🌸 Part two : سيجارة 🌸

67 13 7
                                    

توقف الفتى عن الحديث تماما، ينظر بعينين زائغتين أمامه حيث تغرب الشمس في منظر خلاب، السماء تعلوها ألوان عديدة من الأحمر للبنفسجي، و القرص الملتهب تمتصه الأرض و تسحبه ليغرق بين ثناياها.
كان الجو جميلا هادئا، لكن قلب الفتى لم يكن كذلك. أحسسته بنبضاته المتسارعة بينما تهتز أقدامه بخفة معبرة عن التوتر.

"لم يبق سوى أنا و هو. أخبرته أن نلتقي هنا اليوم"

أنا كرسي، لا أملك وسيلة لسؤاله و تبديد الفضول الذي اعتراني. لذا اكتفيت بالجمود في انتظار أن يكمل ما بدأ.

"لقد تأخر على غير عادته، لم يسبق أن فاته موعد"

صمت مجددا.

"ربما أصبح يكرهني بعد كل ما حدث؟ لا أعلم لماذا، لكن شعورا بالذنب يثقلني."

مد جسده علي، و توسد يديه الباردتين، و عيناه لا تفارقان منظر المغيب.

"بعد موت كوك، ابتعدنا عن بعضنا لفترة، ليحاول كل منا تجاوز المحنة بطريقته الخاصة. أكثر من تألم منا كان يونغي . رغم ما يظن عنه الناس من برودة و جمود، إلا أنه طيب القلب مرهف الإحساس، و قد كان صديق كوك المفضل. كان يونغي يحب العزف على البيانو بينما كوك يصاحبه بغنائه الهادئ، و كانا دائما يجلسان جنبا إلى جنب كلما اجتمعنا. كطريقة لتجاوز ألمه، لجأ يونغي إلى التدخين. علبة بعد أخرى، زاد صمته، و صعب علينا إعادة إدماجه بيننا. كان يتهرب من المواعيد، و يحاول جاهدا تجنب لقائنا. حتى أتى ذلك اليوم"

تقلب في مكانه ليصبح وجهه مقابلا للسماء، غابت الشمس منذ مدة و ظهرت النجوم في كامل بريقها.

"كنت جالسا قبالة حاسوبي ليلا، كانت الساعة الحادية عشر بالضبط. سمعت رنين هاتفي، كان يونغي يتصل. أجبته فرحا فقد افتقدته جدا. لكنه تمتم ثلاث كلمات : " لا أستطيع الاستمرار" و أقفل هاتفه. و كما حدث مع كوك، انتظرت بضع ساعات قبل أن يتصل بي جيمين باكيا، ليخبرني أن يونغي انتحر بعد أن رمى نفسه من نافذة غرفته"

تنهد مجددا، هذه المرة لم يبك.

"لكننا لم نحضر جنازته، و لم نر جثته، و لم نعلم شيئا سوى مكان دفنه، المكان الذي زرناه بعد أسبوع معا لنضع زهورا عليه، المكان الذي جثا فيه هوسوك على ركبتيه ينتحب. و قد كانت تلك آخر مرة أراه يبكي فيها"

تنهد مجددا، يا ترى كم مضى من الوقت على حمله لهذا الأسى دون البوح به لأحد؟

"آخر مرة أراه فيها"

[ مجرد خشب ]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن