه يتمشى بقدميه على أرضية الغرفة ، تحسس طريقَه في ظلام الغرفة الدامث ثم أضاء الأنوار الخافِتة ، كانت غرفتَه منظمة كما هي عادتهُ ، وقعت نظراتِه الداكِنة على أحد الجُدران

الثَـانـِى مِـنْ مـَـايـُو | Second Of Mayحيث تعيش القصص. اكتشف الآن