[ مجرد خشب ]

🌸 Part one : مرارة الصدمة 🌸

رفع الجالس يده ببطئ ليمسح عرقا غطى جبينه. كان فتى في بداية عشريناته غالبا، طويل القامة، نظيف الملبس، ملامح وجهه بها من الجمال الكثير، لكن الحزن أخفاه و طمسه. على خديه غمازتان غائرتان ظهرتا حين مط شفتيه في خط مستقيم تعبيرا عن استيائه.

تنحنح قبل أن يتحدث بصوت عميق :
"مرحبا أيها الكرسي"
وددت لو أجيبه
"أتعلم كم أن الحياة قاسية؟"
وددت لو أملك رأسا لأحركه بالإيجاب
"قاسية لدرجة أنني لا أجد من أشكيه همي، لا أحد سوى كرسي مهترئ في الشارع"
مهترئ؟
"لكنني رغم ذلك سأحكي لك كل شيء. لا أستطيع إبقاء الحزن داخلي، لقد تعبت كثيرا، حد الموت"

صمت لوهلة قبل أن يكمل:

"كنا سبع أطفال، كبرنا معا كإخوة و تشاركنا ما يصعب وصفه بالكلمات. كلما عصفت الأقدار بأحدنا هب الستة الباقون لنجدته. كان هذا قبل أن تبدأ الخطوب بالتتالي ضدنا، لتردينا أشلاء و بقايا بشر."

تنهد بعمق، أشفقت عليه.

"بدأ كل شيء حين كنا مجتمعين على مائدة الطعام في مطبخ يونغي، نتجاذب أطراف الحديث و نتناقش في مواضيع تافهة حينا، و غاية في الأهمية حينا آخر. اتصل والد كوك و طلب منه الحضور حالا. كان كوك أصغرنا، و أبواه سمتهما الجدية و الصرامة، لذا لم يكن يقضي معنا وقتا طويلا. ذهب و غاب لساعات قبل أن يعود، بنظرة غائرة و عينين شديدتي الاحمرار. كان كتفاه منخفضين و شفتاه مزمومتين بألم. رفع رأسه و قال : "شباب، ربما سأموت"
استغربنا من كلامه، أردنا أن نمزح و نحيله نكتة كما اعتدنا أن نفعل، لكنه كان يبدو جادا، لذا سحبناه للداخل، و أجلسناه على الأريكة بينما ذهب جيمين ليحضر له كأس ماء. "

سكت مجددا، لا بد أنه متعب كثيرا.

"لم يفهم أحدنا ما يحصل، و هوسوك بدأ يرتعد خوفا. قررنا أن ننام معا، حتى نحمي بعضنا البعض و نمد إخوتنا بالدفئ. لم أنم ليلتها، لذا حين قام كوك من فراشه فجرا، أمسكت ذراعه مانعا إياه من الحركة. استدار نحوي، عيناه كانتا حمراوين، ارتعدت أوصالي لأفلته و يرحل خارجا من البيت.
كان يجب أن أتبعه حينها، أن أنقذه قبل فوات الأوان. لكنني لم أفعل."

بدأ صوته بالارتعاش، لا بد أنه يريد البكاء.

"بعد ساعتين اتصل والده ليخبرنا أنه مات في حادث سيارة، ووصلتني رسالة في هاتفي تقول :
"هذه البداية فحسب، احذر أو لا تفعل، لن يعيش أحد على أية حال"
و اختفت الرسالة و الرقم فور إنهائي لها"

انه يبكي الآن...

🌸🌸🌸
الجزء الأول ! رأيكم؟ أتمنى أن يروقكم ! ❤
ستكون قصة قصيرة، لن تطول الأجزاء غالبا عن 500 كلمة